18
«نبض الخليج»
مدار الساعة – إبراهيم السواعير – عليك وأنت تتهيأ لدخول المدرج الجنوبي في مهرجان جرش، في حفلة الفنان السعودي الشهير خالد عبدالرحمن أن تكون حافظًا لأغانيه، وأن تستنفر كل جوارحك وتفاصيلك في الغناء لهذا الفنان ومعه؛ وهذا ما حصل في ليل الخميس المضاء بالموبايلات والأحاسيس الصادقة لـ”طفل” ملأ المدرج رونقًا ودهشةً وتلقائيةً واستنفر كل طاقته؛ لدرجة أنّ يديه كانتا تغنيان وتلحّنان، بل كانتا بمثابة جناحين لو أمرهما لطارا به إلى حيث “أبو نايف” على المسرح، الذي كان بالفعل قمرًا تزدهي حوله النجوم.
هكذا وصف متابعون وحضور جاءوا من كل أنحاء الأردن وقراه وبواديه ومخيّماته وأحيائه، ومثلهم ضيوف وجاليات عربيّة وخليجيّة وسعوديّة، وهم يرددون أغاني هذا الفنان من قبل ومن بعد؛ في سياراتهم وفي شرودهم في لحظات جميلة يقتطعونها من العمر للعيش في تفاصيل التفاصيل…
الطفل الشغوف بالفنان خالد عبدالرحمن، ينتمي لقبيلة “بني حسن”، إحدى قبائل الأردن التي نشأت بالفطرة على أغاني المملكة العربية السعوديّة ومدارس الطرب المتنوعة فيها؛ فكانوا بحقّ شركاء لهذا الفنان في كل ما يبعث في الذاكرة من جيوش التخيلات والرومانسية البدوية والشعبية العذبة الأصيلة النابعة من تراثٍ عريق..
حفلة خالد عبدالرحمن المشهودة كان الجميع فيها ينطلق بآهاته وأشجانه؛ وقد دارت في رؤوسهم حمّى الغناء وروعة الألحان والموسيقى في كلّ أغنية اختبروا بها عاطفتهم “من زمان”، وذكّرتهم بمحطات رائقة من الأيام الخوالي؛ حيث الغناء وسيلة الروح للتجليات خارج إطار الزمن والمألوف..
لكنّ اللافت أنّ هذا الجيل أيضًا كان شغوفًا بالفنان خالد عبدالرحمن ويغني معه، ولو أتيح لجيل ما بعد الألفية وعصر التواصل الاجتماعي لاصطفّوا حول فنانهم المحبوب على المسرح يرددون الأغاني ذاتها، فينافسونه في تجلياتها ويتناوبون معه فيها؛ إذ كانت مفردات الهجر والظمأ والسراب والنسيان والفراق ونداءات الشوق جواز سفر الفنان لقلوب العرب والأردنيين.
“لا تعتذر”، ومثلها العديد من الأغاني استطاع “أبونايف” أن يخلق بها مساحات من الفرح والأشجان، وأن يطلق طيورًا من الشوق وأسرابًا من العتاب الشفيف في فضاء المسرح وأجوائه التي أضاف إليها بهجةً حضور العلم السعودي؛ تعبيرًا عن التقدير الكبير للفنان و”المملكة” وتراثها الغنائيّ الأصيل..
“مدار الساعة” جالت عدستها المدرج الذي امتلأ عن بكرة أبيه؛ فكان الحضور ما بين جلوس ووقوف، ينتظمون في دفقات تلقائيّة ليست بحاجة إلى من ينظّمها، وترسم أيديهم وأذرعهم في سماء المسرح قصصًا من وجدان الفنان الذي فتح نافذةً بل نوافذ على أشجان لا تنتهي؛ مؤكدًا أنّ السعودية بلد ولادة بالطرب الأصيل..
سيكولوجية الجمهور متنوع الشرائح تقول إنّ الناس معبأة بالعاطفة، وعلى قبول لما يجدد فيها ما تأجّل من المشاعر والأشجان، وهذا واضح في هذه الحفلة الرائعة للفنان خالد عبد الرحمن التي كرّمه فيها وزير الثقافة مصطفى الرواشدة، بحضور مدير عام المهرجان أيمن سماوي، فكان التكريم ختامًا لحفلة ناجحة بامتياز..
وهكذا يفعل الطرب الأصيل بأصحابه الذين تجلّوا مع روائع الفنان، مما دخل نفوسهم واستوطن فيها منذ زمن بعيد..
أمّا الفتى الذي ظلّ يغني منفعلًا بكل تفاصيله، فكان بالفعل “ترند” لأردني يحمل عذوبة النفس الأردنية وصداقتها العريقة مع الفن والغناء..
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية