11
«نبض الخليج»
مدار الساعة – تُعدّ الصحراء، بجمالها الساحر وتحدياتها القاسية، خلفية مثالية للعديد من الأعمال السينمائية الخالدة، إلا أن التصوير فيها ينطوي على تعقيدات تقنية وفنية جمة. في هذا السياق، يتحدث المخرج مصطفى أحمد عناد لـ “مدار الساعة” عن فن التصوير الصحراوي، مستلهمًا تجربته من الفيلم الأيقوني “أسد الصحراء” (عمر المختار) للمخرج الراحل مصطفى العقاد، الذي يُعدّ نموذجًا فريدًا في هذا المجال.
يُؤكد عناد أن التصوير في الصحراء ليس مجرد نقل للمناظر الطبيعية، بل هو عملية فنية دقيقة تتطلب فهمًا عميقًا للضوء، المساحة، والظروف البيئية المتغيرة. يقول: “عندما نتحدث عن فيلم بحجم ‘عمر المختار’، فإننا نتحدث عن ملحمة ليس فقط في السرد، بل في كيفية تجسيدها بصريًا في بيئة قاسية كصحراء ليبيا الشاسعة.”
أسرار سينمائية من قلب الصحراء:
يُسلط عناد الضوء على بعض الأسرار التي جعلت من “عمر المختار” تحفة بصرية، خاصة في تصوير المعارك والمشاهد الجماهيرية:
* التحكم بالضوء الطبيعي والاصطناعي: رغم سطوع شمس الصحراء، يشير عناد إلى أن الفيلم استخدم الإضاءة الاصطناعية ببراعة لخلق تأثيرات درامية، وإبراز التفاصيل، وتحقيق التوازن البصري المطلوب في المشاهد المفتوحة، وهو تحدٍ كبير يتطلب خبرة عالية من مدير التصوير جاك هيلديارد.
* التوقيت الدقيق للمشاهد الصعبة: يوضح عناد أن مشاهد الانفجارات والمعارك الضخمة في الفيلم تطلبت توقيتًا شديد الدقة لضمان الواقعية والسلامة. فكل انفجار في الرمال كان يُنفذ في لحظة محسوبة، مع ضمان عدم تناثر الصخور أو المواد الخطرة على فريق العمل أو الخيول، مما يعكس مستوى احترافية غير مسبوق في ذلك الوقت.
* التعامل مع تضاريس الصحراء: “الصحراء ليست دائمًا مستوية كما تبدو،” يقول عناد. فالفيلم نجح في تصوير مشاهد حركة سريعة، حتى تلك التي تتضمن كاميرات مثبتة على سيارات تسير بسرعات عالية (مثل 45 ميلًا في الساعة)، مع الحفاظ على استقرار الصورة وواقعيتها، وهو ما يتطلب تخطيطًا دقيقًا ومعدات متطورة.
* دمج الممثلين في البيئة
يذكر عناد كيف استعد الممثلون، وعلى رأسهم أنتوني كوين (عمر المختار)، للعيش في لباس الصحراء التقليدي لمدة شهر قبل التصوير ليتعودوا عليه، مما أضفى مصداقية استثنائية على أدائهم واندماجهم مع الشخصيات والبيئة.
* ضخامة الإنتاج واللوكيشن: تم تصوير الفيلم في مواقع قريبة من الأحداث الحقيقية في صحراء تبعد حوالي 64 كيلومترًا عن بنغازي، بالإضافة إلى الواحات والجبل الأخضر في شرق ليبيا. هذه الضخامة، التي شارك فيها نحو 250 ممثلًا من جنسيات مختلفة وأكثر من 5000 كومبارس، تطلبت لوجستيات هائلة وميزانية بلغت حوالي 35 مليون دولار بتمويل من الزعيم الليبي معمر القذافي.
يختتم المخرج مصطفى أحمد عناد حديثه لـ “الساعة” بالتأكيد على أن “فيلم ‘عمر المختار’ ليس مجرد قصة بطولة، بل هو شهادة على الإبداع السينمائي في تحدي الظروف الطبيعية وتحويلها إلى جزء لا يتجزأ من السرد البصري. أسرار التصوير في الصحراء تكمن في المزج بين الرؤية الفنية العميقة، التخطيط المحكم، والقدرة على تحويل التحديات إلى فرص لإثراء التجربة السينمائية.”
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية