9
«نبض الخليج»
مدار الساعة كتب الشيخ شهاب مضفي ابووندي –
ما أوقح الأقزام حين يتطاولون على القمم، وما أتعس الحقراء حين يرفعون رؤوسهم في وجه الشمس، وهم يعلمون أن وجوههم لا تحتمل النور. أولئك الذين يشككون في الأردن، وفي مواقفه، وفي قيادته الهاشمية، لا يمثلون إلا سقط المتاع من الفكر والخلق، وهم أبعد ما يكونون عن الفهم، وأقرب ما يكونون إلى الحقد الأعمى الذي يعمي البصائر ويطمس الضمائر.
أيها المشككون، اعلموا أن أصواتكم النشاز لا تُسمع في حضرة الموقف، ولا قيمة لهمسات الخذلان في حضرة الرجولة. أنتم تنبحون في الفراغ، وتصيحون في ظلال الوهم، أما الأردن، فيسير بثبات، يعلو على الجراح، ويعلو فوق حطام ألسنتكم المسمومة.
جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، حفظه الله، ليس بحاجة إلى شهادتكم، فهو رمز للهيبة في زمن التردد، وصوتٌ للحق في زمن الصمت، ورجلٌ وقف وحيدًا أحيانًا، لكنه وقف دائمًا. حمل فلسطين في قلبه، والقدس في ضميره، والأردن في عقله وروحه، فما ضعف، ولا تردد، ولا باع، ولا ساوم.
كيف لمليكٍ وقف شامخًا في الأمم، وواجه الخصوم بثقة، ونادى بالمقدسات بملء صوته، أن يُطعن في نواياه من صغارٍ لا يفقهون معنى الرجولة؟ كيف لملكٍ يُقدّم مصالح شعبه وأمته أن يُشكّك فيه من لا يعرف من الوطنية سوى كراهية الوطن؟
أما أنتم، فإنكم في كل صرخة تشكيك تنزعون عن أنفسكم بقايا الكرامة، وتثبتون أنكم غرباء عن هذا الوطن، لا تعرفونه، ولا تعرفون أهله. ألا تعلمون أن هذا الوطن صُنع من الشهداء؟ من دماء الجيش العربي؟ من عزيمة النشامى؟ ألا تدركون أن كرامتنا نحتناها في معركة الكرامة، وثبّتناها في جنين، وبسطناها راية عزٍ في القدس وسائر ثرى فلسطين؟ كيف تسمحون لأنفسكم أن تنطقوا باسم الأردنيين، وأنتم لا تعرفون عنهم إلا أوهام حقدكم؟
إن الأردنيين الشرفاء، الصادقين، الأوفياء، يشبهون في شموخهم جبال بلادهم، جبال الطف والنقب وعجلون والشراه، لا تهزهم العواصف، ولا تنال من صمودهم المحن، ثابتون كما الصخر، شامخون كما القمم، جذورهم ضاربة في الأرض، وقلوبهم معلّقة بالسماء. فكما لا تنحني الجبال، لا ينحني الأردني، ما دام في صدره نبض، وفي عينيه ضوء، وفي روحه بقايا حياة.
وإن الأردن بقيادته الهاشمية الماجدة، لن ينحني ما دامت في الروح بقية، ولن يُثنى له عزمٌ ما دام في هذا الشعب نبض، وما دامت في الذاكرة معارك المجد، من الكرامة حتى القدس. هذا الوطن لا يبيع ولا يُشترى، لا يخون ولا يخاف، لا يساوم ولا يلين.
وإن كنا نفاخر بمليكنا، فإننا نفاخر كذلك بدرع الوطن وسياجه المنيع؛ القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، أولئك الرجال الذين لا ينامون إلا والعين على الوطن، واليد على الزناد، والروح معلّقة بترابه. إنهم أبناء الكرامة، وحماة الاستقلال، وسدنة الأمن، ومنارات الشرف.
وإنّا لنقف وقفة فخرٍ واعتزازٍ برجال حملوا الراية ذات يوم، وأدّوا الأمانة بكل صدقٍ وشرف، ثم سلّموها لجيلٍ جديد، وهم اليوم جنودٌ للحق في مواقعهم المدنية، وركنٌ متين في الجبهة الداخلية… إنهم المتقاعدون العسكريون، الذين لم يتقاعدوا من حبّ الوطن، ولم تنزع عنهم البزّة العسكرية انتماءهم الصادق وولاءهم الراسخ، بل ظلّوا حراس القيم، وسفراء الشرف، وذاكرة المجد الممتدة من معارك الحدود إلى ميادين البناء. هؤلاء الرجال الذين قاتلوا على الثغور، ووقفوا بصلابة في لحظات المصير، ما زالوا اليوم يقاتلون بالحكمة والخبرة والكلمة والموقف، ويشكّلون الضلع الثالث في مثلث الأمن الوطني إلى جانب الجيش والأجهزة الأمنية. إنهم الشهود على مراحل البناء، والصوت الصادق في ساحات الحوار، وذخيرة الوطن حين يشتدّ الخطب ويعظم البلاء.
ونفخر بأجهزتنا الأمنية الباسلة، بقيادة مديرية الأمن العام، ذراع الأمن والاستقرار، وجناحيها: الدرك، حراس النظام وحماة المؤسسات، والدفاع المدني، ملائكة الرحمة في لحظات الخطر، وأبطال الإنقاذ في أزمنة البلاء.
كما نرفع رؤوسنا برجال دائرة المخابرات العامة، فرسان الحق، درع الوطن الخفي وسيفه المصلط في وجه الخطر، عيون الوطن الساهرة في ليله ونهاره، حُماة الجبهة الداخلية، وسادة المعلومة، وأصحاب الإنجاز الصامت الذي لا يُقال… بل يُحسّ.
هؤلاء جميعًا، يعملون في ظل قائدهم الأعلى، سيد الرجال، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، الذي لا يهنأ له بال إلا وقد اطمأن على الوطن وأهله، ولا يرتاح له جفن إلا وهو يرى الأردن في طمأنينة وأمان.
هؤلاء الأبطال ينجحوا في مهمتهم النبيلة لأن ظهيرهم الأمين وسندهم المكين: الشعب الأردني العظيم، هذا الشعب الذي يحمل الوطن في قلبه، ويشدّ على يد جنده، ويقف درعًا خلف مؤسساته. هو الشعب الذي إن نادى الوطن لبّى، وإن دعا الواجب لبس البندقية قبل أن يلبس المعطف، وإن شعر بالخطر، صار هو الجيش وهو الأمن، وهو الساتر، وهو الحصن.
الشعب الأردني ليس جمهورًا يتفرّج، بل جيشٌ رديف، وصوتٌ عاقل، وضميرٌ يقظ، يرفض الإشاعات، ويحتقر المشككين، ويكسر أبواق الفتنة بنخوته، ويحمل شرف الدفاع عن الوطن كما يحمل اسمه بفخر لا يلين. إنه الأردني الذي يقاتل بالكلمة والموقف، كما يقاتل بالسلاح إن دعا الداعي، وشعاره: وطنٌ لا نحميه، لا نستحق العيش فيه.
إن الأردن ليس وطنًا كغيره؛ بل هو راية شرف، ودولة مواقف، وصوت الحق العربي حين يخفت الصوت، وهو في طليعة المدافعين عن القيم حين تسقط الأقنعة.
فمن أنتم؟ من أنتم حتى تتكلموا عن الملك؟ عن الوطن؟ عن الأردنيين؟ عن الجيش؟ عن رجال الأمن؟ عن الشعب؟ أنتم خارج الزمان، وخارج المكان، وخارج الوجدان. كلماتكم لا تهز جبلاً كجبل الأردن، ولا تزعزع عرشًا أقامه الهاشميون على المحبة والعدل والحق.
نحن الأردنيون، لا نطلب من أحدٍ شهادة، ولا نترجى رضا الحاقدين، نحن أبناء من قاتل في اللطرون، ومن صمد في القدس، ومن ارتقى شهيدًا على ثرى فلسطين، ومن قال في وجه الظلم: نحن هنا، ولن نغيب.
ولتعلموا، أن الأردن ليس لحظة ضعف، ولا مشروع مساومة، بل هو وطن لا يقبل القسمة ولا الانكسار. بلدٌ إن طعنه الجاحدون، ردّ عليهم بالحكمة أولًا، وبالكرامة دومًا، وبالعزم دائمًا.
فلتخرس ألسنتكم أيها المرجفون،
وليمُت غيظًا من في قلوبهم مرض.
هذا الأردن سيبقى عاليًا، بقيادته، بشعبه، بجيشه، بأجهزته الأمنية، بشرف مواقفه،
ولن يُنزل رأسه أمام كائنٍ من كان.
حفظ الله الأردن قلعةً حصينة،
وحفظ مليكه المفدى عبد الله الثاني،
وولي عهده الشجاع الحسين بن عبد الله الثاني،
وجيشه المصطفوي العربي الباسل،
ورجال أمنه وفرسان حقه،
وشعبه العظيم الذي هو السور والسيف،
وجعل من هذا الوطن شوكةً في حلق كل مشككٍ وحاقد.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية