جدول المحتويات
كتب: هاني كمال الدين
أعلنت السلطات الصينية حالة الطوارئ في بكين بسبب سيول بكين الكثيفة التي بدأت تضرب العاصمة منذ يوم 24 يوليو، حيث سجلت العاصمة الصينية واحدة من أعنف موجات الأمطار في تاريخها الحديث. ووفقًا لما نقلته وكالة أنباء “شينخوا”، فإن وزارة الموارد المائية الصينية رفعت درجة التأهب إلى المستوى الطارئ، محذرة من فيضانات مدمرة وانهيارات أرضية تهدد حياة السكان في العاصمة ومحيطها.
تدفق تاريخي للمياه في خزان “مييون” وتحذيرات من الكارثة
في خطوة تعكس خطورة الوضع، كشفت الوزارة أن خزان “مييون”، أحد أبرز المنشآت المائية في شمال شرق بكين، سجل تدفقًا مائيًا هو الأكبر منذ تأسيسه عام 1964. وتشير التقارير إلى أن الخزان، الذي يقع في ضواحي العاصمة، استقبل كميات غير مسبوقة من المياه في وقت زمني قصير، ما يعزز المخاوف من فيضانات مدمرة تهدد المناطق السكنية المحيطة.
وطالبت الوزارة جميع السلطات المحلية في بكين والمقاطعات المجاورة بتعزيز عمليات مراقبة السيول والفيضانات، وإبلاغ السكان بالتحذيرات اللازمة بشكل فوري ومنظم، لتفادي الخسائر في الأرواح والممتلكات.
ضحايا ومآسٍ بشرية تحت أمطار لا تتوقف
المأساة لم تتأخر في الظهور، حيث أودت سيول بكين بحياة شخصين على الأقل حتى الآن، فيما تم إجلاء آلاف السكان من منازلهم التي غمرتها المياه. المشاهد من ضواحي العاصمة، خصوصًا في الأرياف والمناطق الجبلية، تنذر بخطر متفاقم، إذ تتحول الشوارع إلى أنهار جارفة، وتتعطل شبكات الكهرباء والاتصالات.
السلطات الصينية حذرت من خطر الانهيارات الأرضية والانزلاقات الطينية، خصوصًا في المناطق الجبلية، وهو ما يزيد من صعوبة عمليات الإغاثة ويهدد بارتفاع عدد الضحايا.
ثلاث مناطق تتصدر المشهد الكارثي في محيط العاصمة
وفقًا للتقارير الرسمية، كانت مناطق فوبين ومييون ومدينة باودين من بين أكثر المناطق تضررًا من سيول بكين:
-
فوبين: سجلت معدلات هطول قياسية بلغت 145 ملم من الأمطار في ساعة واحدة فقط، وهو ما أدى إلى شلل كامل في الحركة وقطع الطرقات الرئيسية.
-
مييون: تم إجلاء أكثر من 3000 شخص بسبب تزايد منسوب المياه، مع تسجيل انقطاع تام في التيار الكهربائي وخدمة الاتصالات.
-
باودين: شهدت هذه المدينة، التي تبعد عن بكين نحو 140 كيلومترًا، كارثة مطرية غير مسبوقة، حيث بلغ معدل الهطول 540 ملم خلال ليلة واحدة فقط، وهو ما يعادل المعدل السنوي الكامل للأمطار في المدينة. وقد تضرر نحو 46 ألف مواطن، وتم إجلاء 4655 شخصًا إلى مراكز الإيواء.
الإنذار الأحمر: هل تكون هذه بداية أزمة بيئية أوسع؟
مع استمرار سيول بكين، أطلقت السلطات إنذارًا أحمر وهو أعلى مستوى إنذار في نظام الطوارئ الصيني. الخبراء حذروا من أن هذا الحدث قد يكون مؤشرًا لتغيرات مناخية أكثر تطرفًا ستشهدها البلاد في المستقبل القريب، خصوصًا في ظل ارتفاع درجات الحرارة العالمية واختلال أنماط الطقس في آسيا.
وفي هذا السياق، دعت الحكومة الصينية إلى تعزيز البنية التحتية لمواجهة التغيرات المناخية، وتحسين أنظمة الإنذار المبكر وتحديث شبكات الصرف والمجاري في المدن الكبرى مثل بكين، التي تواجه تحديًا متزايدًا في مواكبة هذه الظواهر المتطرفة.
إجلاءات جماعية وتعطيل للحياة العامة
تأثرت الحياة اليومية في العاصمة والمناطق المحيطة بشكل غير مسبوق. أغلقت عشرات الطرق، وتعطلت خطوط المترو، فيما ألغيت مئات الرحلات الجوية. وقد انتشرت فرق الإنقاذ في المناطق المهددة، مع دعم جوي وبري لتقديم المساعدة العاجلة للسكان المحاصرين.
كما أصدرت وزارة التعليم الصينية قرارًا عاجلًا بتعليق الدراسة في المدارس الواقعة في المناطق المتضررة، فيما أمرت الجهات الصحية بنشر فرق طبية ميدانية تحسبًا لانتشار الأوبئة بسبب اختلاط مياه الشرب بمياه السيول.
ردود أفعال محلية ودولية وسط تصاعد الكارثة
لاقى الحدث اهتمامًا واسعًا في الأوساط الدولية، حيث أصدرت الأمم المتحدة بيانًا أعربت فيه عن تضامنها مع الصين، وأبدت استعدادها لتقديم المساعدة. من جانبها، تسابق شركات التكنولوجيا الصينية لتوفير خدمات الطوارئ والاتصال المجاني للمتضررين، وسط إشادات شعبية بجهود المتطوعين.
أما في الداخل، فقد شهدت شبكات التواصل الاجتماعي تفاعلًا هائلًا، مع تداول آلاف الفيديوهات والصور التي توثق قوة سيول بكين وما خلفته من دمار في الممتلكات والبنى التحتية.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر