جدول المحتويات
«نبض الخليج»
عاد الجدل حول نظام الترفع الإداري في الجامعات السورية ليأخذ مجراه من جديد، حيث أصبح هذا النظام موضوع نقاش بين الطلاب والأساتذة؛ فبينما يراه البعض حلاً مؤقتاً يسمح للطلاب بالبقاء في مسارهم الأكاديمي رغم رسوبهم في بعض المواد، يعتبره آخرون مجرد تأجيل لمشاكل حقيقية يعاني منها الطلاب، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها المجتمع السوري.
وقد تباينت آراء الطلاب والأساتذة حول الترفع الإداري، حيث يُنظر إليه من بعض الطلاب كحل يساعد على تخفيف العبء المادي والمعنوي الناتج عن الظروف المعيشية الصعبة، بينما يرى آخرون أن هذا النظام يزيد من الضغوط الأكاديمية ويؤجل نتائج سلبية قد تكون أكبر في المستقبل.
الترفع الإداري “رسوب مؤجل”
إيمان، طالبة هندسة معلوماتية في جامعة حمص، قالت في حديث لموقع تلفزيون سوريا: “إن قرار الترفع الإداري لا يعدو كونه رسوباً مؤجلاً للطالب في حال لم يترافق مع دورة تكميلية”، معتبرة أن هذا القرار لا يصب في مصلحة الطلاب بل يزيد الضغط عليهم في السنة الدراسية التي تليها.
وأوضحت إيمان أن القرار له بعض الإيجابيات مثل إمكانية الترفع وفتح مواد جديدة، إلا أن سلبياته أكثر وضوحاً، إذ يتحمل الطالب المترفع إدارياً 6 مواد، ليجد نفسه في السنة الجديدة أمام 14 مادة، وهو ما يجعله مضطراً لمواجهة عبء 20 مادة في السنة، مع الضغط الهائل من ناحية الحضور والواجبات العملية وغيرها. وعليه ترى أن الترفع الإداري لا يخدم الطلاب سوى بتأجيل رسوبهم فقط.
وأكدت إيمان أن الدورة التكميلية تعتبر أفضل للطالب، لأنها تمنحه فرصة إعادة تقديم المادة التي رسب فيها من مدة ليست بعيدة، مما يزيد من فرص نجاحه، إذ لم ينسَ الطالب المعلومات بعد.
كما أشارت إيمان إلى الصعوبات والضغوط التي يواجهها الطلاب في سوريا، مؤكدة أنه لا تتم مراعاة الظروف الاستثنائية التي يمرون بها، وأنهم يفتقرون إلى بيئة مناسبة للدراسة. ومع ذلك تُفرض عليهم قوانين صارمة مثل الحضور الإجباري للمحاضرات النظرية، في ظل غلاء المواصلات وحاجة بعض الطلاب للعمل لدعم أسرهم، مشددة على ضرورة مراعاة الطلاب في مسألة الحضور والاكتفاء بالحضور العملي فقط.
وفيما يخص تطوير العملية التعليمية، اقترحت إيمان تحديث المناهج وفقاً لاحتياجات سوق العمل المحلي والدولي، وتوفير فرص تدريب وتوظيف للخريجين الجدد، مع التركيز على الجانب العملي في المناهج لتزويد الطلاب بخبرات عملية تتناسب مع متطلبات سوق العمل.
الترفع الإداري محدود الفائدة والدورة التكميلية الخيار الأفضل
أما الطالبة تبارك، التي تدرس في كلية طب الأسنان بجامعة دمشق، فرأت خلال حديثها مع موقع تلفزيون سوريا أن الترفع الإداري يخدم مصلحة الطالب ولكن بنسبة ضئيلة، حيث يمكّنه من تنزيل مادتين فقط، معتبرة أن الأفضل هو الدورة التكميلية التي يمكن للطالب من خلالها تقديم جميع المواد المحمولة.
وأكدت تبارك أن الصعوبات الحالية تكمن في الظروف المعيشية وليست في سياسة التعليم على وجه الخصوص، مشيرة إلى أنه ربما يكون هناك بعض الدكاترة والإداريين الفاسدين، لكن هذه المشاكل تُحل تباعاً ولا تشكل صعوبات كبيرة.
ولفتت إلى أن بعض موظفي الجامعة ما زالوا يمارسون “التشبيح اللفظي” على الطلاب نتيجة مشاعر مكبوتة بعدم الرضا عن سقوط الأسد المخلوع، ما يدفعهم لتفريغ هذا الغضب على الطلاب ومعاملتهم بطائفية.
وأشارت تبارك إلى أهمية احترام العلم والمتعلمين وإبعادهم عن كل السياسات والطوائف، ومحاسبة كل محرض وكل من يزعزع أمن وسلامة الطلاب، خصوصاً بعد انتشار التهديدات من بعض الطلاب من مختلف الأطياف والتفلّت الأمني الحاصل، حسب كلامها.
من جهته، قال حسام، وهو طالب في كلية الحقوق بجامعة دمشق، إنه مع قرار الترفع الإداري في الوقت الراهن، حتى لو لم يخدمه شخصياً لعدم رسوبه في أي مادة، مشيراً إلى أن إيجابيات هذا القرار تكمن في أنه يتيح لكل طالب فرصة تدارك المواد في السنة التالية مع دفعته، دون التعرض للرسوب. أما سلبياته، بحسب حسام، فهي أنه قد يجعل الطالب متكلاً على هذا الخيار كل سنة.
وبالنسبة لأفضلية الدورة التكميلية مقارنة بالترفع الإداري، رأى حسام أن كلا الخيارين لهما سلبياتهما، لكن في ظل الظروف الحالية لا بد من اعتماد أحدهما، خاصة مع محدودية سبل الحياة الأساسية للطلاب، ووجود عدد كبير منهم ممن يعملون لدعم أنفسهم وعائلاتهم، ما يستدعي مراعاة أوضاعهم من خلال توفير أحد هذه الخيارات المساعدة.
واقترح حسام أن يُبنى الكادر التدريسي على الخبرة العملية وطريقة إيصال الشرح بأسلوب مبسط، بدلاً من الاقتصار على الشهادات والخبرات النظرية، لضمان تأهيل الطلاب لدخول سوق العمل بشكل عملي وفعّال، وليس نظرياً فقط.
الترفع الإداري يعزز ثقة الطلاب
بالمقابل، صرّح الدكتور محمد الشايطة، أستاذ في الجامعة الافتراضية السورية، لموقع تلفزيون سوريا بأنه يؤيد الترفع الإداري، لأنه أولاً يعزز الثقة لدى الطلاب ويرفع معنوياتهم، بدلاً من شعورهم بالإحباط بسبب الرسوب.
وأوضح الشايطة أن بعض المواد يجب على الطالب النجاح فيها، بينما هناك مواد أخرى لا تؤثر بشكل كبير على نجاح الطالب أو رسوبه، ما يجعل الترفع الإداري خياراً مناسباً.
وأكد أن الأفضل هو الجمع بين الترفع الإداري والدورة التكميلية، لأن الطالب قد يتعرض لظروف تمنعه من تقديم بعض المواد أو دراستها، ويجب أن تتاح له فرصة لتقديمها وعدم حرمانه من النجاح والمتابعة مع زملائه الذين لم يواجهوا هذه الظروف.
كما شدد على أن القوانين الحالية لم تأخذ الحالة الإنسانية بعين الاعتبار، ولا تراعي الظروف التي يمر بها الطلاب السوريون، داعياً إلى ضرورة مراعاة هذه الظروف في السياسات التعليمية.
دعم الطلاب أكاديمياً
وفي ظل النقاش المستمر حول الترفع الإداري وتأثيره على الطلاب، أوضح المسؤول الإعلامي في وزارة التعليم العالي، أحمد الأشقر، أن قرار الترفع الإداري يهدف إلى تمكين الطلاب من الانتقال إلى السنة الدراسية التالية حتى في حال حملهم لمواد دراسية، وذلك استناداً إلى قانون تنظيم الجامعات.
وأضاف الأشقر خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: “يُدرس حالياً إصدار مرسوم رئاسي خاص بالترفع الإداري يشمل جميع الجامعات الحكومية والخاصة في سوريا، بهدف دعم الطلاب وتجاوز آثار الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد”.
ولفت إلى أن أي إجراءات مستقبلية ستراعي العدالة الأكاديمية ومصلحة الطلاب، مع التأكيد على أن الهدف من المرسوم هو تمكين الجامعات من التقدم إلى مستويات علمية وإدارية متقدمة، ودعم الطلاب في متابعة تحصيلهم العلمي بأفضل الظروف الممكنة.
وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قد أعلنت قبل أيام عن دراسة مسودة مرسوم رئاسي خاص بالترفع الإداري يشمل جميع الجامعات الحكومية والخاصة في سوريا.
وقال وزير التعليم العالي، مروان الحلبي، في تصريح نُشر على معرّفات الوزارة الرسمية، إن المسودة قيد الدراسة بغرض رفعها إلى رئاسة الجمهورية العربية السورية.
وأكد الحلبي أن دراسة المسودة جاءت في ظل ما تمر به سوريا بعد “التحرير” من تحديات مختلفة على مختلف الصعد، وبهدف تذليل العقبات التي خلفتها الظروف الاستثنائية خلال الفترة الماضية والتي أثرت على مسيرة الطلاب التعليمية.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية