«نبض الخليج»
“العَلمانية كهوية وطنية: الحالة السورية كنموذج”، كتاب من تأليف الكاتب والناشط السوري فراس سعد، صدر حديثاً عن دار “سامح” للنشر في السويد. وهو عمل فكري يسعى إلى إعادة طرح مفهوم العَلمانية في السياق العربي بعيداً عن ثنائية الصراع التقليدية بينها وبين الدين.
يقدّم المؤلف العَلمانية باعتبارها إطاراً دنيوياً جامعاً للتعايش، لا خصماً للدين. ويرى أن جوهرها يقوم على الاعتراف بالاختلاف كقيمة وجودية وفطرية، وعلى ضمان حرية الاعتقاد وممارسة الإيمان بعيداً عن التسييس والاستغلال.
ينطلق سعد من نقدٍ عميق للثقافة العربية التي همّشت الفرد لصالح الجماعة، معتبراً أن غياب الفردانية الإيجابية عطّل تشكّل مفهوم المواطنة. ويشير إلى أن التجربة السورية والعراقية واللبنانية مثال واضح على فشل بناء هوية وطنية جامعة، بسبب هيمنة الطائفية والإيديولوجيا القومية، مما جعل الهوية الوطنية تختزل في الولاء للزعيم أو الطائفة.
إلا أن الكتاب لا يكتفي بالنقد، بل يطرح رؤية بديلة تقوم على الإنسان المواطن. فالعَلمانية، في تصوّر سعد، هي السبيل لبناء عقد اجتماعي ودستوري جديد يساوي بين جميع الأفراد بلا تمييز ديني أو عرقي أو سياسي. وهي ليست نفياً للدين، بل شرطٌ لحريته وضمان لبقائه بعيداً عن هيمنة السلطة.
تجمع لغة الكتاب بين التحليل الفلسفي الرصين والتجربة الشخصية الصادقة؛ إذ يستند المؤلف إلى خبرته في السجن والاغتراب ليمنح نصّه بعداً إنسانياً ومعرفياً في آن. وبذلك يقدّم “العَلمانية كهوية وطنية” إسهاماً نوعياً في النقاش الدائر حول مستقبل الهوية والمواطنة في العالم العربي، ويطرح بديلاً عملياً للخروج من مأزق الطائفية والاستبداد.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية