«نبض الخليج»
وهذا المفهوم لا يعني تحويل الطفل إلى محاسب صغير، بل تعليمه احترام الجهد والوقت الذي ينتج المال، وأن يفهم أن المال ليس هدفا في حد ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق الحياة بوعي ومسؤولية.
يوضح الخبير النفسي الدكتور حسن فايد في حواره مع مجلة سيدتي وطفلك أن: “تعليم الطفل احترام المال هو في جوهره تعليمه احترام نفسه والآخرين، فالمال رمز الجهد، ومن يدرك قيمته الحقيقية يصبح أكثر وعياً بقراراته وسلوكياته المستقبلية”.
فالأطفال لا يتعلمون من الكلمات، بل من الملاحظة والتقليد. عندما يرى الطفل والديه يديران ميزانية المنزل بحكمة، أو يختاران المنتج المناسب دون إسراف، يتأسس لديه سلوك مالي متوازن دون تلقين مباشر.
إن إشراك الطفل في قرارات بسيطة، مثل الاختيار بين لعبتين أو توفير مصروفه الأسبوعي، يعلمه التخطيط والانتظار وتقدير النتائج، وهي مهارات تمتد إلى دراسته وحياته العامة.
تخشى بعض الأمهات من أن يبخل الطفل عندما يدخر ماله، لكن الدكتور فايد يوضح أن الفرق بين البخل والادخار يكمن في النية: «البخيل يخاف أن ينفق، والمدخر يختار بحكمة قبل الإنفاق».
عندما يدخر الطفل لهدف واضح، كتاب، أو رحلة، أو هدية لصديق، يتعلم أن المال وسيلة لتحقيق السعادة، وليس غاية في حد ذاته.
بما أنّ الطفل مرآة بيئته؛ فإذا نشأ في منزل ينفق دون إنفاق المال، سيتعلم أن المال لا قيمة له، أما في المنزل الذي يوازن بين الرغبة والحاجة، فسوف يتبنى بدوره هذا السلوك الواعي.
أخبر طفلك عن إدارة ميزانية الأسرة، ودعه يجرب مسؤوليات بسيطة، مثل إدارة حقيبة صغيرة أو اختيار هدية للعائلة ضمن ميزانية محددة. هذه التجارب تغرس فيه الشعور بالانتماء والمسؤولية وتمنحه الثقة في قراراته.
قد يبدو المال بعيدًا عن التعليم، لكن العلاقة بينهما عميقة.
فالطفل الذي يتعلم التحكم في رغباته وتأجيل إشباعها من خلال الادخار هو نفسه الذي يتعلم الصبر والمثابرة في دراسته.
ومن يعلم أن لكل هدف ثمن، يدرك أيضاً أن النجاح يتطلب جهداً وتخطيطاً.
الطموح لا يتولد من المكافآت، بل من الإحساس بقيمة الجهد. عندما تشجع طفلك على اتخاذ قرارات ذكية أو الالتزام بالادخار، فإنك تبني شعوراً بالإنجاز واحترام الذات، وهو ما يشكل الأساس لشخصية ناضجة ومسؤولة في المستقبل.
كيف يمكنك تطبيق هذه القيم عمليا؟
• تحدثي معه عن المال ببساطة، دون خوف أو أسرار.
• منحه مصروفاً أسبوعياً وحرية تقرير كيفية إنفاقه.
• شجعيه على الادخار لهدف واضح، وربط الانتظار بالمكافأة.
• كن قدوة في سلوكك المالي اليومي.
• عندما يخطئ، حولي الخطأ إلى درس، وليس إلى عقاب.
• والأهم من ذلك: أن تربط دائماً بين الجهد والمكافأة، وليس بين المال والحب.
لا يقتصر التعليم المالي على المال فقط، بل يتعلق بالقيم التي تبني الإنسان الواعي، القادر على اتخاذ القرارات، والمستعد لتحمل عواقب اختياراته.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية