82
«نبض الخليج»
بعد رحلة حافلة بدأت مع عرضه العالمي الأول في مهرجان كان السينمائي، ومروراً بمهرجان الجونة السينمائي، حيث حصد ثلاث جوائز كبرى: نجمة الجونة الفضية لأفضل فيلم وثائقي طويل، ونجمة الجونة لأفضل فيلم وثائقي عربي، وجائزة «سينما الجونة» – Emerge» لأفضل فيلم وثائقي طويل، يواصل فيلم «الحياة بعد سهام» للمخرج «نمير عبد المسيح» جائزته. مسيرته الناجحة دفعته للمشاركة بفيلمه في الدورة القادمة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ضمن قسم العروض الخاصة.
يبدأ الفيلم من لحظة فقدان الأم “سهام” التي تتحول إلى محور لاستعادة الذاكرة العائلية والتأمل في معنى الفقد والحياة بعد الرحيل. استطاع “نمير”… بأسلوب بصري شعري أن يحول الحزن إلى رحلة تأمل في معنى الوجود والذاكرة والحنين.
ويتحدث المخرج في هذه المقابلة عن النسخة الجديدة التي سيعرض بها الفيلم في القاهرة، وعن تجربته الإنسانية والفنية في هذا العمل. استثنائي.
ثلاث جوائز الجونة في وقت واحد.. كيف تلقيت هذا التتويج؟
شعور جميل جداً، لكن الأهم بالنسبة لي هو رد فعل الجمهور، فما كنت أفكر فيه قبل عرض الفيلم هو معرفة هل معنى الفيلم سيصل للجمهور أم لا، وجاءني الجواب بشكل واضح وسريع في رد فعل الناس فور انتهاء العرض، بما في ذلك البكاء والأحضان والمشاعر الصادقة، فكان هذا المشهد هو جائزتي الأولى.
ما الجديد الذي ستقدمه نسخة مهرجان القاهرة السينمائي؟
النسخة التي عرضت في مهرجان كان السينمائي كانت نسخة أولية، تم إجراء تعديلات عليها لعرضها في مهرجان الجونة السينمائي. وسيعرض في مهرجان القاهرة السينمائي. ستكون أول نسخة عربية كاملة من الفيلم. الفيلم هو بالأساس فرنسي-مصري، وأنا أقوم بالتعليق الصوتي باللغة الفرنسية. فقررت إعادة تسجيل الصوت باللغة العربية، وسأفعل ذلك غدًا في القاهرة، لأنني أريد أن يصل الفيلم إلى عدد أكبر من الجمهور العربي، وستكون هذه النسخة أول عرض له باللغة. عربي.
لماذا لم تكتفوا بالترجمة الكتابية بدلا من تغيير اللغة الفرنسية خاصة أنها مبررة في الفيلم؟
صحيح أن اللغة الفرنسية لها مبرر داخل الفيلم، لأن العائلة هاجرت وعاشت في فرنسا، وفي الفيلم أبدأ الحديث بالفرنسية وأنهيه بالعربية، وهذا مرتبط بالرسالة التي كتبتها لي أمي بالفرنسية وقالت فيها: “أنا أكتب لك بهذه اللغة التي ليست لغتي، وكنت أتمنى أن تفهم لغتي”. وعندما أنتهي من الفيلم باللغة العربية، يكون الأمر بمثابة ردي عليها، وكأنني أقول لها “أنا أفهم لغتك”، وقد أفقد هذا المعنى عندما أترجم كلامي بالكامل إلى اللغة العربية، لكن ما سأكسبه الأهم: التواصل مع الجمهور العربي. أريد أن يشعر كل مشاهد بأن الفيلم ملك له، وأن يخلق تواصلاً مباشراً مع الجمهور
فهل يشير ذلك إلى رغبتك في العودة إلى مصر لتقديم أفلام تخاطب المشاهد المحلي؟
أحاول دائمًا مد الجسور بين الثقافتين العربية والأوروبية، ولذلك أحاول تقديم أفلام مفهومة في أوروبا وتصل إلى الجمهور العربي في نفس الوقت. فمثلا فيلمي السابق (العذراء والأقباط وأنا) كان مصريا جدا، وإن لم يعرض في مصر ولم يحصل على ترخيص من الرقابة، وفوجئت بأن عددا كبيرا من المصريين شاهدوه، خاصة من البسطاء الذين قالوا لي: هذا فيلم يتحدث عنا.
فما يهمني هو أن أقدم شيئاً يهم الإنسانية، لأن الإنسانية هي حلقة الوصل الحقيقية بين الثقافات.
وكيف حدث هذا الاستثناء، وهو أن فيلماً عُرض في الجونة ثم عُرض في القاهرة؟ اتصال”
انتسبت إلى مهرجان القاهرة، وحصلت على دعم من مهرجان مراكش، ثم جاء دعم الجونة. ومع دعم المهرجانات الثلاثة للفيلم ورغبتهم في عرضه، حدثت بلبلة. وفهمت مراكش أن الفيلم مصري وأن العرض العربي الأول سيكون في مصر. كان علي الاختيار بين القاهرة والجونة، فقررت العرض في الجونة وإعداد نسخة عرض مختلفة للقاهرة. والحمد لله كانت هناك روح تفاهم وتعاون كبيرة جداً من جميع الأطراف. المهرجانات.
يبدو أنك متأثر بيوسف شاهين، حيث يحتوي الفيلم على مشاهد من أفلامه تمكنت من خلالها أن تحكي قصتك بشكل احترافي للغاية. هل هذا يعني أنك تأثرت به أيضاً في طريقة السرد؟ والرؤية؟
يعد يوسف شاهين أحد أهم المخرجين العرب الذين جمعوا بين الاهتمامات الشخصية والقضايا الوطنية بلغة بصرية مبتكرة. وهو مخرج امتلك شجاعة القصة وجرأة الصورة، وجعل من السينما وسيلته لفهم الذات والمجتمع. كان مهتماً بالتاريخ العربي، وأخرج أفلاماً عن صلاح الدين ونكسة 1967، لكنه في الوقت نفسه كان يحدث نفسه من خلال قضايا مجتمعه، وما يعجبني فيه أيضاً هو أنه بنى جسور التواصل مع فرنسا والغرب، وقدم الغرب من وجهة نظر عربية، وكل هذه أشياء أحبها في تجربته.
الفيلم مليء بالمواد. أرشيف العائلة.. كيف بنيتم كل هذا الأرشيف؟
منذ طفولتي، كنت أحب الكاميرا كثيرًا. كنت أصور فيديوهات عندما كنت صغيرا، وكنت سعيدا بفكرة الاختباء خلف الكاميرا واكتشاف العالم من خلالها، رغم أن عائلتي كانت تكره التصوير الفوتوغرافي، خاصة أنني كنت أصورهم في كل الأوقات دون تحضيرات مسبقة، لكن اعتراضهم أضحكني وجعلني أواصل التصوير، ولأنني أقدر قيمة الفيديوهات بشدة. قبل ظهور الإنترنت ومكالمات الفيديو، كنت أحمل رسائل الفيديو من أمي وأبي في فرنسا إلى جدتي في صعيد مصر عندما كنت أزورها. كل تلك اللقطات أصبحت بمثابة كنز واعتمدت عليها في فيلمي. بالإضافة إلى ذلك، احتفظت عائلتي بصور وتسجيلات لي عندما كنت طفلاً. لقد وجدت هذا الأرشيف واستخدمته. أيضًا.
ما هي خطواتك القادمة؟ هل ستتخلى عن الذاتية في أعمالك القادمة؟
لا أعلم بعد، فأنا مشغول حالياً بفيلم (الحياة بعد سهام) وأجعل أكبر عدد من الجمهور يشاهده. أما عن الذاتية، فأنا أجيد التعبير عن نفسي، لكن ما أكتبه أو أرويه في أفلامي يصل إلى الناس ويجعلهم يشعرون أنني أحكي قصتهم.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية