جدول المحتويات
«نبض الخليج»
في الجنوب السوري، وتحديداً في ريف القنيطرة الجنوبي، تعيش قرية الأصبح تحت وطأة الإهمال والتهميش في مواجهة ابتزاز الاحتلال الإسرائيلي وتضييقه على السكان.
الأصبح التي تتبع إدارياً لبلدية الرفيد، تواجه واقعاً يومياً من الحرمان، لا خدمات بلدية، ولا دعم طبي، ولا بنية تحتية، ولا حتى مياه تكفي لإحياء أرضها التي كانت يوماً مصدر رزق أهلها.
في الأصبح، تتراكم القمامة بجانب المسجد، وتُطلب من الأهالي مبالغ مالية لتشغيل سيارة البلدية، رغم فقرهم واعتمادهم شبه الكامل على الزراعة التي تراجعت بفعل شح المياه، أما الرعاية الصحية، فهي غائبة تماماً، وأقرب مستشفى يبعد ثلاثين كيلومتراً، ما يجعل أي حالة طارئة تهديداً حقيقياً للحياة.
وفي ظل هذا الفراغ الرسمي، يتسلل الاحتلال الإسرائيلي بمحاولات استغلالية، عارضاً مساعدات ونقاطاً طبية، يرفضها الأهالي بالإجماع، حفاظاً على كرامتهم الوطنية.
الأصبح ليست مجرد قرية مهمشة، بل نموذج حي لمعاناة السوريين في المناطق الحدودية، حيث تتقاطع الجغرافيا مع الإهمال، وتُختبر فيها صلابة الناس في مواجهة الحرمان والاستفزازات الإسرائيلية.
الخدمات الغائبة.. واقع يومي من الإهمال
تعاني قرية الأصبح من غياب المعونات الإنسانية، وانعدام شبكة الإنترنت، ورداءة المواصلات، وانقطاع الكهرباء بشكل مستمر، ما يزيد من عزلة السكان عن العالم الخارجي ويشلّ حياتهم اليومية، أما النظافة العامة، فهي شبه معدومة، إذ تنتشر القمامة في الشوارع، بل وحتى بجانب المسجد، في مشهد يعكس غياب أي رقابة صحية أو بلدية.
ورغم أن القرية تتبع إدارياً لبلدية الرفيد، إلا أن الأخيرة لا تؤدي واجباتها كما ينبغي. فعندما يطالب الأهالي بإرسال سيارة القمامة، تشترط البلدية عليهم دفع ثمن المازوت لتشغيل السيارة، وهو ما يعجز عنه معظم السكان بسبب أوضاعهم الاقتصادية المتردية.
انهيار الزراعة
يعتمد الأهالي على الزراعة وتربية المواشي كمصدر رئيسي للدخل، لكن هذا القطاع الحيوي يواجه انهياراً متسارعاً نتيجة شح المياه وغياب مشاريع الري، ما أدى إلى تراجع إنتاجية الأراضي الزراعية وانخفاض دخل العائلات.
ولم تقف المعاناة عند هذا الحد، إذ إن تدهور شبكة الصرف الصحي وتراكم المياه الآسنة في الحقول الزراعية شكّل تهديداً مباشراً لخصوبة الأرض، محوّلاً الأزمة البيئية إلى كارثة معيشية.
أما مربو المواشي، فقد باتوا في وضع لا يقل سوءاً، إذ تراكمت عليهم ديون ضخمة لصالح أصحاب مراكز الأعلاف، وصلت إلى عشرات الملايين، نتيجة غياب المواسم الشتوية الناجحة من القمح والشعير بسبب ضعف الهطولات المطرية، هذا الواقع جعلهم عاجزين عن تأمين الأعلاف اللازمة، ما يهدد الثروة الحيوانية ويزيد من فقر الأهالي وعجزهم عن تأمين قوت يومهم، وسط غياب أي تدخل حكومي لإنقاذ هذا القطاع المنهار.
وبحسب ما أفاد أحد المزارعين لموقع تلفزيون سوريا، فإن الأرض لم تعد تعطي كما كانت في السابق، بسبب نقص المياه وغياب الدعم الزراعي، وما تلوثه شبكات الصرف الصحي في الأراضي الزراعية، مضيفاً أن الأهالي باتوا عاجزين عن تأمين قوت يومهم، في ظل غياب أي تدخل حكومي لإنقاذ هذا القطاع الحيوي.
أقرب مشفى يبعد 30 كيلومتراً
لا توجد في القرية أية نقطة طبية أو مركز إسعافي، ما يجعل أي حالة طارئة تهديداً حقيقياً للحياة.
المستشفى الأقرب هو مستشفى الجولان الوطني، ويبعد عن القرية حوالي 30 كيلومتراً، ما يعني أن الوصول إليه يتطلب وقتاً و جهداً وتكاليف لا يقدر عليها كثير من الأهالي، خاصة في ظل غياب وسائل النقل المناسبة، بالمقابل صعوبة الخروج والدخول ليلاً بسبب تمركز قوات الاحتلال الإسرائيلي على مداخل ومخارج القرية.
استفزازات الاحتلال مستمرة
إلى جانب الإهمال الخدمي، يعاني سكان الأصبح من تضييق مستمر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تسيّر دوريات متكررة داخل القرية، وتعرض على الأهالي مساعدات طبية وخدمية، في محاولة لاستمالتهم أو فرض واقع جديد على الأرض.
وفقاً لما رواه أبو عمر، مختار القرية، لموقع تلفزيون سوريا، فإن قوات الاحتلال دخلت منزله وعرضت عليه فتح نقطة طبية وتقديم مساعدات، إلا أنه رفض ذلك بشكل قاطع، مؤكداً أن أهالي القرية يرفضون أي شكل من أشكال التعاون أو التطبيع مع الاحتلال، مهما كانت الظروف.
وبحسب ما قال أبو أمجد لموقع تلفزيون سوريا، فإن الاحتلال يحاول استغلال غياب الدولة لفرض نفسه كجهة بديلة، لكنه يواجه رفضاً شعبياً واسعاً، مضيفاً أن الأهالي يدركون تماماً أن هذه العروض ليست بريئة، وأنها تهدف إلى فرض واقع سياسي مرفوض.
كما أفاد أبو موسى، أحد سكان القرية، بأن الدوريات الإسرائيلية لا تتوقف، وتجوب القرية باستمرار، وتعرض مساعدات على الأهالي، إلا أن الجميع يرفضها، مطالبين الدولة السورية بالتحرك لتقديم الخدمات الأساسية، بدلاً من تركهم عرضة للابتزاز الخارجي.
ووفقاً لما أكده أبو فواز ـ أحد سكان البلدة أيضاً ـ لموقع تلفزيون سوريا، فإن الأهالي يعيشون ظروفاً صعبة، لكنهم يرفضون أن تكون المساعدات من الاحتلال، ويصرون على أن تأتي الخدمات من دولتهم، لا من جهة تسعى إلى فرض سيطرتها عليهم.
تهميش إداري وغياب إعلامي
رغم كل هذه المعاناة، لا تحظى القرية بأي اهتمام إعلامي أو رسمي، لا زيارات من مسؤولين، ولا تقارير توثق الواقع، ولا حتى وعود بتحسين الوضع، وكأن القرية غير موجودة على خارطة الدولة.
هذا التهميش الإداري والإعلامي يزيد من شعور الأهالي بالعزلة والنسيان، ويجعلهم عرضة للاستغلال والضغوط، سواء من الاحتلال أو من الجهات المحلية التي تتقاعس عن أداء واجباتها.
ما هي مطالب الأهالي؟
لا يطلب سكان القرية المستحيل، هم فقط يريدون الحد الأدنى من الحياة الكريمة، خدمات بلدية منتظمة، نقطة طبية أو سيارة إسعاف، دعم زراعي يعيد الحياة لأرضهم، وشبكة مواصلات تربطهم بالعالم الخارجي.
كما يطالب الأهالي الدولة بالوقوف إلى جانبهم، لا بتركهم فريسة للتهميش أو الابتزاز، ويرفضون بشكل قاطع أي تدخل خارجي، مهما كانت المغريات، حفاظاً على كرامتهم وهويتهم الوطنية.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية