جدول المحتويات
«نبض الخليج»
كشفت معلومات دبلوماسية وقضائية توجّه فرنسي سوري مشترك يضغط على لبنان لتسليم مدير إدارة المخابرات الجوية السابق، جميل الحسن، بعد ورود مؤشرات إلى وجوده داخل الأراضي اللبنانية منذ انهيار نظام الأسد.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن سوريا وفرنسا تقدمتا بطلبات رسمية إلى السلطات اللبنانية لاعتقال الحسن وتسليمه، بناءً على حكم قضائي فرنسي صادر غيابياً يدينه بجرائم ضد الإنسانية، وكذلك ضمن مساعي الحكومة السورية الجديدة لملاحقة أبرز المتورطين في الانتهاكات خلال الحقبة السابقة.
وفي تقرير مطوّل لها، أوضحت الصحيفة أنه مع فرار الحسن عقب انهيار نظام الأسد، أصبحت بيروت مركزاً لضغوط دبلوماسية متزايدة، إذ تؤكد مصادر غربية وسورية أن الحسن موجود على الأراضي اللبنانية، حيث يسعى مسؤولون أمنيون سابقون من نظام الأسد إلى إعادة بناء شبكات نفوذهم.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول قضائي لبناني رفيع قوله إن الدولة اللبنانية لا تملك معلومات مؤكدة عن وجود الحسن، وإن الأجهزة الأمنية “لم تتلق أي إشعار رسمي بدخوله أو إقامته” في لبنان.
رغم ذلك، تشير مصادر غربية وسورية إلى أن بيروت تحولت في الأسابيع الأخيرة إلى مركز نشاط لمسؤولين أمنيين سابقين في نظام الأسد ممن يحاولون إعادة تشكيل شبكات نفوذهم.
أحد أكثر المطلوبين في العالم
ويعتبر مدير إدارة المخابرات الجوية في نظام الأسد، جميل الحسن، حالياً من أكثر المسؤولين الأمنيين المطلوبين دولياً، حيث صدرت بحقه أحكام إدانة بجرائم قتل وتعذيب وانتهاكات حقوقية وجرائم حرب، بما في ذلك:
- مُدان غيابياً في باريس بجرائم قتل وتعذيب وإخفاء قسري.
- صدرت مذكرة توقيف ألمانية بحقه منذ عام 2018.
- تطلبه الولايات المتحدة في قضايا متصلة بخطف وتعذيب مواطنين أميركيين، بينها قضية العاملة الإنسانية الأميركية، ليلى شويكاني، التي أمر بإعدامها عام 2016.
- يواجه لائحة اتهام فدرالية في شيكاغو تشمل التآمر على ارتكاب جرائم حرب.
وتعتبر الملاحقة الدولية لجميل الحسن إحدى أبرز خطوات العدالة الانتقالية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد في كانون الأول 2024.
من ضابط شاب إلى أحد أعمدة منظومة القمع
وُلد الحسن عام 1953 في محيط مدينة القصير قرب الحدود اللبنانية، والتحق مبكراً بالمؤسسة العسكرية. ومع وصول حافظ الأسد إلى السلطة، أصبح جزءاً من البنية الأمنية الصلبة للنظام.
شارك في قمع انتفاضة الإخوان المسلمين في حماة عام 1982، التي قُتل فيها عشرات الآلاف، وقال لاحقاً إن قرار سحق المدينة كان “حكيماً”.
في العام 2009، تولى قيادة المخابرات الجوية، الجهاز الأمني الذي ظل لعقود الأكثر سرية وقمعاً وبطشاً بين أجهزة نظام الأسد.
“هندسة القمع”.. وثيقة التخطيط للدم
ووفق وثائق أمنية سربها ضباط سابقون لصحيفة “وول ستريت جورنال”، اجتمع الحسن مع قادة الأجهزة الأمنية في دمشق عام 2011 لوضع خطة مواجهة الاحتجاجات، تضمنت مجموعة من الإجراءات الأمنية، أبرزها:
- محاصرة أي منطقة تخرج فيها الاحتجاجات عن السيطرة.
- نشر قناصة لإطلاق النار على المتظاهرين، مع تعليمات بإخفاء مصدر النيران.
- عدم قتل أكثر من 20 شخصاً في كل موجة لتقليل الربط المباشر بالدولة.
- التوجيه بعدم “إظهار أي تساهل تجاه أي هجوم على أسمى رمز”.
وذكرت “وول ستريت جورنال” أن هذه الوثيقة، التي وقع عليها كبار الضباط بالاختصار، شكلت أساس حملة القمع التي مارسها نظام الأسد في سوريا وسرّعت اندلاع الحرب فيها.
من درعا إلى داريا: سجلات من الدم
تشير تحقيقات لجان العدالة الدولية إلى أن الحسن أمر بإطلاق النار على المظاهرات السلمية منذ الأيام الأولى للثورة.
وفي مدينة داريا عام 2012، لعب دوراً محورياً في الحملة التي استمرت قرابة عامين، حيث رافقت قواته الدبابات التي اقتحمت المدينة، واعتقلت مئات المدنيين وسط عمليات تعذيب ممنهجة، فيما يتحمل الحسن المسؤولية المباشرة عن مقتل مئات المتظاهرين والنشطاء، بمن فيهم الناشط غياث مطر.
حينها كانت المخابرات الجوية تدير محكمة ميدانية خاصة في مطار المزة، تصدر أحكاماً فورية بالإعدام أو تُحيل المعتقلين إلى سجن صيدنايا. كما كشف مركز العدالة والمساءلة في واشنطن عن وجود مقبرة جماعية داخل مقر الجهاز، أكدتها صور أقمار صناعية.
وتُظهر الصور التي سربها المساعد السابق في الشرطة العسكرية فريد المذهان المعروف باسم قيصر، أن 352 ضحية على الأقل ماتوا في مرافق المخابرات الجوية بين 2011 و2013.
مطالبات دولية وضغط متزايد على لبنان
وقالت مصادر فرنسية إن تسليم الحسن “اختبار لالتزام لبنان بالقانون الدولي”، فيما ترى الحكومة السورية في ملاحقة جميل الحسن “جزءاً أساسياً من مسار العدالة” ومحاسبة أبرز منفذي الانتهاكات في عهد الأسد.
وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن ضغوطاً غربية وسورية تتزايد لمنع جميل الحسن من إعادة بناء شبكات نفوذ في لبنان، أو استخدام الأراضي اللبنانية كملاذ آمن.
وأكدت المصادر السورية للصحيفة أن ملف جميل الحسن “لن يُطوى”، وأن دمشق تعتبر استرداده خطوة ضرورية “لطيّ صفحة الماضي ومحاسبة كبار المتورطين في الجرائم”.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية
