جدول المحتويات
«نبض الخليج»
مع اقتراب أعياد الميلاد، تستعيد مدينة حلب جزءًا من دفئها الاجتماعي وروحها الثقافية عبر الفعاليات الموسمية التي تجمع بين الفرح والعمل والإبداع، ويأتي معرض “نجمة بيت لحم” كواحد من أبرز هذه المحطات، ليحول صالة كنيسة النبي إلياس إلى سوق نابض بالحياة، تتقاطع فيه الحرف اليدوية مع رموز العيد، ويجد فيه أصحاب المشاريع الصغيرة فرصة للظهور والتواصل المباشر مع المجتمع.
والمعرض الذي تنظمه كشاف النبي إلياس التابع لمطرانية الروم الأرثوذكس بحلب، يستقطب هذا العام نحو 60 مشاركًا ومشاركة من أصحاب المشاريع الإبداعية المنزلية، مقدما نموذجًا لاقتصاد مجتمعي محلي، يجمع بين الحفاظ على التراث، وتشجيع العمل الفردي، وتوفير منتجات تناسب احتياجات الأسر الحلبية خلال موسم الأعياد.
ويمتد المعرض على مدى أربعة أيام، ليعرض تشكيلة واسعة من المنتجات المستوحاة من أجواء عيد الميلاد، تشمل الأشغال اليدوية، الإكسسوارات، زينة العيد، الألبسة، الحلويات المنزلية، ومستحضرات العناية الصحية والتجميلية، في مساحة تتيح التفاعل المباشر بين المنتج والمستهلك، بعيدًا عن وسطاء الأسواق التقليدية.
منصة لدعم العمل من المنزل
توضح جودي آشجي، المشاركة في فئة المنتجات الصحية والتجميلية، أن خصوصية المعرض تكمن في كونه مساحة حقيقية لتمكين المنتجين العاملين من منازلهم، وتشير في حديثها إلى أن المعارض الميلادية في حلب باتت أشبه بعادة سنوية راسخة، تنظمها الكنائس خلال فترة الأعياد، وتفتح أبوابها أمام السيدات والمنتجين الصغار لعرض أعمالهم.
وتضيف آشجي خلال حديثها لموقع تلفزيون سوريا أن هذه المعارض تضم طيفًا واسعًا من المشاركات، من سيدات يعملن في المأكولات المنزلية، إلى الأشغال اليدوية، والألبسة، وزينة عيد الميلاد والحلويات، موضحة أن أي سيدة تمتلك مشروعاً منزلياً يمكنها حجز مساحة في المعرض الذي يستمر عادة لأربعة أيام، ما يتيح لها فرصة حقيقية للتسويق والتواصل.
وتتابع آشجي: “أنا دراستي كيمياء، وأعمل مدرسة، وبالتوازي أعمل في مجال مستحضرات التجميل والعناية بالشعر والبشرة، وقد خصصت زاوية صغيرة في المنزل لإنتاج الصابون للبشرة وللأطفال، والعطور والبارفانات، ومواد تقوية الشعر، وأحاول دائمًا تطوير منتجاتي”. وتشير إلى أن هذه مشاركتها الثالثة خلال عام واحد في معارض متنوعة، مؤكدة أن المعرض يشكل فرصة مهمة لبناء اسم وشهرة، والتعريف بالمنتج أمام جمهور واسع.
فرصة بديلة عن المحال التجارية
من جهتها، ترى هلا سقال، العاملة في مجال الأشغال اليدوية، أن المعرض يواكب تفاصيل التحضير لعيد الميلاد بكل ما يحمله من رمزية وخصوصية، وتؤكد أن هذه الفعاليات تتيح لأصحاب المشاريع الصغيرة عرض منتجاتهم عالية الجودة في سوق مباشر، من دون الحاجة إلى تحمّل تكاليف فتح محل أو استئجار مكان دائم.
وتقول سقال لموقع تلفزيون سوريا إنها تعمل في البروشيه والبلوزات والمشغولات اليدوية، معتبرة أن المعرض يشكل “خطوة ممتازة” لكل من لا يمتلك القدرة المادية لافتتاح متجر، لكنه يمتلك مهارة وحرفة قادرة على المنافسة، مضيفة أن الإقبال يشجّع على الاستمرار والتطوير.
زينة الميلاد كمصدر دخل إضافي
بدورها، تشير رولا باسيل، الموظفة في القطاع العام والمشاركة بزينة عيد الميلاد، إلى أن المعرض يمثل لها فرصة لتحقيق دخل إضافي إلى جانب عملها الوظيفي، وتوضح أن المنتجات المعروضة تعكس مهارة الحرفيين المحليين في المزج بين التراث وروح الميلاد، وتقديم رموز العيد بأساليب مبتكرة وجاذبة للأطفال، مع الحرص على أن تكون آمنة في الاستخدام.
وترى باسيل أن الإقبال على زينة الميلاد المصنوعة يدوياً يعكس تقدير المجتمع للمنتج المحلي، ويعزز الثقة بقدرة الحرفيين على تقديم بدائل جميلة ومناسبة للأسواق المستوردة.
أما رنا زرز، المشاركة في قسم الإكسسوارات، فتروي تجربة تمتد لأكثر من عشر سنوات، بدأت كهواية بدافع الشغف، قبل أن تتحول إلى مشروع متكامل. وتوضح أنها عملت على تطوير هذه الهواية لتكون في متناول المرأة الحلبية، ولا سيما في ظل الارتفاع الكبير بأسعار الذهب.
وتقول زرز إنها سعت من خلال الإكسسوارات إلى تمكين النساء من التزيّن في المناسبات والأعياد بأسعار تشجيعية ومناسبة، معتبرة أن نشر الفرح في قلوب السيدات هو الهدف الأسمى لعملها. وتشدد على أن مدينة حلب، بتاريخها العريق في الصناعات الحرفية والتراثية، كانت ولا تزال بيئة حاضنة لمثل هذه المشاريع، التي تجمع بين الذوق والجودة والهوية المحلية.
ولا تقتصر فعاليات الكنائس مع اقتراب أعياد الميلاد على الجانب الاقتصادي فقط، إذ يترافق مع أنشطة وفعاليات كشفية متنوعة، تحمل رسائل تربوية وثقافية، وتؤكد دور الكشاف في ترسيخ قيم التعاون والانتماء المجتمعي، وتعزيز الروابط بين الأجيال خلال المناسبات الدينية والوطنية، وبين زينة الميلاد، والأشغال اليدوية، وروح المبادرة الفردية، يرى القائمون على معرض “نجمة بيت لحم” أنه أكثر من سوق موسمي، بل مساحة جامعة للتراث والاقتصاد الاجتماعي، ورسالة أمل تؤكد أن الفرح في حلب ما زال يصنع بأياد محلية، رغم كل التحديات.
شارك هذا المقال
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية