جدول المحتويات
كتب: هاني كمال الدين
في تحول استراتيجي يعكس ديناميكيات جديدة في النظام المالي العالمي، أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي أليكسي أوفرشوك أن المعاملات بالعملات الوطنية داخل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بلغت نحو 91%، وهو ما يعكس التوجه المتزايد نحو فك الارتباط بالأنظمة المالية الغربية. هذه النسبة تؤكد على أن الاتحاد بات فعليًا يعتمد على العملات المحلية في التبادلات التجارية بين أعضائه، مما يعزز السيادة الاقتصادية ويوفر مناعة أكبر أمام التحديات الخارجية والعقوبات الغربية.
كشف نائب رئيس الوزراء الروسي أليكسي أوفرشوك خلال مشاركته في أعمال المجلس الاقتصادي لدول رابطة الدول المستقلة (CIS) عن أن أكثر من 91% من التبادلات التجارية بين دول الاتحاد الأوراسي تتم الآن باستخدام العملات الوطنية، وهو ما يعكس تحولًا جوهريًا في سياسة التعاملات المالية بين دول المنطقة.
وصرح أوفرشوك للصحفيين قائلًا: “لقد دخلنا مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي، حيث لم يعد الدولار أو اليورو يشكلان حجر الأساس في تعاملاتنا. النسبة المرتفعة الحالية توضح أن دول الاتحاد تفضل التعامل بعملاتها المحلية”.
📊 أرقام تعكس التحول
وبحسب المسؤول الروسي، فإن النسبة الأعلى من المعاملات بالعملات الوطنية سُجلت بين روسيا وبيلاروس، حيث بلغت 98%، ما يشير إلى مستوى عالٍ من التنسيق المالي بين البلدين. ويُعد هذا النموذج مثالًا يحتذى به لباقي دول الاتحاد.
تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يضم روسيا، بيلاروس، كازاخستان، أرمينيا، وقيرغيزستان، ويهدف إلى إنشاء سوق مشتركة تسهل حركة البضائع، والخدمات، ورأس المال، والأفراد.
🌍 اتجاه عالمي جديد: فك الارتباط بالدولار
التوجه نحو تعزيز المعاملات بالعملات الوطنية لا يقتصر فقط على دول الاتحاد الأوراسي، بل يتماشى مع مساعي الدول النامية والناشئة للحد من الاعتماد على الدولار الأميركي. وفي هذا السياق، نقلت وكالة “تاس” الروسية عن أوفرشوك قوله إن هذا التحول لا يقتصر على دوافع سياسية فحسب، بل هو استجابة عقلانية للتحديات الاقتصادية والمالية العالمية.
ويؤكد اقتصاديون أن تزايد الضغوط الغربية واستخدام العقوبات الاقتصادية كسلاح سياسي، دفع العديد من الدول لإعادة تقييم استراتيجياتها النقدية والمالية والبحث عن بدائل تضمن الاستقرار المالي وتحفظ السيادة.
📰 لافروف: 90% من تبادلات روسيا مع البريكس بالروبل
وفي سياق متصل، كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مقابلة له مع صحيفة “O Globo” البرازيلية أن نحو 90% من المعاملات التجارية الروسية مع دول مجموعة “بريكس” (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا) تتم باستخدام الروبل الروسي أو عملات الدول “الصديقة”.
وأشار لافروف إلى أن دول الجنوب العالمي والشرق لم تعد مستعدة لتحمل تداعيات العقوبات الغربية أو الخضوع لنظام مالي عالمي غير عادل، وهو ما يدفعها إلى البحث عن أنظمة دفع بديلة قائمة على العملات المحلية.
🧾 الأبعاد الاقتصادية: تقليل التكاليف وتعزيز السيادة
يؤكد خبراء ماليون أن الانتقال إلى المعاملات بالعملات الوطنية يسهم في:
-
تقليل كلفة التحويلات بين العملات الأجنبية
-
تقليل الاعتماد على البنوك الغربية
-
تقوية مكانة العملات المحلية
-
زيادة استقرار الميزان التجاري
كما يشكل هذا التوجه عاملًا مهمًا في تدعيم السيادة الاقتصادية الوطنية والحد من التقلبات الناتجة عن تغيرات أسعار الصرف للعملات الدولية.
🏦 المنظومة المصرفية الجديدة في الاتحاد
اعتمدت دول الاتحاد الأوراسي عدة إجراءات لدعم هذا التوجه، أبرزها:
-
إنشاء منصات دفع ثنائية ومتعددة الأطراف
-
دعم البنية التحتية المالية المحلية
-
توقيع اتفاقيات جديدة بين البنوك المركزية
-
تعزيز دور البنوك المحلية في تمويل التجارة
هذه الجهود أتت ثمارها، ما ساعد في خلق بيئة مالية قادرة على تلبية احتياجات الاتحاد بدون اللجوء إلى النظام المالي الغربي.
📉 هل هي نهاية هيمنة الدولار؟
بينما لا يمكن الجزم بأن الدولار سيفقد مكانته العالمية في المدى القريب، إلا أن مؤشرات متعددة تدل على أن العالم يتجه نحو نظام مالي أكثر توازنًا، يعتمد على التعددية في العملات، ويقل فيه الاعتماد على الدولار الأميركي.
ويشير مراقبون إلى أن الاتجاه نحو المعاملات بالعملات الوطنية سيزداد زخمًا خلال السنوات المقبلة، خصوصًا مع ازدياد أعداد الدول المتضررة من سياسات العقوبات الغربية، والتي تبحث عن بدائل اقتصادية وسياسية تضمن لها الاستقلالية.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر