«نبض الخليج»
أبوظبي في الأول من مايو/ وام/ شهد اليوم الثاني والختامي لأعمال مؤتمر العلوم السلوكية العالمي، الذي نُظّم برعاية كريمة من سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة لشؤون التنمية وأسر الشهداء ، في مقر جامعة نيويورك أبوظبي، تنظيم سلسلة من الجلسات التخصصية التي تناولت تطبيقات علم السلوك في قضايا محورية مثل الصحة العامة، وتغير المناخ، والتنمية الدولية، والتنقل الحضري، إضافة إلى ورش عمل تفاعلية شارك فيها قادة وخبراء من مؤسسات عالمية وأكاديمية مرموقة.
واستعرضت جلسة “تغيير السلوك لمكافحة السمنة: وصفة لمجتمعات أكثر صحة”، أبرز التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة ارتفاع معدلات السمنة، والتي تعود إلى التحضر السريع، والازدهار الاقتصادي، وتغير نمط الحياة .
وشارك في الجلسة سعادة الدكتور أحمد عبد الهادي الخزرجي، المدير التنفيذي لوحدة الحياة الصحية في دائرة الصحة – أبوظبي، وهيوغو هاربر، مدير مهمة الحياة الصحية في مؤسسة نيستا، حيث ناقشا أسباب تفشي السمنة، وما ينجح وما لا ينجح في فقدان الوزن على المدى الطويل.
كما سلطت الجلسة الضوء على أهمية دور السياسات العامة والصناعة في تشجيع الأكل الصحي، وطرحت خيارات سياسية لتعزيز التصنيع الصحي، وتبني سلوكيات صحية دائمة، والترويج لاختيارات غذائية أفضل، مع التأكيد على أهمية التدخلات القائمة على الأدلة كأداة محورية لتحسين الصحة العامة.
وفي جلسة بعنوان “رأس المال الاجتماعي والفرص الاقتصادية حول العالم – أدلة من منطقة الخليج”، عرض مايكل بيلي، مؤسس مختبر رأس المال الاجتماعي في شركة ميتا، بيانات جديدة عن الصداقات العابرة للطبقات الاجتماعية على المستوى العالمي، وربطها بمؤشرات رأس المال الاجتماعي والفرص الاقتصادية والهجرة، مع تركيز خاص على دولة الإمارات ومنطقة الخليج.
واستعرض بيلي دور المختبر في تقديم رؤى وسياسات مبنية على الشبكات الاجتماعية، موضحًا كيف تسهم العلاقات الاجتماعية في بناء مجتمعات أكثر سعادة وازدهارًا.
وفي جلسة أخرى بعنوان “كيف يمكن لعلم السلوك أن يُسهم في القضاء على الملاريا خلال حياتنا؟”، ناقش كل من جيمس تيبنديرانا، الرئيس التنفيذي لتحالف مكافحة الملاريا، وراشيل كويل، الرئيسة التنفيذية لفريق الرؤى السلوكية “BIT”، التحديات السلوكية التي تعيق جهود القضاء على المرض، رغم التقدم المحرز في اللقاحات والعلاجات.
وركّزت الجلسة على دور علم السلوك في تصميم تدخلات صحية عامة أكثر فاعلية، من بينها الاستخدام السليم للناموسيات، وزيادة معدلات الإقبال على التطعيم، وتحسين أساليب التشخيص والالتزام بالعلاج.
وكشفت فاطمة كويك، قائدة علم السلوك بمركز الابتكار – ستراتيجي آند، ورشا عطار، مديرة مجموعة علم السلوك، خلال جلسة بعنوان “هل ستكون الآلات مشاركي الأبحاث في المستقبل؟”، عن نتائج دراسات متقدمة توظف “الجماهير الاصطناعية” كأداة بحثية ثورية.
وأظهرت الجلسة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يختصر الزمن اللازم لتطوير السياسات العامة، من خلال غربلة المقترحات قبل تجريبها فعليًا على البشر، ما يفتح آفاقًا جديدة لأبحاث سريعة ودقيقة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية.
وشكلت جلسة “مستقبل علم السلوك”، منصة لتقديم رؤية إستراتيجية يقودها مايكل هالزورث، كبير علماء السلوك في “BIT”، الذي عرض دليلًا تطبيقيًا لتطوير هذا المجال الحيوي، مستندًا إلى “البيان من أجل علم السلوك” و”أربعة تحولات كبرى”.
وتناولت الجلسة ضرورة الابتعاد عن الحلول السطحية، والاتجاه نحو ممارسات أكثر عمقًا وفعالية للتعامل مع القضايا المجتمعية المعقدة، بما يعزز من تأثير علم السلوك في صياغة مستقبل أفضل للمجتمعات حول العالم.
وعُقدت جلسة حوارية بعنوان “ما هي الفرص المتاحة للمنطقة لتطوير منهجها الخاص في تطبيق علم السلوك؟”، بمشاركة نخبة من القادة والخبراء في المنطقة، هم: سعادة خلود النويس، الرئيس التنفيذي للإستراتيجية والاستدامة في مؤسسة الإمارات، والدكتور منذر هلال بدر، نائب رئيس رؤية عُمان 2040، ومي بن باز، مديرة مركز دعم اتخاذ القرار في المملكة العربية السعودية، وزينة عفيف، كبيرة العلماء الاجتماعيين في البنك الدولي.
وركزت الجلسة على استعراض التحديات السياسية الفريدة التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، والتي يمكن معالجتها عبر توظيف علم السلوك، مع إبراز الفروقات بينها وبين السياقات العالمية التي يشهد فيها هذا العلم تطورًا ونضجًا أكبر، كما ناقشت كيفية تصميم تدخلات ومقاربات سلوكية تتماشى مع خصوصية المنطقة، مستندة إلى تجارب واقعية شاركها المتحدثون، بما في ذلك أبرز المفاجآت والدروس المستفادة خلال التنفيذ، واختُتمت الجلسة ببحث فرص التعاون المستقبلي بين وحدات علم السلوك في الشرق الأوسط، بما يسهم في بناء منظومة سلوكية إقليمية متكاملة وفعالة.
وتم تنظيم جلسة حوارية بعنوان “إنشاء وحدة للرؤى السلوكية: الإستراتيجيات وأفضل الممارسات” بمشاركة رشا عطار، مديرة مجموعة علم السلوك، وإيفان فرناندو بوداسي، المدير السابق لعلوم السلوك والسياسات العامة بوزارة الاقتصاد في الأرجنتين ، حيث استعرضت انطلاقًا من تجارب دولية متعددة، ما يتطلبه تأسيس وحدات للرؤى السلوكية داخل المؤسسات الحكومية في مختلف القارات، مع التركيز على الخطوات العملية اللازمة لكسب الدعم المؤسسي وتخطي العقبات الأولية.
وناقش المشاركون أفضل الممارسات لضمان استدامة هذه الوحدات وفعاليتها طويلة المدى، مؤكدين على أهمية البناء التدريجي للثقة داخل المؤسسة ودمج علوم السلوك في السياسات العامة.
واختُتمت الجلسة باستشراف الاتجاهات المستقبلية لهذا المجال، وفتح آفاق التعاون الإقليمي بين وحدات الرؤى السلوكية العاملة في الشرق الأوسط والعالم، بما يسهم في تعظيم الأثر وتبادل الخبرات والمعارف.
وشهدت فعاليات المؤتمر جلسة متخصصة بعنوان “تشكيل الخيارات: دور هندسة الاختيار في كيفية اتخاذنا للقرارات”، قدمها إيريك جونسون، مدير مركز علوم القرار في كلية كولومبيا لإدارة الأعمال، استعرض خلالها أبرز نتائج أبحاثه العالمية في مجال “هندسة الاختيار”، موضحًا كيف تؤثر طريقة عرض الخيارات على قرارات الأفراد اليومية، وسلط الضوء على العوامل النفسية الدقيقة التي تؤدي إلى تحسين أو تدهور نتائج القرارات.
كما ناقشت الجلسة تطبيقات هذا المفهوم في مجالات متعددة، من بينها السياسات العامة، وبيئات الأعمال، والسلوكيات الشخصية.
كما عقدت جلسة بعنوان “تحقيق التحول واسع النطاق من أجل المناخ: كيف يمكن للأفعال الفردية أن تُحدث تغييرًا فعّالًا على نطاق واسع؟”، في إطار تسليط الضوء على القضايا البيئية، بحضور المتحدثة الضيفة المكرّمة الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، رئيسة مجلس الإدارة والرئيسة التنفيذية للاتحاد الدولي للتغير المناخي “UICCA”، ومشاركة نخبة من الخبراء، إلكي ويبر، أستاذة الطاقة والبيئة بجامعة برينستون، وتوبي بارك، مدير قسم المناخ والاستدامة في فريق “BIT”، ولوسيا رايش، أستاذة الاقتصاد السلوكي بجامعة كامبريدج.
وركّزت النقاشات على إمكانات الأفعال الفردية في إحداث تحولات بيئية شاملة، مستعرضة التدخلات السلوكية التي تسهم في تغيير الأنظمة القائمة، بما في ذلك الأسواق وأنماط الاستهلاك.
كما تناولت الجلسة التحديات التي تعيق توسيع نطاق هذه المبادرات، وقدّمت إستراتيجيات عملية لتجاوزها، مع تخصيص مساحة لمناقشة خصوصيات منطقة الشرق الأوسط ودور علم السلوك في تعزيز الاستدامة فيها.
وشهد المؤتمر جلسة متخصصة بعنوان “تشكيل النقل المستدام: كيف يمكن للمساحات الحضرية تغيير السلوكيات لصالح كل من الركاب والمناخ؟”، شارك فيها كل من سيباستيان مانجيان، المدير التنفيذي للعمليات في هيئة النقل بأبوظبي، ومايكل هالزورث، كبير علماء السلوك في فريق الرؤى السلوكية (BIT)، ولوسيا رايش، أستاذة الاقتصاد السلوكي والسياسات العامة في جامعة كامبريدج.
وسلطت الجلسة الضوء على التحديات البيئية التي يفرضها قطاع النقل، والذي يُسهم عالميًا بنحو ربع الانبعاثات الكربونية المرتبطة بالطاقة، معظمها ناتج عن المركبات على الطرق ، وأكد خلالها المتحدثون أن حتى التعديلات البسيطة في أنماط التنقل، إذا ما طُبقت على نطاق واسع، يمكن أن تُحدث فارقًا بيئيًا كبيرًا. وتطرقت الجلسة إلى ضرورة تجاوز البنية التحتية المستدامة نحو التأثير في سلوكيات الركاب، من خلال تدخلات سلوكية قائمة على البيانات.
واستعرضت النقاشات إستراتيجيات تحفيز الأفراد على استخدام وسائل النقل العام، ومشاركة الركوب، والمشي وركوب الدراجات، إلى جانب تشجيع المؤسسات على دعم هذا التحول.
كما تناولت الجلسة أمثلة عملية من مدن مختلفة، وناقشت تحديات التغيير ضمن سياقات حضرية وثقافية ومناخية متباينة، بهدف تحسين تجربة المستخدم وخفض الانبعاثات في آن واحد.
وفي سياق دعم صناع القرار، نُظمت ورشة عمل متخصصة بعنوان “اتخاذ القرارات الإستراتيجية للقادة”، قدمتها الدكتورة باربرا فاسولو، مديرة مختبر السلوك للتعليم والبحث في كلية لندن للاقتصاد، والدكتور عمر تاج، أستاذ مشارك في علم السلوك بكلية لندن للاقتصاد ومدرسة ورك للأعمال، وركّزت الورشة على تعزيز جودة القرارات الإستراتيجية التي عادةً ما تنطوي على أهداف متضاربة، ومخاطر عالية، وخيارات غير واضحة.
وأوضح القائمون على الورشة أن أدوات مثل “هندسة الاختيار” أو “الدفع السلوكي” ليست كافية في هذا السياق، حيث إن ما يجب الدفع نحوه لا يكون محددًا مسبقًا، كما قدمت الورشة إطارًا تفاعليًا يجمع بين أحدث النظريات في علم اتخاذ القرار والخبرة العملية للمشاركين، مستندة إلى خبرات واسعة في دعم أكثر من 350 قرارًا إستراتيجيًا في قطاعات متعددة.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية