جدول المحتويات
كتب: هاني كمال الدين
في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى ضمان أقصى درجات السرية والشفافية، أعلنت السلطات في الفاتيكان أنها ستقوم بإغلاق جميع وسائل الاتصال الهاتفي والمحمول، بما في ذلك الإنترنت عبر الهاتف المحمول، في 7 مايو، وذلك قبيل ساعات من بدء جلسات الكونكلاف المغلق لاختيار البابا الجديد خلفًا للبابا الراحل فرانسيس، الذي وافته المنية في 21 أبريل عن عمر ناهز 88 عامًا.
إجراءات صارمة تسبق لحظة الحسم
أفادت شبكة CNN الأمريكية، نقلًا عن مصادر رسمية من داخل الكرسي الرسولي، أن قرار إيقاف الاتصالات سيُنفذ اعتبارًا من الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الأربعاء الموافق 7 مايو بالتوقيت المحلي لمدينة الفاتيكان، أي قبل ساعة ونصف من انطلاق مراسم الكونكلاف التي سيعقدها الكرادلة داخل كابيلا السيستين ذات الرمزية التاريخية العريقة.
ويُعد إغلاق خدمات الهاتف المحمول والإنترنت جزءًا من الإجراءات الأمنية والتنظيمية المشددة التي دأب الفاتيكان على اتخاذها في مثل هذه اللحظات الحاسمة التي تُحدد مستقبل الكنيسة الكاثوليكية. وتهدف هذه الإجراءات إلى منع أي محاولات تسريب للمعلومات أو التأثير الخارجي على قرارات الكرادلة.
موعد الكونكلاف وتفاصيل المشاركين
وكان المدير الإعلامي للفاتيكان، ماتيو بروني، قد صرّح في 28 أبريل أن الكونكلاف الخاص بانتخاب البابا الجديد سيبدأ يوم الثلاثاء 7 مايو، مؤكدًا أن الإجراءات التحضيرية تسير وفق تقاليد الكرسي الرسولي.
ومن المقرر أن يشارك في الكونكلاف نحو 135 كاردينالًا ممن تقل أعمارهم عن 80 عامًا، حيث تمنحهم القوانين الكنسية حق التصويت في الانتخابات البابوية. وهؤلاء الكرادلة يمثلون مختلف القارات، بما يعكس الطابع الكوني للكنيسة الكاثوليكية.
رحيل البابا فرانسيس: لحظة وداع مؤثرة
توفي البابا فرانسيس في 21 أبريل، بعد مسيرة روحية وإدارية دامت سنوات قاد فيها الكنيسة الكاثوليكية في ظروف عالمية معقدة. وقد أُقيمت له جنازة مهيبة في 26 أبريل، على ساحة القديس بطرس أمام آلاف المصلين والزوار، وبحضور كبار الشخصيات الدينية والدبلوماسية.
وقد أوصى البابا الراحل بدفنه في كنيسة “سانتا ماريا ماجوري” في العاصمة الإيطالية روما، وهي واحدة من أقدم وأهم الكنائس الكاثوليكية، وتتميز بقدسيتها ومكانتها التاريخية.
انتخاب البابا الجديد: لحظة مفصلية في تاريخ الكنيسة
تُعد لحظة انتخاب البابا الجديد من أكثر المحطات حساسية في التاريخ المعاصر للكنيسة الكاثوليكية. ويُحيط الفاتيكان هذا الحدث بإجراءات دقيقة ومعقدة تهدف إلى الحفاظ على طابعه المقدس، وضمان استقلالية القرار الكنسي عن أي مؤثرات خارجية، سواء كانت إعلامية أو سياسية.
ويجتمع الكرادلة في كابيلا السيستين، ويؤدون قسم السرية، ومن ثم تبدأ جولات التصويت التي قد تمتد لأيام عدة. ويُعلن انتخاب البابا الجديد تقليديًا من خلال ظهور الدخان الأبيض من مدخنة الكنيسة، إيذانًا بانتخاب خليفة جديد للقديس بطرس.
دور الإعلام والتكنولوجيا: من التعتيم إلى الرقابة المشددة
في السنوات الماضية، أصبحت وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة تشكل تحديًا كبيرًا أمام الفاتيكان في مسألة الحفاظ على سرية عمليات الانتخاب. ولذا، يأتي قرار إغلاق الاتصالات في هذه المرحلة كتأكيد على حرص الكنيسة على عزل الكرادلة عن العالم الخارجي أثناء أداء واجبهم المقدس.
كما تشير تقارير إعلامية إلى أنه سيُمنع على الكرادلة إدخال أي أجهزة إلكترونية إلى جلسات الكونكلاف، بما في ذلك الهواتف الذكية أو الساعات المتصلة أو أي أدوات اتصال يمكن من خلالها إرسال أو استقبال المعلومات.
الرهانات والتوقعات: من سيقود الكنيسة بعد البابا فرانسيس؟
مع رحيل البابا فرانسيس، تبدأ التكهنات بشأن الشخصية التي ستتولى زمام الكنيسة الكاثوليكية. ووفقًا لمراقبين، فإن التحديات التي تواجه البابا القادم لا تُحصى، بدءًا من التحديات الإيمانية داخل أوروبا، وصولًا إلى مسألة التجديد العقائدي والانفتاح على القضايا الاجتماعية الحديثة.
ويبدو أن هناك توافقًا ضمنيًا بين الكرادلة على ضرورة اختيار شخصية قادرة على الجمع بين الأصالة والانفتاح، وتحقيق التوازن بين الحفاظ على العقيدة والانخراط الإيجابي في قضايا العصر.
بين القداسة والحكمة… البابا القادم يحدد ملامح المستقبل
بين جدران السيستين، وفي ظل لوحات مايكل أنجلو الخالدة، ستُرسم ملامح مستقبل الكنيسة الكاثوليكية. ومع انطلاق الكونكلاف، تتجه أنظار أكثر من مليار كاثوليكي حول العالم إلى الفاتيكان، مترقبين لحظة انتخاب البابا الجديد، ومؤمنين بأن من سيُنتخب سيكون رجل المرحلة بامتياز.
هذه الخطوة ليست مجرد حدث ديني، بل لحظة تاريخية ذات أبعاد روحية، اجتماعية، وثقافية، ستؤثر على مسار الكاثوليكية لسنوات قادمة. وفي ظل كل تلك التحديات، يأمل المؤمنون أن يكون البابا القادم على قدر الآمال والثقة التي سيُمنح إياها.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر