جدول المحتويات
كتب: هاني كمال الدين
في واقعة صادمة ومثيرة للجدل، شهدت مدينة ليدجه الواقعة في الجنوب الشرقي من تركيا حالة تسمم جماعي في تركيا، بعد أن قامت الشرطة التركية بإحراق كمية ضخمة من المواد المخدرة داخل نطاق المدينة، ما أسفر عن تعرض عشرات الآلاف من السكان لمضاعفات صحية خطيرة نتيجة استنشاق دخان كثيف وسام، في مشهد أثار تساؤلات عديدة حول الإجراءات المتبعة في التعامل مع المضبوطات من المخدرات.
عملية الإتلاف تتحول إلى كارثة
في خطوة لم تحظ بأي استعدادات وقائية أو تخطيط بيئي، أقدمت السلطات الأمنية التركية على إحراق ما يزيد عن 20.7 طنًا من الحشيش الذي تم مصادرته خلال الحملات الأمنية التي نُفذت خلال عامي 2023 و2024. العملية التي جرت في مدينة ليدجه، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 25 ألف نسمة، تسببت في إطلاق كميات ضخمة من الدخان المحمل بالمواد السامة، ما أدى إلى إصابة أعداد كبيرة من الأهالي بأعراض مرضية متنوعة، أبرزها الدوار والغثيان واضطرابات التنفس، فيما وصفه سكان المدينة بأنه تسمم جماعي في تركيا غير مسبوق.
المدينة تختنق بالدخان أيامًا متواصلة
لم تنتهِ المأساة بانتهاء عملية الحرق، إذ غطى دخان كثيف أرجاء المدينة واستمر لعدة أيام، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الصحية، خاصة في صفوف الأطفال وكبار السن ومرضى الجهاز التنفسي. أفاد سكان محليون بأنهم غير قادرين على فتح نوافذ منازلهم، في حين ارتفعت أعداد المراجعين في المستشفيات والمراكز الطبية بشكل ملحوظ، في محاولة للبحث عن علاج لأعراض يصفها البعض بأنها شبيهة بتأثير المواد المخدرة نفسها.
شهادات السكان: “أطفالنا مرضى ونحن نعيش في سجن من الدخان”
قال أحد السكان المحليين: “نحن نعيش مأساة حقيقية. لا نستطيع التنفس، لا يمكننا تهوية منازلنا، أطفالنا أصيبوا بمرض مفاجئ، وأصبحنا نتردد على المستشفى بشكل يومي. كل ذلك بسبب قرار غير مسؤول بحرق المخدرات داخل المدينة.” وتكررت الشكاوى من عدة مناطق في ليدجه، حيث أكد كثير من السكان على سوء التخطيط وغياب أي استعدادات لوجستية أو بيئية في تنفيذ هذه العملية.
خبراء البيئة والصحة: “الإجراء كارثي ولا يمت للمعايير بصلة”
وصف خبراء في الصحة العامة والبيئة هذه الحادثة بأنها “كارثة بيئية وصحية بكل المقاييس”، مشيرين إلى أن حرق المواد المخدرة مثل الحشيش داخل النطاق الحضري يشكل خطرًا مباشرًا على السكان، بسبب إنتاجه لمواد مسرطنة وسامة عند احتراقه. كما أكدوا أن استنشاق دخان هذه المواد يسبب أعراضًا تشبه التسمم، منها الدوار والغثيان والهلاوس، وقد تكون لها آثار طويلة المدى في حال التعرض المكثف.
الإجراءات الأمنية تحت المجهر
يطرح هذا الحادث تساؤلات جدية حول مدى التزام السلطات التركية بالمعايير المعتمدة دوليًا في التعامل مع المواد المخدرة المصادرة، خاصة أن عملية الحرق، في معظم دول العالم، تتم في منشآت مخصصة ذات أنظمة تهوية عالية وتقنيات احتواء للغازات السامة. لكن في هذه الحالة، تمت العملية في قلب مدينة آهلة بالسكان، ما يُعد خرقًا واضحًا لبروتوكولات السلامة العامة.
غياب التنسيق بين الجهات المعنية
أشارت مصادر محلية إلى أن عملية الإتلاف لم تشهد أي تنسيق مع الجهات البيئية أو الصحية، كما لم تُصدر أي تحذيرات مسبقة للسكان. وهو ما زاد من حالة الاستياء والغضب في صفوف الأهالي، الذين اعتبروا أن ما جرى هو “جريمة بحق المدنيين” تستوجب المساءلة والمحاسبة.
مطالبات شعبية بالتحقيق والتعويض
تصاعدت أصوات المطالبات في مدينة ليدجه بفتح تحقيق فوري في الواقعة، وتحديد المسؤوليات عن هذا الإجراء “غير الإنساني” كما وصفه البعض، إضافة إلى تعويض المتضررين صحيًا وماديًا، وتقديم ضمانات بعدم تكرار مثل هذه الكوارث مستقبلاً.
السلطات الرسمية تلتزم الصمت
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر الحكومة التركية أو وزارة الداخلية أي بيان رسمي يوضح ملابسات ما حدث أو يحدد المسؤول عن اتخاذ قرار الحرق داخل المدينة، وهو ما زاد من حالة الغموض وأثار الشكوك حول وجود تقصير جسيم في تطبيق القوانين والمعايير المتعلقة بالتعامل مع المواد الخطرة.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر