«نبض الخليج»
وصلت أوّل قافلة من اللاجئين السوريين القادمين من مخيّم “مريجيب الفهود” الإماراتي في الأردن إلى محافظة درعا جنوبيّ سوريا، الأحد، وذلك في إطار مبادرة إنسانية أطلقتها جمعية “وقف فرح”، بالتعاون مع الجهات الرسمية الأردنية.
وضمّت القافلة 64 عائلة سورية، تجاوز عدد أفرادها 350 شخصاً، توزعت وجهاتهم بين مدينة الصنمين وعدد من بلدات الريف الشمالي لدرعا.
ورافقت القافلة سبع حافلات لنقل الركاب، إضافة إلى أكثر من 16 شاحنة محمّلة بالأثاث والحاجيات الشخصيّة للعائدين، في محاولة لتأمين عودة آمنة وكريمة بعد سنوات من المعاناة في اللّجوء، والتي عاشها هؤلاء في المملكة الأردنية الهاشمية بعيدًا عن وطنهم.
وفي حديث خاص مع موقع تلفزيون سوريا، عبّر سامر الذياب، البالغ من العمر 55 عاماً، وأحد العائدين إلى مدينة الصنمين شمالي درعا، عن مشاعر تختلط فيها الدهشة بالدموع، بعد 14 عاماً قضاها لاجئاً في الأردن، قائلاً: “لا يمكن للكلمات أن تصف ما أشعر به. بكيت طيلة الطريق من شدّة الشوق، لكن ما فجّر مشاعري بحق هو الاستقبال الحافل عند معبر نصيب، حيث استقبلونا بالعراضات الشعبية، والهدايا، والأناشيد الثورية التي صدحت عبر مكبّرات الصوت ترحب بنا وكأننا عدنا إلى الحياة من جديد.”
وأضاف الذياب، وقد بدت عليه علامات التأثّر العميق: “كنت أعدّ الأيام لأعود إلى وطني، واليوم أعود ومعي عائلتي، بعد سنوات من التعب والغربة. لم نواجه أي مشكلة خلال عبورنا الحدود، وكانت الرحلة ميسّرة بشكل كامل، على عكس ما كنا نعيشه في زمن النظام السابق، حين كانت العودة محفوفة بالمخاوف والمعاناة.”
واختتم حديثه قائلاً: أنتظر لحظة وصولي إلى منزلي في الصنمين بشغف لا يوصف. أريد فقط أن أتنفس هواء بلادي، وأن أضع رأسي على وسادتي في بيتي بعد غياب طويل.
حملات العودة متواصلة
من جانبه، قال يحيى الرفاعي، ممثّل منظّمة “وقف فرح”، إن هذه القافلة تمثّل الحملة الرابعة عشرة التي تنفّذها المنظمة ضمن مشروع إعادة المهجّرين على مستوى سوريا، مشيرًا إلى أن 13 حملة سابقة انطلقت من مناطق الشمال السوري، بينما تُعدّ هذه القافلة الأولى من نوعها التي تنطلق من مخيمات الأردن باتجاه الداخل السوري.
وأوضح الرفاعي أن عدد العائدين ضمن هذه الحملة بلغ نحو 350 شخصاً موزّعين على 64 عائلة، متمنياً لهم السلامة والاستقرار وعودة آمنة إلى حياتهم الطبيعية.
وأكد أن العمل مستمر في تنظيم حملات جديدة لإتاحة الفرصة لكل من يرغب بالعودة إلى وطنه، مشدداً على أن الجمعية ملتزمة بمواصلة هذه الجهود الإنسانيّة. كما توجّه بالشكر إلى “الحكومتين الأردنية والسورية” على ما قدّمتاه من تسهيلات ساهمت في إنجاح هذه الرحلة الإنسانية.
وفي شهادة أخرى مؤثرة، تحدّث رأفت العتمة، 34 عاماً، العائد إلى مدينة الصنمين شمالي درعا، قائلاً: “عدت إلى وطني، إلى حضن أمي، إلى الأرض التي أحب. شعوري لا يوصف، كنت مرتبكاً بالكلام من شدّة الفرح، كأن لساني لم يعد يعرف كيف يعبّر.”
وأضاف العتمة في حديث لموقع تلفزيون سوريا وقد غلبته العاطفة: “الحمد لله صار عنا جيش نخاف عليه مش نخاف منه، والحمد لله تخلّصنا من الطاغية بشار الأسد، اللي هجّرنا وقتّلنا طيلة 14 سنة. اليوم رجعنا على سوريا الحبيبة وقلوبنا مليانة فرح، وما رح نعطي فرحتنا لحدا.”
ووجه الشكر لكل من ساهم في تحقيق هذه اللحظة: “من قلبي بشكر كل شخص ساعد بهالعودة، وكل من وقف معنا بهالطريق الطويل. رجعنا إلى بلدنا مرفوعي الرأس، وهاي لحظة ما رح ننساها بحياتنا.
وختم العتمة قائلا :”قلوبنا مع كل من اشتاق لتراب الوطن، ولم يستطع بعد العودة إليه. نتمنى أن يأتي اليوم الذي يعود فيه الجميع، بكرامة وأمان، إلى بيوتهم وأرضهم وأحبتهم”
وهكذا، تُختتم رحلة قافلة العودة من مخيم “مريجيب الفهود” في الأردن إلى محافظة درعا، بعد أربعة عشر عاماً من اللجوء والحنين.
قافلة حملت معها أكثر من 350 روحًا اشتاقت إلى الوطن، وعادت محمّلة بالذكريات والدموع والآمال، في مشهد إنساني مؤثر يعكس حجم المعاناة التي عاشها السوريون في الشتات، وحجم التطلعات لحياة مستقرة وآمنة في وطنهم الأم.
من شهادات العائدين التي عبّرت عن الفرح والحنين، إلى جهود منظمة “وقف فرح” في تنظيم وتأمين القافلة، مرورًا بالتنسيق مع الجهات الرسميّة في الأردن وسوريا، يظهر بوضوح أن الإرادة الصّادقة والجهد المشترك قادران على تحويل الحلم إلى واقع.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه المبادرات لإعادة من يرغب من اللاجئين، تبقى الأمنيات معلّقة لكل من لا يزال ينتظر، بأن تتاح له فرصة مماثلة للعودة الكريمة إلى بيته وأرضه.
فالعودة إلى الوطن بالنسبة للعائدين ليست فقط عبورًا للحدود، بل استعادة للكرامة، والذّاكرة، والانتماء.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية