«نبض الخليج»
بعد 12 عاما من التهجير القسري عاد محمد خوجة الرجل الخمسيني إلى بلدته كنسبا في جبل الأكراد بريف اللاذقية ومزق قبل عودته ذلك الشادر الأبيض الذي عاش تحته سنوات طويلة من المعاناة والبؤس.
وجد خوجة منزله بلا أبواب ولا نوافذ وقد هدمت بعض أجزائه وارتفعت الحشائش البرية في محيطه ورغم ذلك فضّل العودة لمنزله وأرضه لبدء حياة جديدة حاله مثل كثير من أهالي البلدة الذين بدؤوا بالعودة مؤخرا رغم صعوبة الأوضاع والدمار.
وخلال الأسابيع الأخيرة نظمت عدة قوافل لعودة النازحين من مخيمات الساحل الواقعة على الشريط الحدودي مع تركيا إلى قرى جبلي الأكراد والتركمان والحفة، رافقها أجواء احتفالية وبدعم من بعض المنظمات الخيرية في حين مايزال كثير من المهجرين ينتظرون دورهم في الخلاص من المخيمات والعودة لقراهم.
يقول أبو سليم وهو أحد العائدين إلى قرية الدرة بريف جبل التركمان لموقع تلفزيون سوريا إن آثار الدمار كبيرة في القرية ويحتاج الأهالي لإعادة ترميم شبكات المياه والكهرباء بشكل عاجل، مضيفا أنه فضّل العودة مع بعض سكان القرية لبدء العمل بإصلاح الأراضي الزراعية التي تحتاج لسنوات ليعود إنتاجها.
وحول المصاعب التي تعترضهم حاليا قال الرجل الخمسيني إن الخوف من الألغام هو المسيطر على الأهالي بعد عدة حوادث وقعت في المنطقة، مضيفا أنه يضطر لتعبئة المياه يوميا ونقلها لمنزله من أحد الينابيع القريبة كما تغيب الكهرباء عن القرية حتى اليوم.
وختم بالقول:” إذا لم نعتمد على أنفسنا سننتظر للعودة كثيرا، لذلك فضلت أن أعتمد على نفسي وبدأت بإصلاح ما أمكنني”.
مشاريع الترميم
ومع صعوبة أوضاع النازحين في مخيمات الساحل أطلقت منظمة نعمة للإغاثة والتنمية التي تنشط حاليا بشكل كبير في اللاذقية مشروع “معا نعيد الحياة” لترميم 600 منزل مدمر في ريف اللاذقية وتسهيل عودة النازحين.
وقال سمير زيدان مدير منظمة نعمة لموقع “تلفزيون سوريا” إن مشروع الترميم الذي أطلقته الجمعية يستهدف منازل قابلة للإصلاح وغير مدمرة بالكامل وهذا ما يساعد ليس فقط عودة العائلات فقط وإنما عودة أقربائهم لأن معظم القرى سكانها أقرباء هذا فضلا عن تأمين فرص عمل للأهالي من خلال عودتهم والعمل في أراضيهم.
وأوضح أن المرحلة الأولى من المشروع تستهدف ترميم 600 منزل من الخفيفة والمتوسطة الضرر في قرى جبلي الأكراد والتركمان ومنطقة الحفة والأولوية للنازحين بحيث يكون الهدف إعادة النازحين والمهجرين من الخيم إلى بيوتهم ومناطقهم الأصلية. بالإضافة إلى بعض الحالات الخاصة مثل النساء الأرامل ومن في عائلته أفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأضاف أن المشروع لا يشمل فقط تأهيل المنازل بل إصلاح البنية التحتية مثل الطرقات والصرف الصحي بالتعاون مع جمعيات أخرى ومؤسسات حكومية.
وختم بالقول:” القرى التي سيتم فيها ترميم منازل سيتم العمل على إحيائها بشكل كامل وترميم المدارس فيها والمساجد والمراكز الصحية”.
قرى دمرت بالكامل
في بلدة سلمى التي يتجاوز عدد سكانها 5 آلاف شخص وكانت تعتبر مقصدا لأهالي اللاذقية صيفا نظرا لمناخها المعتدل تكاد البلدة تخلو من منزل صالح للسكن ولم يدمر بالكامل أو جزئيا.
ولقبت البلدة خلال سنوات الثورة السورية بأنها بلدة البراميل المتفجرة بسبب كثرة القصف العنيف عليها، وشهدت البلدة معارك عنيفة وضارية قبل أن تسيطر عليها قوات النظام المخلوع بدعم روسي في نهاية عام 2015.
وسلمى هي نموذج متكرر لبلدات وقرى كثيرة في ريف اللاذقية طالها الدمار الواسع مثل ربيعة وكنسبا وكبانة وغيرها.
وقال فواز ريحاوي، لموقع تلفزيون سوريا، وهو من سكان بلدة سلمى ومهجر حاليا في تركيا إنه وعائلته زار البلدة قبل أسابيع ولم يجد من منازل العائلة الستة أي منزل يصلح للترميم والسكن. مضيفا أن البلدة مدمرة بالكامل وتحولت إلى كتلة خراب وغابت جميع معالمها ومن الصعب العودة للسكن في الوقت الحالي رغم رغبتهم في العودة لسوريا.
ويعيش أكثر من 40 ألف نازح من سكان الجبلين حتى اليوم في مخيمات أنشئت على طول الحدود السورية – التركية منذ التهجير من مناطقهم.
ويقدر عدد سكان جبل الأكراد بـ120 ألف نسمة، في حين يبلغ عدد سكان جبل التركمان نحو 100 ألف نسمة، وبعد عام 2015 هُجر معظم سكان الجبلين، وتوزعوا بين مخيمات عشوائية أقيمت قرب الحدود التركية، وفي مدينة جسر الشغور بريف إدلب، وتوجّه آخرون إلى داخل الأراضي التركية.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية