«نبض الخليج»
نشر موقع “ذا ماينيشي” الإخباري الياباني تقريراً بتاريخ 13 حزيران 2025، تحدث فيه عن شاب سوري يعيش في اليابان أسس مشروعاً لبيع القهوة العربية في مدينة أوساكا، بهدف مشاركة نكهات بلده الأصلية ودعم المتضررين من الحرب في سوريا.
وفيما يلي يورد موقع تلفزيون سوريا ترجمة التقرير:
تتميز القهوة العربية بتنوع نكهاتها ما بين دولة عربية وأخرى، تلك النكهات التي لا تشبه في نكهتها نكهة القهوة اليابانية في شيء، وهذا ما شجع شاباً سورياً يعيش في اليابان على افتتاح متجر للقهوة في مدينة أوساكا الواقعة غربي البلد، وذلك في دعوة لمحبي القهوة للتمتع بمزيج من النكهات إلى جانب المساهمة في دعم أهله وشعبه في بلده سوريا.
“طعم ذكريات البلد”
يحدثنا السوري براء فوجي، 31 عاماً، عن رائحة القهوة الطازجة الممزوجة بالهال ونكهتها المميزة، فيصف تلك الرائحة بأنها تمثل بالنسبة له: “طعم ذكريات البلد”، إذ بعد مرور 13 عاماً على الحرب السورية، انتهى حكم آل الأسد الدكتاتوري في كانون الأول الماضي، وبما أن البلد بحاجة لوقت حتى يتعافى، لذا قرر براء أن يعمل على دعم بلده من خلال نكهة القهوة التي يحبها.
تعتبر الحرب السورية أسوأ أزمة إنسانية شهدها العالم في هذا القرن، إذ ابتداء من شهر آذار لعام 2011، وضمن انتفاضات الربيع العربي المطالبة بالديمقراطية في الشرق الأوسط، مارس نظام الأسد قمعاً شديداً واستخدم القوة بحق شعبه الأعزل، وفي أعقاب ذلك ظهرت تنظيمات متطرفة بالبلد، ناهيك عن مصالح الدول الكبرى، فتسبب ذلك بغرق سوريا في مستنقع نزاع طاحن، وبحسب مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، وفي الوقت الذي ظهرت موجة عودة إلى البلد منذ سقوط الأسد في خريف عام 2024، مايزال نحو 4.5 ملايين سوري وسورية يعيشون في بلاد اللجوء بعيداً عن بلدهم.
ولد براء فوجي في العاصمة السورية دمشق، وسافر إلى اليابان لأول مرة بحياته في عام 2017، والتحق هناك بكلية ريتسوميكان ليحصل على شهادة ماجستير بإدارة الأعمال، حيث تسنت له تلك الفرصة عندما تقدم بطلب للقبول في برنامج أعلنت عنه وكالة التعاون الدولي اليابانية والذي يسعى لتعليم السوريين الذين حرموا من فرصة التعليم في بلدهم بسبب الحرب.
بعد أن تخرج براء من تلك الجامعة، عمل موظفاً في شركة متخصصة بالتجارة الإلكترونية في الأسواق العالمية، وكان مقرها بمدينة أوساكا، لكنه استقل عنها في مطلع هذا العام، وأصبح يعمل بالتسويق الرقمي ضمن شركته الخاصة.
وفي أثناء فترة دراسته، قدمت زوجته إيمان، 32 عاماً، من سوريا، لتلتحق به في اليابان، حيث أنجبت ولديهما آدم، 6 سنوات، وباسمة، 4 سنوات. وخلال فصل الربيع من هذا العام، التحق آدم بالمدرسة الابتدائية وشقيقته بالروضة.
حصل براء على الجنسية اليابانية في تشرين الثاني الماضي، ولذلك صار يفكر بأنه يريد أن يعيش في البلد كمواطن وليس كأجنبي، وهذا ما دفعه إلى اختيار اسم عائلة جديد اقتبسه من اسم جبل فوجي باليابان الذي يصفه بأنه يمثل: “صورة اليابان كما أعرفها منذ أمد بعيد”.
عاشت سوريا في ظل حكم دكتاتوري استبدادي لمدة تجاوزت نصف قرن من الزمان، بعد أن ترأسها جيلان من الحكام الظالمين، بيد أن براء يخبرنا أنه اكتشف من خلال الفيس بوك بأن النظام قد سقط فجأة، وعن ذلك يقول: “فوجئت بالخبر نظراً لاستمرار الحرب في سوريا لفترة طويلة، لكني سعدت بذلك كثيراً”.
دعم البلد من خلال “قهوة شوب”
وفي خضم كل ذلك، افتتح براء متجراً عبر الإنترنت متخصصاً ببيع منتجات سورية، أسماه: قهوة شوب، وذلك خلال شهر آذار الماضي، وكما يوحي اسم المتجر، فإنه متخصص بالقهوة العربية التي كان براء يشربها كل يوم في بلده، وبما أن حبوب القهوة لا تطحن قبل إتمام الطلب، لهذا يخبرنا براء بأن متجره يقدم قهوة أكثر طزاجة من أنواع القهوة التي تباع في المتاجر عادة.
ومع كل غرام يبيعه براء من قهوته، يتبرع بمبلغ ين ياباني واحد (مايعادل سنتاً أميركياً واحداً) لفريق ملهم التطوعي وهو منظمة إغاثية إنسانية غير حكومية أسسها سوريون وتعمل على تقديم الرعاية الطبية، والمتطلبات الأساسية للحياة اليومية والتعليم وغيرها من الاحتياجات.
أعرب براء عن أمله الكبير ببلده حينما قال: “خسر كثيرون أرزاقهم في تلك الحرب، ولهذا بات من الصعب بناء سوريا لوحدها من جديد، ولكن من خلال القهوة، بوسعنا دعم مستقبل أبناء وبنات البلد”.
يذكر أن الحكومة اليابانية أعلنت في أواخر عام 2023 عن طرح برنامج لتوفير إقامة طويلة أمد يسمح لطالبي اللجوء، بمن فيهم اللاجئون السوريون، بالعمل في اليابان، وفق برنامج “الحماية الثانوية”.
وتعرّف اليابان اللاجئ على أساس اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951، بأنهم “غير القادرين، أو غير الراغبين، في العودة إلى بلدهم الأصلي، بسبب خوف مبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب تتعلق بالعرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى جماعة أو الرأي السياسي”.
وتمنح الحكومة اليابانية وضع اللاجئ لمن تنطبق عليهم هذه المعايير بشكل صارم، وعادة لا يمثلون سوى جزء ضئيل من العدد الإجمالي لطالبي اللجوء، ما أثار انتقادات بأن البلاد، التي تصنف ثالث أكبر اقتصاد في العالم، تغلق أبوابها أمام الأشخاص الفارين من الأزمات الإنسانية في جميع أنحاء العالم، وفق “يابان تايمز”.
ووفق بيانات وزارة العدل اليابانية، فإنه في عام 2022 تقدم ما مجموعه 3772 شخصاً بطلب الحصول على وضع لاجئ، ولكن تم الاعتراف بـ 202 فقط كلاجئين بشكل قانوني، في حين منح 1760 متقدماً إضافياً، وضع الإقامة لأسباب إنسانية.
المصدر: The Mainichi
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية