كتب: هاني كمال الدين
في تطور خطير ومتسارع للصراع بين الاحتلال الإسرائيلي والجمهورية الإسلامية الإيرانية، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الجيش الإسرائيلي نفذ ضربة جوية جديدة استهدفت مصنعاً حيوياً لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في مدينة أصفهان الإيرانية، ليكون هذا الهجوم هو الثالث من نوعه خلال أسبوع واحد فقط على منشآت إيران النووية.
وأكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في بيان رسمي نشر على الموقع الإلكتروني للوكالة، أن “الهجوم الإسرائيلي على منشآت إيران النووية” طال مجدداً منشأة صناعية مركزية متخصصة في إنتاج أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم، مشيراً إلى أن القصف الجديد يأتي ضمن سلسلة من الضربات المنظمة التي تستهدف برنامج إيران النووي في توقيت بالغ الحساسية.
وأوضح غروسي أن الهجوم استهدف منشأة لا تحتوي في الوقت الحالي على مواد نووية، مما يقلل من احتمالات حدوث تداعيات إشعاعية فورية في المنطقة. غير أنه أشار إلى خطورة تكرار هذه الهجمات لما قد تحمله من مخاطر مستقبلية إذا ما طالت منشآت تحتوي على مواد مشعة.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن في 21 يونيو عن تنفيذ سلسلة من الضربات الجوية الواسعة النطاق شملت عشرات الأهداف العسكرية والاستراتيجية داخل الأراضي الإيرانية، بما في ذلك منشآت نووية في أصفهان ومنصات لإطلاق الصواريخ تم تجهيزها للاستخدام الفوري. وأكدت مصادر عسكرية إسرائيلية أن العملية الجوية التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي استهدفت تعطيل قدرات إيران النووية وتقويض جهودها في تطوير برنامجها النووي.
وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية بأن العملية شارك فيها نحو خمسين مقاتلة من طرازات مختلفة، حيث ألقت ما يقرب من 150 قنبلة دقيقة التوجيه على الأهداف المحددة سلفاً، في واحدة من أعنف الغارات الجوية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد إيران منذ سنوات.
وأشار المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أن القصف الذي طال منشأة أصفهان يهدف إلى “إلحاق مزيد من الأضرار الاستراتيجية بقدرات إيران النووية وإرسال رسالة حازمة لطهران بأن أي تقدم إضافي في مشروعها النووي سيقابل برد عسكري مباشر”.
وفي تعليق سابق على التصعيد الأخير، حذر غروسي من أن تكرار “الهجوم الإسرائيلي على منشآت إيران النووية” قد يؤدي في نهاية المطاف إلى كارثة بيئية واسعة النطاق في حال استهداف منشآت تحتوي على مواد انشطارية نشطة، مؤكداً وجود العديد من المنشآت الأخرى داخل إيران مثل محطات الطاقة النووية التي يجب أن تظل بعيدة تماماً عن دائرة الصراع العسكري.
وتزايدت حدة التوترات بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران في الأشهر الأخيرة على خلفية تسارع البرنامج النووي الإيراني بعد توقف مفاوضات الاتفاق النووي. وتتهم إسرائيل إيران بالسعي لتطوير أسلحة نووية تحت غطاء برنامج مدني، وهو ما تنفيه طهران بشدة وتؤكد أن برنامجها مخصص للأغراض السلمية.
ويأتي “الهجوم الإسرائيلي على منشآت إيران النووية” في وقت تشهد فيه المنطقة حالة من الترقب والقلق الدولي من اتساع دائرة المواجهة المباشرة بين القوتين، ما قد يجر قوى إقليمية ودولية أخرى إلى قلب الصراع.
ورغم أن المنشأة المستهدفة في أصفهان بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تحتوي على مواد مشعة في الوقت الحالي، إلا أن الأوساط الدبلوماسية في فيينا ترى أن استمرار الاستهداف العسكري المتكرر للمنشآت النووية ينطوي على مخاطر جسيمة مستقبلاً، لاسيما إذا ما تعرضت مواقع تحتوي على كميات من اليورانيوم المخصب أو الوقود النووي المستعمل.
ويؤكد مراقبون أن الاحتلال الإسرائيلي بات يعتمد سياسة الضربات الاستباقية ضد إيران، في مسعى منه لإبطاء أو شل مسيرة تطوير البرنامج النووي الإيراني قبل وصوله إلى نقطة اللاعودة، مستغلاً حالة الجمود السياسي في المفاوضات الدولية ومحدودية ردود الأفعال الدولية إزاء هذا التصعيد.
ويضيف بعض المحللين العسكريين أن العملية الأخيرة في أصفهان تمثل رسالة ردع مزدوجة لكل من إيران والمجتمع الدولي، مفادها أن إسرائيل لن تتردد في اللجوء إلى الخيار العسكري لمنع إيران من حيازة قدرات نووية عسكرية، خاصة مع اقترابها من مستويات تخصيب مرتفعة قد تتيح لها امتلاك المادة الانشطارية اللازمة لصناعة القنبلة النووية.
وعلى الجانب الإيراني، أدانت طهران الهجوم بشدة معتبرة أن هذه العمليات تمثل اعتداء سافراً على سيادتها وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، محذرة من أن هذه الاعتداءات لن تمر دون رد.
وأكدت الخارجية الإيرانية أن مثل هذه الهجمات لن تؤدي سوى إلى مزيد من التصعيد والتوتر الإقليمي، محملة إسرائيل والجهات الداعمة لها مسؤولية العواقب الوخيمة التي قد تنجم عن استمرار هذا النهج العدواني.
يذكر أن “الهجوم الإسرائيلي على منشآت إيران النووية” يمثل جزءاً من صراع طويل ومعقد بين الطرفين، حيث سبق لإسرائيل أن شنت خلال السنوات الماضية عدة عمليات سرية ومعلنة ضد منشآت ومنشآت مرتبطة ببرنامج إيران النووي، بما في ذلك تفجيرات وعمليات تخريب وتصفية علماء في البرنامج النووي الإيراني.
وفي ظل استمرار هذه الهجمات المتكررة، يتزايد القلق الدولي من انزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة ذات أبعاد كارثية يصعب احتواؤها، خصوصاً في ظل غياب أي بوادر جدية لإحياء المفاوضات الدبلوماسية أو التوصل إلى اتفاق جديد يكفل ضبط البرنامج النووي الإيراني في إطار آمن وسلمي.
ويجمع المحللون على أن استمرار “الهجوم الإسرائيلي على منشآت إيران النووية” قد يفتح الباب أمام سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، ويزيد من تعقيد المشهد الأمني الهش أصلاً في المنطقة التي تعاني من صراعات متشابكة وأزمات متفاقمة.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر