جدول المحتويات
«نبض الخليج»
عانى قطاعا البريد والإنترنت في سوريا لسنوات طويلة من الفوضى والفساد وغياب التنظيم في ظل النظام السابق، وبعد سقوطه، بدأت الحكومة باتخاذ خطوات تنظيمية لتصحيح الخلل، من خلال إجراءات متلاحقة تهدف إلى إعادة تنظيم هذين القطاعين، وإنهاء حالة الاحتكار التي فرضتها بعض الشركات الخاصة. كما تسعى الحكومة إلى بناء شراكات عربية ودولية لتحسين جودة الخدمات، في إطار خطة أوسع لإعادة تأهيل البنية التحتية العامة.
وعلى مدار السنوات الماضية، عملت شركات خاصة على تقديم خدمات الإنترنت للأفراد والمؤسسات، إلا أن جودة هذه الخدمات بقيت دون المستوى المطلوب، وكانت أسعارها مرتفعة مقارنة بمستوى الدخل.
وفي هذا الشأن، أوضح المهندس مازن عوض، المتخصص في المعلوماتية، لموقع تلفزيون سوريا، أن هناك عدداً من الشركات المزوّدة لخدمة الإنترنت في دمشق وباقي المحافظات، تقدم خدمات ADSL واستضافة المواقع وخدمة IPTV، إلا أن توزيع البوابات يتم بالتنسيق مع الشركة السورية للاتصالات، التي تقوم كذلك بتحصيل الرسوم.
وأضاف: “شهدت السنوات الماضية تراجعاً واضحاً في جودة خدمات الإنترنت، ما أدى إلى نقص في عدد البوابات المتاحة لدى الشركات المزودة، ونتيجة لذلك ارتفعت الأسعار بشكل كبير، إذ وصل سعر البوابة إلى نحو مليون ليرة سورية”.
من جانبه، لفت المهندس عمار أبو لبادة إلى أن قطاع الإنترنت تأثر سلباً بعوامل متعددة، أبرزها العقوبات الاقتصادية التي حدّت من استيراد المعدات التقنية وصيانة الموجود منها، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار باقات الإنترنت مقارنة بالدخل، وغياب عروض مناسبة من الشركات المزودة، فضلاً عن ارتفاع أسعار أجهزة الهواتف المحمولة نتيجة الرسوم الجمركية.
وأضاف: “العديد من المقاسم كانت تفتقر إلى البوابات، وتلك المتوفرة تعاني من ضعف الأداء بسبب التشاركية العالية وضعف خطوط الاتصال، كما أن السرعة المقدَّمة للمشتركين لم تكن تتوافق مع السرعة الفعلية المتاحة”.
إعادة تأهيل خطوط الربط وتحديث التجهيزات
في المقابل، بدأت الحكومة باتخاذ عدد من الإجراءات لإعادة تأهيل البنية التحتية للإنترنت. وبيّن مدير عام الشركة السورية للاتصالات، المهندس غسان كلاس، أن معظم خطوط الربط الدولي كانت قديمة وتضررت خلال فترة الحرب، خاصة تلك المرتبطة بتركيا والأردن.
وأضاف أن الشركة وقّعت عقوداً مع شركتي “يونيفايل” الأميركية وCYTA القبرصية لتحديث الربط عبر الكبل الضوئي “أوغاريت”، وتأمين سعات إضافية للإنترنت من قبرص إلى طرطوس.
ولفت إلى أن السعة الحالية بلغت 200 غيغابِت، ومن المتوقع أن تصل قريباً إلى 1 تيرابِت، في حين تسعى الشركة للتعاون مع جهة دولية جديدة لإنشاء كبل بحري إضافي لتلبية الطلب المتزايد.
تطوير البنى التحتية والتحول إلى الألياف الضوئية
وأضاف كلاس أن خدمة الإنترنت ADSL موزعة بين الشركة الحكومية “تراسل” و26 مزوّداً خاصاً، وتتجه الشركة حالياً نحو تعميم خدمة FTTH عبر الألياف الضوئية، والتي توفّر سرعة واستقراراً أعلى مقارنة بالخدمة عبر الكابلات النحاسية.
وفي المناطق التي لا تتوفر فيها بنية تحتية كافية، تم الترخيص لشركات لتقديم خدمة Wi-Fi كحل مؤقت، بانتظار استكمال شبكة الألياف الضوئية.
وأكد أن رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا قد يسهم في فتح المجال أمام تعاون أوسع مع شركات الاتصالات العالمية لتحديث التجهيزات، وهو ما قد يساعد في تحسين جودة الخدمة مستقبلاً.
هيئة تنظيم الاتصالات.. مهام متعددة وتشريعات جديدة
من جانبه، أوضح المدير العام للهيئة الناظمة للاتصالات، عاطف الديري، أن الهيئة أُسست بهدف تنظيم قطاعي الاتصالات والبريد، وضمان المنافسة العادلة بين المشغّلين. وأشار إلى أن دور الهيئة يشمل الترخيص للمشغّلين ومزودي الإنترنت، ومراقبة الأسواق، وتسوية النزاعات، بالإضافة إلى إدارة الموارد النادرة مثل الطيف الترددي والأرقام.
وأضاف أن الهيئة توسعت لتشمل قطاع البريد، وأصبحت مسؤولة عن تنظيم الحوالات والطرود والخدمات البريدية، وتمثيل سوريا في المنظمات الدولية المختصة، مثل الاتحاد الدولي للاتصالات والاتحاد البريدي العالمي.
أكثر من نصف مكاتب البريد كانت خارج الخدمة
أما قطاع البريد، فقد عانى من تراجع حاد في الأداء وضعف في البنية الإدارية والخدمية. وقال المدير العام للمؤسسة العامة للبريد، عماد الدين حمد، إن المؤسسة واجهت خلال السنوات الماضية نقصاً كبيراً في الكوادر المؤهلة، وفوضى في توزيع الموظفين، بالإضافة إلى تدهور البنية التحتية، حيث كان أكثر من 50% من مكاتب البريد (من أصل 437 مكتباً) خارج الخدمة، نتيجة التدمير أو الإهمال.
وذكر حمد أن المؤسسة بدأت بإعادة تقييم وضع القطاع والعمل على تطويره تدريجياً، مستفيدة من تجارب دول الجوار، مثل مصر وقطر وتركيا، لتحسين الأداء الفني والإداري. وتسعى المؤسسة لمنح نفسها طابعاً خدمياً واقتصادياً أكثر مرونة، مع الحفاظ على طابعها الحكومي، من خلال تحديث البرامج التقنية ورفع كفاءة الكوادر.
التعاون مع القطاع الخاص وتقديم خدمات مالية
وأضاف حمد أن المؤسسة تدرس إمكانية التعاون مع القطاع الخاص لتنفيذ بعض الخدمات ضمن شروط واضحة، مع الحفاظ على دور إشرافي للمؤسسة، وبيّن أن خدمة “شام كاش” دخلت حيّز التنفيذ، كمقدمة لتقديم خدمات مالية جديدة.
وأكد أن المؤسسة تهدف إلى تطوير الخدمات البريدية وتحقيق التوازن بين تحسين الخدمة وزيادة الإيرادات بطريقة مستدامة، بما يعزز من دور البريد كمؤسسة داعمة للاقتصاد الوطني.
وفيما يتعلق بالممارسات السابقة، شدد حمد على رفض سياسة الاحتكار التي كانت سائدة، وأكد ضرورة منع استغلال الخدمات الحكومية لأغراض شخصية. وقال: “نسعى إلى بناء منظومة خدمات تعتمد على الشفافية والكفاءة، وتعزز مبدأ تكافؤ الفرص، ضمن شراكات عادلة بين القطاعين العام والخاص، تراعي المصلحة العامة”.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية