جدول المحتويات
«نبض الخليج»
يحتار أمجد وهو أحد السوريين العائدين من تركيا من أين يبدأ في الإجراءات المعقدة لتثبيت واقعة زواجه في تركيا وتسجيل ثلاثة أطفال في السجلات الرسمية التركية ومعادلة شهادته الجامعية التي حصل عليها من إحدى الجامعات التركية، حيث يؤكد خلال حديث لـ موقع تلفزيون سوريا، أنه اصطدم بصعوبات البيروقراطية السورية المتعلقة بتثبيت الواقعات خصوصاً وأنه لا يمتلك أي وثيقة تثبت الواقعات التي يحاول تسجيلها، باستثناء شهادته الجامعية.
أما وداد، اللاجئة العائدة من لبنان نحو ريف دمشق فتواجه مشكلة عصية على الحل، وفقاً لـتعبيرها في عملية الحصول على وثيقة ملكية كتابية للعقار الذي تمتلكه في مدينتها، وتوضح خلال حديث لـ موقع تلفزيون سوريا أن ظروف التهجير الإجباري من مدينتها في العام 2012 أفقدتها وثائق الطابو الخاصة بالعقار بعد أن نسيته في منزلها الذي تعرض للتدمير لاحقاً.
هذه المتاعب ومثيلاتها، تواجه عدداً كبيراً من السوريين العائدين من الخارج، حيث يمر هؤلاء بإجراءات قانونية متعددة يجهلها معظمهم، سواءً لتثبيت الواقعات أو معادلة الأوراق الثبوتية التي حصلوا عليها من بلدان اللجوء، أو معاودة استخراج أوراق ملكية فقدوها في أثناء عمليات التهجير والنزوح واللجوء، خلال السنوات الصعبة الماضية.
إجراءات قانونية
اطلع المحامي جلال شعيب العامل بريف دمشق على عراقيل عديدة تواجه القادمين من الخارج نتيجة احتكاكه بالعائدين وبالدوائر الحكومية، ويوضح خلال حديث لـ موقع تلفزيون سوريا أن أبرز المتاعب التي تواجه العائدين تتمثل بإجراءات بيروقراطية معقدة في بعض الأحيان، وخاصة للأشخاص المتزوجين الذين لم يقوموا بتثبيت واقعة الزواج في بلد اللجوء أو لم يسجلوا واقعات الولادات وهي حالات كثيرة تستلزم القيام بإجراءات عديدة للوصول إلى تسجيل قانوني للواقعات.
بخصوص معاملات تسجيل الواقعات الخارجية للمواليد، يوضح شعيب أنها تحتاج إلى دفع مبلغ 50 دولاراً ومثلها جميع واقعات الزواج والطلاق والولادة والوفاة، وأبرز الثبوتيات التي تستلزم عملية تسجيل هذه الواقعة شهادة ولادة خارجية مصدقة من السفارة في بلد اللجوء، تُستخرج عبرها شهادة ولادة سورية مماثلة يتم تصديقها في وزارة الصحة وصولاً إلى تثبيت الواقعة في دائرة النفوس الخاصة بأسرة المولود.
أما واقعات الزواج فيؤكد المحامي شعيب أنها محصورة بالسفارة التي تُرسل عن طريقها بشكل حصري، حيث يحتاج الزوج إلى تثبيت واقعة الزواج في بلد اللجوء وتصديقها في السفارة ثم إرسالها إلى الداخل السوري عبر السفارة السورية التي تقوم بتصديقها وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل، مشيراً إلى أن المحاكم السورية لا تُثبت الزواج المدني إطلاقاً، بل كل واقعات الزواج التي تثبت هي للزواج الشرعي.
وحول الثبوتيات الخاصة بالتعليم مثل الشهادات المدرسية وشهادات التعليم العالي، يوضح شعيب أنها تخضع لمعادلة عبر الوزارات المعنية ثم تمنح الوزارة قرار تخرج لحاملها لكن بشرط كونها معترف عليها من الجانب السوري، بينما لا تتم معادلة الشهادات غير المعترف بها.
هذه الإجراءات تعد طبيعية في حال كان المواطن يمتلك ثبوتيات مصدقة في بلد اللجوء، لكن ما يجعلها أكثر تعقيداً هو عدم امتلاك عدد من اللاجئين هذه الوثائق، حيث أكد عدد من العائدين الذين تحدثوا لـ”تلفزيون سوريا” أنهم لم يقوموا بتسجيل واقعات زواجهم أو طلاقهم أو تسجيل مواليدهم في السفارات، ما يجعل توصيفهم القانوني في سوريا عازبين وعازبات ويجعل توصيف مواليدهم مجهولي القيد لأنهم غير مثبتين، فضلاً عن كون والدَيهم غير مسجلين كمتزوجين في المحاكم السورية.
يوضح شعيب أن تثبيت الزواج ممن لا يمتلك أي وثيقة تسجيل للواقعة يحتاج إلى تسجيل عقد الزواج في المحكمة حيث تتم معاملات العقد بحضور الطرفين طبقاً للأصول، بينما تحتاج عملية تسجيل المولود الذي لا يمتلك والداه وثيقة ولادة إلى القيام بدعوى تثبيت نسب في المحكمة.
دوائر نفوس مقفلة
أحد العوائق أمام تثبيت الواقعات يتمثل في تأخر افتتاح عشرات دوائر النفوس في القرى والبلدات خاصة التي تعرضت للتدمير من قبل النظام السابق، وعلى سبيل المثال تعرضت هذه الدوائر في المدن والبلدات المنكوبة بريف دمشق وفي قسم من أحياء حلب وريفها إلى تدمير شبه كامل جعل من ترميمها قضية مكلفة وبحاجة إلى تمويل غير متوفر على الأرجح.
هذا الضعف في التمويل اضطر الحكومة إلى التركيز على افتتاح مراكز النفوس والمؤسسات الحكومية الأخرى في المدن والتأخر عن افتتاح المؤسسات المشابهة في الأطراف، ما حرم سكان الأطراف من تثبيت الواقعات وهو ما شكل عقبة جديدة أمام جزء من العائدين من سكان هذه البلدات.
توضح إحدى المحاميات العاملات داخل سوريا والتي فضلت عدم التصريح باسمها خلال حديث لـ موقع تلفزيون سوريا أن بإمكان أي مواطن تسجيل واقعات الزواج والطلاق وتسجيل المواليد في المحاكم لكن إتمام تثبيت هذه الواقعات في دوائر النفوس غير متاح حالياً في بعض البلدات والأحياء التي لم يتم افتتاح دوائرها الرسمية.
وبحسب المحامية، يُضطر بعض العائدين إلى تثبيت الزواج عبر ما يعرف بـ “كتاب الشيخ” بشكل مؤقت، كما يحاول البعض الحصول على وثائق تثبت واقعاتهم عبر المحاكم، في انتظار افتتاح دوائر النفوس الخاصة ببلداتهم الأصلية.
سجلات مفقودة.. لا وثائق ملكية
المشكلة العويصة التي أكدتها المصادر الأهلية التي تحدثت لـ موقع تلفزيون سوريا تتعلق بطريقة تحصيل الثبوتيات الخاصة بالملكيات العقارية في ظل تعرض آلاف الوثائق للتلف أو السرقات أو التزوير في أثناء المعارك والقصف على مدار أكثر من عقد من الزمن.
محمود الذي يمتلك عقاراً في حي الخليج بمدينة داريا لم يتمكن حتى الآن من استخراج أوراق ملكية خاصة بعقاره بعد أن فقد الوثيقة الأصلية، حيث تسير عملية استبدال هذه الوثائق بحسب ما يشير لموقع تلفزيون سوريا، بوتيرة بطيئة ومعقدة تستلزم التثبت من صاحب العقار والتأكد من ملكيته القديمة ما يحرمه في الوقت الراهن من التصرف بعقاره حتى مدة قد تطول كثيراً.
تعليقاً على هذه المشكلة، يؤكد المحامي جلال شعيب أن مالك العقار الفاقد لثبوتيات الملكية يحتاج إلى المحاكم بشكل حصري للحصول على وثيقة إثبات ملكية عبر الأدلة غير الكتابية مثل الاستجواب والتحقيق واليمين والشهود، نظراً لعدم امتلاكه أدلة كتابية وهي الطابو وحكم المحكمة.
ويواجه سكان الأبنية الطابقية متاعب إضافية في حال فقدوا وثائق الملكيات الكتابية كون الأبنية غير مفردة وتم تشييدها استناداً إلى وكالات كاتب العدل، وهي سجلات تعرضت للتلف والحرق في عدد من المدن التي واجهت النظام البائد وتعرضت للحصار والدمار.
ويؤكد شعيب أن ملف الأبنية الطابقية مرهق جداً وسط غياب الحلول الجذرية خصوصاً في حال ضياع أو تلف سجلات وكالات كاتب العدل، وفي السياق ينتقد سياسة وزارة العدل الحالية في تقييد القضاة وتكبيل تحركاتهم وعدم مراعاة عملهم في بعض المناطق المنكوبة التي فقدت وثائق الملكية الخاصة بها بشكل كامل، والتي تحتاج إلى نوع من الخصوصية القانونية والجرأة في القرار خصوصاً من جهة القضاة الذين لا يزالون حتى الآن يشعرون بالخوف والقلق اللذَين يقيدان تحركاتهم، على حد تعبيره.
ومن المفروض، وفقاً للمصادر الأهلية أن تتحمل الدولة مسؤولية المناطق المنكوبة التي فقدت ملكياتها، عبر تقديم حلول سريعة وشاملة سواء عبر منح قيود مؤقتة لمدة خمس أو عشرة سنوات أو سواها من الحلول القانونية التي تحتاج إلى قرارات جريئة من الدولة.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية