جدول المحتويات
كتب: هاني كمال الدين
شهد مطار بورتسودان الدولي، الواقع شمال شرق جمهورية السودان، حريقاً مروعاً إثر هجوم بطائرة مسيّرة استهدفت خزانات الوقود في المطار، ما أدى إلى انفجارات متتالية واندلاع النيران في محيط الموقع الحيوي. وأكدت قناة الجزيرة، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن الطائرة المسيّرة أطلقت قذائف دقيقة صوب مرافق تخزين الوقود داخل المطار، مما تسبب في أضرار كبيرة وأدى إلى تعليق حركة الملاحة الجوية بالكامل.
هذا الهجوم بطائرة مسيّرة في بورتسودان يأتي في وقت يتزايد فيه التوتر الأمني في البلاد، وسط تصاعد الصراعات المسلحة في جنوب السودان، حيث تفجرت مواجهات عنيفة بين قوات نظامية ومجموعات متمردة، ما يثير تساؤلات حول ارتباط الحادث بالتصعيد العسكري الأوسع في المنطقة.
اندلاع الحريق وتعليق جميع الرحلات الجوية
ذكرت مصادر محلية أن الطائرة المسيّرة نفذت هجومها في ساعات مبكرة من فجر اليوم، مستهدفة منشآت تخزين الوقود التي تقع على أطراف المدرج في مطار بورتسودان الدولي. ونتج عن الهجوم انفجار عنيف سُمع صداه في أنحاء المدينة الساحلية، تلاه تصاعد ألسنة اللهب وأعمدة الدخان الكثيف.
وقد سارعت فرق الدفاع المدني السوداني إلى موقع الحادث، وباشرت عمليات إخماد النيران في ظروف معقدة بسبب كثافة الحريق وخطورة المواد المشتعلة. وأفادت إدارة الطيران المدني بإلغاء جميع الرحلات الجوية من وإلى المطار حتى إشعار آخر، الأمر الذي تسبب في حالة من الفوضى في جداول الطيران الدولية والإقليمية.
أبعاد الهجوم واتهامات متبادلة
لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم بطائرة مسيّرة في بورتسودان، غير أن عدداً من التحليلات رجّحت وقوف جماعات متمردة أو أطراف إقليمية معادية وراء العملية. وتأتي هذه الحادثة في سياق توتر متصاعد تشهده البلاد، حيث أصبحت الطائرات المسيّرة وسيلة رئيسية للهجوم في النزاعات الحديثة في السودان والمنطقة.
وأشار خبراء في الشأن العسكري إلى أن نوعية الهجوم تشير إلى استخدام تقنيات دقيقة وتوجيه عن بعد، ما يضع علامات استفهام حول الجهات التي تمتلك تلك الإمكانيات، سواء داخل السودان أو خارجه. في المقابل، امتنعت السلطات الرسمية حتى الآن عن توجيه اتهام مباشر، مكتفية بالتحقيق في الملابسات وجمع الأدلة من موقع الحادث.
التصعيد العسكري في جنوب السودان
وفي سياق متصل، يشهد جنوب السودان موجة جديدة من التصعيد العسكري بعد اندلاع مواجهات دامية في مدينة ناسير الواقعة شمال البلاد، في 4 مارس الماضي. حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش النظامي ومقاتلي ما يعرف بجماعة “الجيش الأبيض” التابعة لقبيلة النوير، وهي جماعة ذات طابع عشائري لكنها مرتبطة تنظيمياً بالحركة الشعبية لتحرير السودان – جناح المعارضة.
وقد أسفرت الاشتباكات عن سيطرة الميليشيات على المدينة بالكامل، بما في ذلك القاعدة العسكرية التابعة للجيش. وتعد هذه السيطرة بمثابة تحول ميداني خطير في النزاع، وتبعث برسائل مقلقة بشأن قدرة الدولة على فرض سيطرتها على المناطق الحيوية.
ردود الفعل الدولية وتحذيرات من تفاقم النزاع
وعلى إثر هذه التطورات، أطلقت منظمات دولية تحذيرات عاجلة من تفاقم الأوضاع في السودان وجنوبه. فقد أكدت منظمة “أطباء بلا حدود” في بيان رسمي، أنها تعرضت لهجوم جوي مباشر، حيث قصفت طائرات موقع مستشفى تابع لها في مدينة أولد فانغاك في 3 مايو، ما أسفر عن أضرار جسيمة في المنشأة الصحية.
وأدان رئيس بعثة المنظمة، مامان مصطفى، هذه الضربات الجوية، محذراً من استهداف المدنيين والمرافق الإنسانية، ومعتبراً ذلك خرقاً للقوانين الدولية الإنسانية، وانتهاكاً صارخاً لأبسط مبادئ العمل الطبي والإغاثي.
هل هناك علاقة بين الهجوم على بورتسودان والتصعيد في الجنوب؟
يطرح المحللون تساؤلات حول ما إذا كان الهجوم بطائرة مسيّرة في بورتسودان يمثل امتداداً مباشراً للتوتر المتصاعد في جنوب البلاد، أم أنه حادث مستقل مدفوع باعتبارات جيوسياسية أخرى. ويرى البعض أن هناك خيطاً مشتركاً يربط بين الحوادث المتفرقة في شمال وجنوب السودان، وهو عجز الدولة عن ضبط المجال الجوي وحماية البنى التحتية الحيوية.
ويؤكد مراقبون أن الجماعات المسلحة قد تسعى إلى توسيع رقعة عملياتها من الجنوب نحو الشمال لإرباك الحكومة الاتحادية، وربما لتقويض محاولات التفاوض أو فرض وقائع ميدانية قبيل أي تسوية سياسية مقبلة.
أهمية مطار بورتسودان في البنية التحتية السودانية
يعد مطار بورتسودان الدولي من أهم الموانئ الجوية في السودان، ويخدم منطقة البحر الأحمر والمدن المجاورة، كما يُستخدم كبديل احتياطي لمطار الخرطوم الدولي في حالات الطوارئ. وتأتي أهمية هذا المطار من موقعه الاستراتيجي القريب من الموانئ البحرية ومناطق التجارة الإقليمية.
واستهداف هذا المرفق الحيوي لا يعطل فقط حركة النقل الجوي، بل يوجه ضربة مباشرة إلى الأمن الاقتصادي واللوجستي في البلاد، خاصة أن السودان يعتمد على هذه البنية لنقل الإمدادات والسلع الحيوية من الخارج.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر