جدول المحتويات
«نبض الخليج»
منذ نحو عامين، تنتظر ميس أن يُتاح لها السفر إلى زوجها المقيم في أوروبا، إلا أن القيود الجديدة التي فرضتها بعض الدول الأوروبية على لمّ شمل ذوي اللاجئين السوريين، أطالت أمد الانتظار ليخيم المجهول على مستقبل الأسرة المقيمة في تركيا.
في ظل تعقيدات الإجراءات في الدول الأوروبية بعد إسقاط النظام البائد في سوريا، تجد كثير من السوريات في تركيا اللاتي تنتظرن لم الشمل إلى أزواجهن في أوروبا أنفسهن أمام خيارين، إما انتظار يحفّه المجهول إلى حين البت بطلبات السفر من الجهات الأوروبية أو اتخاذ قرار العودة إلى سوريا برفقة أزواجهن وطيّ صفحة الهجرة نحو أوروبا.
العودة إلى سوريا.. خيار مطروح
كان زوج ميس قد سافر إلى أوروبا عقب الزلزال الذي ضرب ولاية هاتاي جنوبي البلاد في عام 2023 حيث تقيم العائلة، ومنذ ذلك الحين عملت العائلة على استكمال جميع الأوراق المطلوبة للم الشمل بدءًا من تسجيل الزواج في سوريا وتسجيل الأبناء وانتهاء باستخراج جوازات السفر.
تقول ميس المنحدرة من مدينة اللاذقية في حديث لموقع تلفزيون سوريا، إن هذه الإجراءات كلّفت نحو ثلاثة آلاف دولار أميركي في ظل النظام البائد، ولا توجد أي عقبات أمام لم الشمل سوى الانتظار والبيروقراطية، وهذا ما دفعها وزوجها للتفكير في خيار العودة إلى سوريا.
وتضيف ميس أنها تعيش حيرةً بين خيارين: انتظار السفر إلى أوروبا، حيث الأمان وفرص التعليم الأفضل لأطفالها، لكن وسط شعور بالملل والكآبة، أو العودة إلى سوريا، حيث تتوفر لها ولزوجها فرصة عمل برواتب جيدة ومكانة اجتماعية محترمة، وإن كان هذا الخيار محفوفًا بمخاطر غياب الاستقرار.
كل خيار يحمل بداية جديدة من الصفر لميس وعائلتها، سواء في مجتمع جديد ولغة مختلفة في أوروبا، أو في بلدها حيث تقيم عائلتها وعائلة زوجها، غير أن القلق الأكبر بحسب وصفها، هو الانتظار الطويل الذي تفرضه إجراءات لمّ الشمل، وقد يكون اختصاره ممكنًا فقط بقرار العودة.
وبينما يدفع طول الانتظار ميس إلى التفكير جديًا في خيار العودة، وقد تتخذ هي وعائلتها هذا القرار قريبًا، يبدو هذا الخيار مطروحًا أيضًا أمام أسرة جميلة، في حال استمرار تعليق لمّ الشمل لعامين إضافيين.
تننظر جميلة اليوسف السفر منذ سنتين ونصف إلى زوجها المقيم في ألمانيا، لكن حصوله على إقامة الحماية الثانوية هناك تحول إلى عائق قانوني يؤخر إجراءات السفر.
عقبة “الحماية الثانوية”
رغم استخراج جميلة المنحدرة من مدينة الرقة والمقيمة مع طفليها في ولاية موغلا منذ لجوئها إلى تركيا عام 2017، لجوازات السفر واستكمالها جميع الأوراق الثبوتية المطلوبة للم الشمل، لم تحصل على موعد لإجراء مقابلة إلى الآن.
تقول في حديث إلى موقع تلفزيون سوريا إنها أرسلت جميع الوثائق إلى “المنظمة الدولية للهجرة” (IMO) عن طريق البريد الإلكتروني ثم راجعت المنظمة بشكل شخصي وتأكدت من عدم وجود أي نقص في الأوراق.
وتوضح أن عائلة الشخص الحاصل على إقامة الحماية الثانوية تعاني من التأخير في الحصول على دور إذ يصل الدور لذوي ألف شخص من كل دول العالم في كل شهر، ولا تتم مقابلة أكثر من 50 شخص في منظمة الهجرة، مشيرة إلى أن هذه التعليمات من ألمانيا والسبب الضغط على الحكومة لإيقاف لم شمل الأسر.
ماذا يعني لم الشمل؟
لم شمل الأسرة هي عملية تجمع بين أفراد الأسرة الذين يعيشون في بلدان مختلفة، وفق الموقع الرسمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وبالنسبة للاجئين، فإن لم شمل الأسرة يصبح ممكنًا في الحالات التي ينفصل فيها أفراد الأسرة ويتم الاعتراف بأحدهم على الأقل كلاجئ، أو عندما يكون أحدهم حاصلًا على حماية تكميلية من قبل البلد الذي يعيش فيه. يمكن لهذا اللاجئ بعد ذلك التقدم بطلب لكي تنضم أسرته إليه في ذلك البلد.
وكان عدم امتلاك اللاجئين للوثائق الرسمية اللازمة وصعوبة الوصول إلى السفارات السورية في أوروبا لاستخراجها من أبرز العوائق التي تعرقل طلبات لم الشمل سابقًا إلّا أنها زالت مع زوال النظام السابق لتحل محلها عراقيل جديدة مع ظهور توجه عام في أوروبا لتقييد الهجرة.
قيود جديدة
وفرضت الحكومة الألمانية بقيادة المستشار المحافظ فريدريش ميرتس قيودًا على لم شمل عائلات المهاجرين وعلى إجراءات الحصول على الجنسية، في تعديل جذري في سياسة الهجرة بحسب تقرير لوكالة “رويترز” للأنباء.
ويمُنع بموجب التعديل الجديد مهاجرون يحملون حماية ثانوية (ولا يحق لهم اللجوء الكامل) من جلب أزواجهم أو أطفالهم إلى ألمانيا لمدة عامين، وتشمل هذه الفئة نحو 380 ألف شخص، أغلبهم من السوريين، فيما كان يسمح سابقًا بنحو 12 ألف تأشيرة لمّ شمل سنويًا.
كما علقت النمسا في آذار الماضي لمّ شمل العائلات للمهاجرين الحاصلين على الحماية بحسب إعلان رئيس الائتلاف الحكومي الجديد، المستشار كريستيان ستوكر، لأن “البلاد لم تعد قادرة على استيعاب القادمين الجدد بالشكل المطلوب”.
ويتعلق تعليق لمّ الشمل بمن يملكون “الحماية”، أي اللاجئين الذين لا يمكن ترحيلهم، ولا يُسمح لهم بسفر عائلاتهم القاطنة في خارج النمسا وفقًا لتقرير نشرته وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية.
ويشير التقرير إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق ضغوط أوروبية عامة لتقليص أعداد المهاجرين وتعجيل إعادة من رفضت طلبات لجوئهم، بينما لا تزال نسبة منخفضة فقط من حاملي أوامر الترحيل تُنفّذ فعليًا.
وكان نحو 1.4 مليون سوري حصلوا على حماية في دول الاتحاد الأوروبي بين عامي 2015 و2023، نحو نصفهم في ألمانيا، إضافة إلى أعداد كبيرة في السويد، النرويج، هولندا، والنمسا، بحسب تقرير لـ” معهد جاك ديلور” وهو مركز أبحاث مستقل.
ورغم انخفاض نسبي في أعداد الطلبات الأولية في 2024، لا يزال السوريون أكبر مجموعة طالبة لجوء في دول الاتحاد الأوروبي، مع تقديمهم 148 ألف طلب لجوء أول مرة في أوروبا.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية