جدول المحتويات
«نبض الخليج»
يعاني أهالي مدينة نوى في ريف درعا الغربي من نقص شديد في مياه الشرب منذ سنوات، وسط عجز الجهات المحلية والمبادرات المجتمعية عن التوصل إلى حل جذري يضمن وصول المياه بانتظام إلى المدينة التي يتجاوز عدد سكانها مئة ألف نسمة.
وفي حديث لموقع تلفزيون سوريا، قال محمد الكومي، أحد سكان مدينة نوى، إن مياه الشرب مقطوعة تماماً منذ أكثر من شهرين، ما اضطر الأهالي للاعتماد على شراء المياه من الآبار بأسعار مرتفعة تفوق قدرة الكثير من العائلات.
وأضاف الكومي: “نضطر لشراء صهاريج المياه بشكل دوري، حيث يبلغ سعر الصهريج الواحد نحو 100 ألف ليرة سورية، فيما يحتاج منزلي إلى عشر براميل كل أسبوع تقريباً بتكلفة تصل إلى خمسين ألف ليرة”.
وأشار إلى أن معاناة السكان لا تقتصر على الانقطاع، بل تتفاقم أحياناً بسبب تلوث المياه الواصلة عبر الشبكة، موضحاً: “اليوم وبعد غياب المياه نحو شهرين، وصلت المياه إلى منازلنا وهي ملطخة بالطين والتراب، وقد تغير لونها بالكامل ولم تعد صالحة للشرب، ما اضطرنا للتخلص من المياه المخزنة في الخزانات”.
ولفت الكومي إلى أن هذه المشكلة مستمرة منذ سنوات، دون أي حلول عملية أو تدخل جدي من الجهات المعنية، ما يفاقم معاناة الأهالي في ظل ظروف اقتصادية صعبة وتكاليف معيشية مرتفعة.
الواقع المائي في مدينة نوى: تراجع مستمر ونقص حاد في الكوادر والتجهيزات
بدوره، أوضح رئيس وحدة مياه نوى، المهندس أحمد أبو السل، تفاصيل الواقع المائي في المدينة، والصعوبات الكبيرة التي تواجه مشاريع مياه الشرب لافتا إلى أنّ مصادر مياه الشرب الحالية هي
- الآبار الخاصة.
- الآبار الحكومية على طريق نوى – الشيخ مسكين، والتي تقدّر غزارتها بحوالي 1000 متر مكعب يوميًا في حال توفّر الكهرباء والتجهيزات، لكنها لا تنتج اليوم سوى 600 متر مكعب.
- ينابيع الأشعري (مشروع نوى المرحلة الثالثة) وتبلغ حصة مدينة نوى والقرى التابعة لها حوالي 70% من مياه مشروع الأشعري، فيما توزّع الـ30% الباقية على بلدات تسيل وعدوان والشيخ سعد وجلين والمزيرعة.
وأوضح أبو السل في تصريحات لموقع تلفزيون سوريا أنّ احتياج المدينة بحسب الاستهلاك الوسطي للفرد (150–200 لتر يوميًا)، يبلغ نحو 20 ألف متر مكعب من مياه الشرب يوميًا.
وكانت ينابيع الأشعري توفّر نحو 25000 متر مكعب يوميًا. أما اليوم، وبعد انتشار حفر الآبار العشوائية (نحو 50 ألف بئر في حوض اليرموك)، تراجع إنتاج المياه إلى 7000 متر مكعب يوميًا فقط، تصل منها فعليًا إلى مدينة نوى ما يقارب 1500–2100 متر مكعب يوميًا، والباقي يذهب للتجمعات الواقعة على خط التغذية قبل خزان تل الجموع، بحسب أبو السل.
وللتعويض، يضطر السكان إلى شراء المياه من الصهاريج الخاصة بتكلفة تصل إلى 10 دولارات للـ5 أمتار مكعبة، رغم أنها غير معالجة صحيًا.
وأشار رئيس وحدة مياه نوى إلى عدد من المشكلات الفنية والإدارية:
- خرجت معظم مضخات الضخ الأساسية عن الخدمة نتيجة تقادم المعدات وعدم توفر الصيانة، إذ لم يتبقّ سوى مضختين تعملان بصعوبة، إحداهما تعاني ميلًا في المحور يؤدي إلى أعطال متكررة.
- المباني والتجهيزات الميكانيكية تحتاج إلى صيانة عاجلة، بما في ذلك تغطية القنوات المكشوفة للحد من التلوث.
- تعرضت محطة تل الجموع مؤخرًا للتخريب وسرقة مكوّناتها الكهربائية والميكانيكية.
- أزمة الكهرباء: رغم إقرار مشروع تزويد محطة تل الجموع بخط كهرباء غير مقنن “الخط الذهبي” ومصادقة وزارة الكهرباء والمؤسسة العامة لمياه الشرب على تنفيذه، لم يُنجز المشروع فعليًا منذ أكثر من عامين، ما ساهم في تفاقم الأزمة.
- نقص الكوادر البشرية: قبل عام 2018، كان عدد الموظفين في وحدة مياه نوى حوالي 30 عاملًا وفنيًا. اليوم لا يتجاوز عددهم 9 موظفين، بينهم 3 نساء، فيما تحتاج محطة الضخ وحدها إلى 16 عاملًا لتغطية الورديات بشكل كامل.
دعوات للحماية والصيانة
شدد المهندس أبو السل على ضرورة تفعيل الحماية الأمنية لمحطات الضخ وخطوط الدفع لمنع السرقات والعبث بالتجهيزات الحيوية. كما دعا إلى توفير كوادر بشرية مدرّبة وصيانة عاجلة للبنى التحتية والمضخات، لضمان استمرار تزويد المواطنين بمياه الشرب.
ويعكس هذا التدهور الحاد في واقع مياه الشرب حجم التحديات التي تواجهها مدينة نوى وريفها، وسط مطالبات شعبية بتدخل عاجل يضمن تأمين هذا المورد الحيوي للأهالي ويحافظ على صحتهم وسلامتهم.
تعديات مستمرة على خط الأشعري تحرم آلاف السكان في نوى من مياه الشرب
قال الناشط الإعلامي عدنان العبدالله إن واحدة من أبرز المشكلات التي تعانيها مدينة نوى في الوقت الحالي هي التعديات المستمرة على خط مياه الأشعري الواصل بين بلدة جلين ومدينة نوى، مؤكداً أن هذه التجاوزات تساهم بشكل مباشر في تفاقم أزمة مياه الشرب.
وأوضح العبدالله في تصريحات لموقع تلفزيون سوريا أن بعض المزارعين وأصحاب “النفوس الضعيفة” يقومون بكسر خط المياه واستخدامه في سقاية المزروعات، ما يؤدي إلى إضعاف ضخ المياه نحو محطة تل الجموع التي تغذي مدينة نوى والقرى المجاورة.
وأضاف أن قوات الأمن الداخلي نفذت عدة مداهمات لضبط المخالفين وإيقاف التعديات، إلا أن معظم هذه الحملات تنتهي بتسجيل الضبوط “ضد مجهولين” بعد إغلاق نقاط الكسر، ليعود المعتدون لتكرار التعدي فور مغادرة الدوريات الأمنية.
وأشار العبدالله إلى أن هذه الظاهرة تتسبب بمعاناة مستمرة للأهالي، في ظل نقص حاد بالمياه وارتفاع تكاليف تأمينها من مصادر بديلة، محذراً من استمرار الفوضى دون إجراءات رادعة.
وأضاف العبدالله أن التعديات لا تقتصر على خط مياه الأشعري فقط، بل تمتد أيضاً إلى الخطوط القادمة من الآبار الواقعة على طريق مدينتي الشيخ مسكين ونوى، حيث يستولي أصحاب مشاريع البساتين وبعض الأهالي على هذه الخطوط لتأمين مياه الري بشكل غير قانوني.
وأشار إلى أن مؤسسة المياه في مدينة نوى وثّقت “أكثر من 60 حالة تعدٍّ” على هذه الشبكات خلال الفترة الماضية، موضحاً أن هذه الممارسات تسببت في انقطاع المياه بشكل شبه كامل عن أجزاء واسعة من المدينة، لاسيما الأحياء الشمالية والشرقية.
ولفت إلى أن الأهالي في تلك المناطق غالباً لا تصلهم المياه، وإن وصلت تكون بكميات ضئيلة لا تكفي لتلبية أبسط الاحتياجات اليومية، ما يفاقم معاناة السكان الذين يضطرون للاعتماد على الصهاريج بأسعار مرتفعة.
وشدد العبدالله في ختام حديثه على أن استمرار هذه التعديات دون محاسبة جدية سيؤدي إلى تفاقم أزمة العطش في مدينة نوى، مطالباً بفرض إجراءات رقابية صارمة وحماية خطوط الإمداد بشكل دائم لضمان وصول المياه إلى جميع الأحياء بشكل عادل.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية