جدول المحتويات
«نبض الخليج»
في سوريا ما بعد الحرب، لا تزال الأسلحة التي تركتها سنوات الصراع الطويلة تحصد الأرواح بصمت. سلسلة انفجارات غامضة تهز القواعد العسكرية ومخازن الذخيرة من حلب إلى إدلب، لتعيد إلى الأذهان هشاشة الأمن في البلاد وخطورة ترك ملايين الذخائر غير المنفجرة قرب تجمعات مدنية. وفي النيرب الصغيرة، حيث كان الأطفال يلعبون قرب صواريخ مهجورة، تحولت تحذيرات الأهالي إلى مأساة في 11 تموز، عندما دوى انفجار ضخم أشعل الحرائق وحصد الأرواح، كاشفاً حجم الفوضى التي خلفتها الحرب. ومع تكرار الانفجارات، يطرح السوريون سؤالاً مريراً: هل أصبحت هذه المخازن القنابل الموقوتة الجديدة التي تهدد حياة العائدين إلى ديارهم؟
يعرض موقع تلفزيون سوريا هذا التقرير في إطار التغطية الإعلامية للملفات المتعلقة بواقع الأمن في سوريا، مع الإشارة إلى أن ما ورد فيه يعكس رؤية الصحيفة ومصادرها، ويُقدّم كمادة تحليلية تساعد على فهم طريقة تناول الإعلام الدولي للملف السوري، دون أن يُعد توثيقاً شاملاً لكامل المشهد أو تبنياً لاستنتاجاته.
وفيما يلي ترجمة موقع تلفزيون سوريا لهذه المادة:
قبل أشهر من وقوع الانفجار الذي هز بلدة النيرب الصغيرة، ناشد الأهالي الحكومة لتؤمن القاعدة العسكرية القريبة منهم والمليئة بالرؤوس الحربية والصواريخ وغيرها من الأسلحة.
بعد طرد الثوار للرئيس بشار الأسد في كانون الأول الماضي، هرب جنود النظام من تلك القاعدة الصغيرة القريبة من حلب، مخلفين وراءهم أسلحة لم يؤمنوها. وخلال الأشهر التي أعقبت ذلك، صار الأطفال يلعبون على مقربة من المتفجرات، في حين أخذ الرعيان واللصوص الذين ينقبون عن خردة النحاس يمرون بتلك القاعدة، ويعبثون بالأسلحة في بعض الأحيان، بحسب إفادة شخصين من أهالي القرية.
وعن الانفجار الذي حدث في 11 تموز، يقول تاجر الحبوب نصر هنداوي، وهو أب لتسعة أولاد يقيم في النيرب: “بدأت أسمع صوت طقطقة من القاعدة ثم سمعت صوت انفجارين متتاليين، واندلع حريق في غضون دقيقتين، فأسرعت من فوري مهرولاً من الطابق الثاني لآتي بزوجتي وأولادي ونهرب، بعد ذلك وقع الانفجار”.
حياة الناس في خطر!
خلال هذا الشهر، أسفر ما لا يقل عن خمسة انفجارات غامضة أخرى حدثت ضمن قواعد عسكرية ومخازن للأسلحة عن مقتل عدد من الأشخاص وجرح آخرين. كما أثارت تلك الانفجارات تساؤلات حول مدى تأمين تلك المستودعات الكبيرة التي تحتوي على أسلحة وذخائر وعبوات غير منفجرة خلفتها الحرب السورية بعد أن امتدت لثلاثة عشر عاماً، في فترة انتقال السلطة خلال الشهور السبعة الماضية.
وقع يوم الخميس انفجار كبير آخر في قاعدة عسكرية تعرضت لقصف بمدينة معرتمصرين، في شمال غربي محافظة إدلب، فأسفر ذلك عن مقتل ستة أشخاص على الأقل وجرح أكثر من مئة آخرين بحسب ما أوردته فرق الإنقاذ التابعة للدفاع المدني السوري. ونقلاً عن وزير إدارة الطوارئ والكوارث، رائد الصالح، أعلنت القناة الإخبارية الرسمية بأن جهود الإنقاذ توقفت بسبب سلسلة من التفجيرات التي حدثت في تلك القاعدة والتي تحتوي على أسلحة وذخائر.
وبعد انفجار آخر مماثل، حذر المرصد السوري لحقوق الإنسان من بريطانيا من:”وجود مستودعات أسلحة وذخائر في مناطق قريبة من تجمعات مدنية وهذا ما يعرض حياة الأهالي للخطر على الدوام”.
وهنالك أيضاً حوادث وفيات تحدث كل أسبوع تقريباً وكلها سببها الذخائر غير المنفجرة التي تنتشر في مختلف بقاع سوريا، وتشمل الألغام والقنابل العنقودية، وغيرها من المتفجرات. وبما أن بضعة ملايين من السوريين النازحين بسبب الحرب التي امتدت طويلاً قد شرعوا في العودة إلى مدنهم وأراضيهم عقب انتهاء الحرب، لذا فإنهم باتوا عرضة لتلك الأخطار.
تحفظ حكومي على أخبار الانفجارات
لم تصرح وزارة الدفاع السورية سوى بالنزر اليسير من سلسلة الانفجارات التي وقعت، إذ في رد على الأسئلة التي طرحتها عليها صحيفة التايمز بعد انفجار 7 تموز، عزت الوزارة ذلك لتأثير حرارة الصيف على المخزون المؤلف من ذخائر غير منفجرة جمعت قبل ذلك بغرض إتلافها.
ويوم الخميس الماضي، أعلن ناطق باسم الوزارة بأن أسباب تلك الانفجارات العديدة ما تزال قيد التحقيق.
فيما ذكر أهالي النيرب بأنهم لم يعرفوا سبب الانفجار الذي وقع في 11 تموز، إلا أن انفجاراً أصغر كان قد وقع قبل شهور عندما أحرق أطفال إطار سيارة داخل قاعدة عسكرية مهجورة، وذلك ليذيبوا الغلاف البلاستيكي المحيط بكابلات النحاس حتى يتمكنوا من بيعها كخردة وذلك بحسب ما ذكره نصر هنداوي.
وبعد تلك الحادثة، أرسلت الحكومة جنودها لينقلوا معظم الأسلحة من ذلك الموقع وفقاً لما ذكره الأهالي.
“الانفجارات عقبة أمام التعافي”
ثمة أسباب عديدة محتملة لحدوث تلك الانفجارات، من بينها الحرارة أو العبث، وذلك بحسب رأي محمد سامي المحمد الذي يشرف على برنامج إزالة الألغام التابع لوزارة الطوارئ في الحكومة الجديدة.
ويضيف هذا الرجل: “يمثل انتشار الأسلحة خطراً كبيراً في معظم أنحاء سوريا، كما يمثل عقبة كبيرة أمام التعافي الذي نأمل بتحقيقه”.
هذا وتخطط الوزارة لإنشاء مركز لإزالة الألغام والأسلحة غير المنفجرة بحسب ما ذكره لنا محمد المحمد.
ما علاقة الأجانب بالانفجارات؟!
في الثاني من تموز، انفجر مستودع للذخائر، فهز مدينتي كفريا والفوعة القريبتين، وأخبرنا الأهالي الذين يعيشون في الجوار بأن المستودع كان تحت سيطرة مقاتلين أجانب.
تهافت آلاف المقاتلين الأجانب على سوريا خلال الحرب وذلك لمحاربة الفصائل الثورية أو الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة، وبقي معظمهم في سوريا بعد أن وضعت الحرب أوزارها. بيد أن ضم هؤلاء المقاتلين إلى صفوف الجيش السوري الذي تشكل حديثاً تحول إلى أثار تخوف بعض السوريين والحلفاء الأجانب الجدد مثل الولايات المتحدة.
يخبرنا حسان الأحمد، 45 عاماً، وهو أب لسبعة أولاد، بأنه كان في بيته القريب من مستودع للذخيرة يشرب برفقة أسرته الشاي عندما وقع انفجار الثاني من تموز، وقال: “وقعت انفجارات ضخمة، لكننا لم نتمكن من الهرب، واستمرت تلك الانفجارات لمدة عشر دقائق”.
بعد ذلك، رأى مجموعة من المقاتلين الأجانب يهربون من المستودع، وأحدهم حذر أهالي القرى من حريق نشب في المستودع كما أخبرنا حسان.
وعندما سئل عن سبب الانفجار، ذكر ذلك المقاتل الأجنبي بأنهم كانوا يطهون الطعام في الداخل، واستمرت الانفجارات بالحدوث في الموقع حتى اليوم التالي لكنها كانت أخف وطأة وفقاً لما وصفه حسان الأحمد.
في تصريح لها لصحيفة التايمز، أنكرت وزارة الدفاع السورية وجود مقاتلين أجانب في ذلك المستودع.
وبعد يومين على وقوع الانفجار كما يتذكر حسان، أرسلت وزارة الدفاع وحدات الهندسة وقوات الأمن إلى المستودع حتى تؤمن الموقع وتفجر ما تبقى من الذخائر.
المصدر: The New York Times
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية