جدول المحتويات
«نبض الخليج»
تتسارع التحركات السياسية والدبلوماسية حول سوريا في ظل ثبات التوتر في الجنوب السوري وتكرار التوغلات الإسرائيلية التي تزامنت مع تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن إسرائيل الكبرى ومحاولات الاستيطان في الجولان السوري، ما دفع المجموعة العربية والدول الفاعلة في مجلس الأمن إلى تأكيد ارتباط أمن سوريا بالأمن العربي والإقليمي، والدعوة لتفعيل اتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974. وتزامن ذلك مع الإعلان عن لقاء سوري–إسرائيلي في باريس، ومطالبات أممية بإصلاحات أمنية لمكافحة الإرهاب، ما يعكس تعقيد المشهد السوري وتعدد الأطراف المنخرطة فيه.
المجموعة العربية في الأمم المتحدة أكدت عبر بيان تَلَته مندوبة قطر علياء آل ثاني، أن أمن سوريا واستقرارها “جزء لا يتجزأ من الأمن العربي والإقليمي”، مشددة على ضرورة الحفاظ على وحدة البلاد ومؤسساتها، باعتبار ذلك الضمانة الأساسية لمنع زعزعة الاستقرار ومكافحة الإرهاب.
وأشارت المجموعة إلى أن سوريا تمر بمرحلة دقيقة تواجه خلالها تحديات أمنية وإنسانية واقتصادية، الأمر الذي يستدعي دعمًا دوليًا مباشرًا لتعزيز جهود التعافي. ودعت إلى ترسيخ الوحدة الوطنية تحت مظلة الدولة، وبسط الأمن والنهوض بالتنمية، والمضي بعملية سياسية شاملة تشمل جميع مكونات الشعب السوري.
وجاء في البيان العربي إدانة واضحة للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، وُصفت بأنها خروقات تمثل انتهاكًا صارخًا للسيادة السورية وميثاق الأمم المتحدة. وطالبت المجموعة مجلس الأمن بالتحرك لإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها، والانسحاب من الأراضي المحتلة، والالتزام باتفاق فضّ الاشتباك، مؤكدة أن الجولان السوري المحتل يظل أرضًا عربية محتلة وفق القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.
الجنوب السوري محور اشتباك إقليمي دولي
يعكس التركيز العربي والدولي على الجنوب السوري حساسية هذه المنطقة، التي باتت مركزا لتقاطع المصالح الدولية وتبادل الرسائل السياسية. في ظل التصعيد الإسرائيلي ودعوات الانفصال التي أثارت حساسية عربية وإقليمية.
وتُظهر التحركات العربية والدولية رغبة في احتواء التوتر ومنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة أوسع، لكن استمرار خروقات الاحتلال وتنامي تهديد “داعش”، إضافة إلى هشاشة المؤسسات المحلية، تضع هذه الجهود أمام تحديات حقيقية تتطلب توافقا إقليميا ودوليًا أكثر فاعلية، خاصة فيما يتعلق بإكمال رفع العقوبات ودعم إعادة هيكلة الجيش السوري والمؤسسات الوطنية.
الموقف العربي.. ورسائل ضمنية بشأن التطبيع
بدأت الجلسة بتأكيد عربي على أن أمن سوريا جزء لا يتجزأ من الأمن العربي والإقليمي، في رسالة تتجاوز البعد الأمني المباشر لتدخل في صلب التوازنات السياسية الإقليمية، خصوصًا في ما يتعلق بالعلاقة مع دولة الاحتلال.
وأعلنت مندوبة قطر، علياء آل ثاني، باسم المجموعة العربية، أن وحدة سوريا ومؤسساتها تمثل حجر أساس لمنع زعزعة الاستقرار ومكافحة الإرهاب، معتبرة أن تجاوز الأزمة السورية يتطلب دعمًا دوليًا مباشرًا لإنجاح جهود التعافي والتنمية.
لكن اللافت في التصريحات العربية أنها لم تكتفِ بإدانة الانتهاكات الإسرائيلية والدعوة إلى انسحاب الاحتلال من الأراضي السورية، بل طرحت بشكل غير مباشر معادلة سياسية مفادها أن أي مسار للتطبيع العربي مع إسرائيل يجب أن يمر عبر احترام السيادة السورية وإنهاء الاحتلال، وربما التنسيق المسبق مع دمشق بشأن أي خطوات إقليمية ذات صلة.
هذا الربط بين الأمن السوري والأمن العربي لا يقتصر على التنسيق الأمني ومكافحة الإرهاب، بل يُفهم أيضا في سياق إعادة رسم العلاقات العربية–الإسرائيلية، ليضع سوريا ضمن أي معادلة للتطبيع، ويعكس رفضا عربيا ضمنيا للقفز فوق الملف السوري أو اعتباره خارج الحسابات.
وجاء التحرك السوري في مجلس الأمن عبر إدانة ممارسات الاحتلال، حيث طالب المندوب السوري في الأمم المتحدة، قصي الضحاك، بإدانة الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وأبرزها استهداف القصر الرئاسي ووزارة الدفاع في دمشق والتوغلات البرية. واعتبر أن هذه الهجمات تقوّض استقرار البلاد وتعطل مسيرة التقدم.
وشدد الضحاك على أن “الحكومة مع الحوار والمصالحة، وترفض التدخلات الخارجية الهدامة”، مؤكداً تطلع سوريا إلى دعم دولي إيجابي في هذه المرحلة.
لقاء بين دمشق وتل أبيب.. ماذا دار في باريس؟
في تطور لافت، عقد في باريس لقاء جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ورئيس جهاز الاستخبارات، حسين سلامة، مع وزير الشؤون الاستراتيجية لدى الكيان، رون ديرمر.
وأوضح المصدر أن الطرفين ناقشا سبل احتواء التوتر في الجنوب السوري، وتمسك الجانبين بوحدة الأراضي السورية ورفض مشاريع التقسيم، مع التأكيد على أن محافظة السويداء “جزء لا يتجزأ من سوريا”، وأن المواطنين الدروز “مكوّن أصيل من النسيج الوطني”.
كما تطرق اللقاء إلى الملف الإنساني، واتفقت الأطراف على ضرورة تكثيف المساعدات للسويداء والبدو في الجنوب. وناقش الجانبان آلية لإعادة تفعيل اتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974، بهدف وقف التوغلات الإسرائيلية وتهيئة بيئة أكثر استقرارا. وانتهى اللقاء بالتأكيد على خفض التصعيد في الجنوب وتفادي الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة.
وكان مصدر حكومي قد أكد في تصريح لوكالة الأنباء السورية (سانا) أنه “لن يكون هناك ممر إنساني عبر الحدود”.
وشدد المصدر في تصريحاته للوكالة على أن “تقديم المساعدات الإنسانية يتم حصراً بالتنسيق المباشر مع مؤسسات الدولة في العاصمة دمشق”.
وأوضح المصدر أن هذا الإجراء يهدف إلى “ضمان وصول المساعدات بشكل آمن ومنظّم إلى جميع المستحقين بما في ذلك محافظة السويداء وغيرها من المناطق”.
الرفض السوري “للممر الإنساني” لا ينعزل عن السياق السياسي الأوسع، إذ يُنظر إلى المقترح الخاص بفتح ممر إنساني – خصوصًا إذا تم عبر الأردن أو مناطق محاذية لمرتفعات الجولان – على أنه مرتبط بمشروع سياسي إقليمي تتداخل فيه المصالح الإسرائيلية والغربية، وتراه دمشق محاولة لفرض قنوات موازية تتجاوز سلطتها الرسمية، وتفتح ثغرة دبلوماسية وأمنية في الجنوب.
مواقف دولية.. دعم للسيادة السورية ودعوة للإصلاحات
عبّر عدد من أعضاء مجلس الأمن عن دعمهم لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، مع تباين في مستوى التأييد لخطوات دمشق.
أكدت الولايات المتحدة دعمها سيادة سوريا، ورحبت بتعاون سوريا مع الأمم المتحدة في التحقيق بالانتهاكات، ودعت إلى محاسبة عناصر الأمن المسؤولين عن انتهاكات القوانين، مشددة على إنهاء “العنف الطائفي” في البلاد.
ورحبت فرنسا بالحوار السوري–الإسرائيلي في باريس، واعتبرته فرصة على إسرائيل استغلالها، داعية إلى انسحاب الاحتلال الإسرائيلي إلى ما وراء خطوط اتفاق 1974.
أما روسيا، فدعت إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري، وطالبت بإجراء إصلاحات هيكلية في أجهزة إنفاذ القانون التابعة للنظام، في إشارة إلى الحاجة لإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية.
ورحّبت المملكة المتحدة بجهود إرسال المساعدات إلى الجنوب السوري، في حين عبّرت المجموعة العربية عن دعمها الكامل لجهود مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود ومنع تهريب السلاح والمخدرات.
تهديد “داعش” يتمدد
في السياق، حذر وكيل الأمين العام لمكتب مكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، من عودة تنظيم “داعش” للنشاط في البادية السورية، مستغلاً التوترات الطائفية والدعوات الانفصالية. وأشار إلى أن التنظيم يسعى لاستعادة قدراته العملياتية، ما يهدد الأمن المحلي والإقليمي.
كما أكدت ناتاليا جيرمان، المديرة التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، أن الأوضاع في مخيمات شمال شرقي سوريا تشكل بيئة خصبة للتطرف، مطالبة بدعم عاجل لمعالجة الأزمة الإنسانية وتحسين قدرات الدول في مكافحة الإرهاب.
وكان وفد من وزارة الداخلية السورية شارك في المؤتمر العربي السابع والثلاثين لفريق الخبراء العرب المعني بمكافحة الإرهاب في تونس، برئاسة العميد سامر الحسين. وتناول المؤتمر تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب وتبادل الخبرات الأمنية.
وفي لقاء آخر، بحث وزير الداخلية أنس خطاب مع المبعوث الإسباني الخاص إلى سوريا، أنطونيو غونزاليس، سبل التعاون في مجالات الهجرة والجوازات، وتدريب عناصر الأمن الداخلي.
بيدرسن والقرار 2254
قدم المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، إحاطة لمجلس الأمن أكد خلالها التزام الأمم المتحدة بسيادة سوريا، ورفضها للانتهاكات الإسرائيلية. ورحب بتشكيل مجموعة عمل بين الولايات المتحدة والأردن وسوريا لدعم وقف إطلاق النار، لكنه حذر من هشاشة الوضع، مشيراً إلى استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية والعمليات البرية جنوب غربي سوريا، رغم توقيع الاتفاق. ودعا بيدرسن إلى الالتزام التام باتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974، واحترام استقلال ووحدة أراضي سوريا. مجدداً دعوته إلى “تطبيق بنود القرار الأممي رقم 2254 التي تنص على وضع دستور للبلاد وإجراء انتخابات ديمقراطية”.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية