«نبض الخليج»
يشهد سوق الأبقار في دير الزور انهياراً غير مسبوق في الأسعار، ما أجبر المربين على التفريط بقطعانهم بأبخس الأثمان، بعدما تحوّلت تربية المواشي من مصدر دخل أساسي إلى عبء مالي ثقيل بسبب ارتفاع كلفة الأعلاف وتراجع عائد الحليب.
وأفادت مصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا أن أسعار الأبقار في دير الزور أن سعر البقرة التي كانت تباع العام الماضي بنحو 40 مليون ليرة سورية إلى حدود 10 ملايين فقط، أي بانخفاض وصل إلى 75%.
أما الأبقار البكر التي كانت قيمتها تتجاوز 10 ملايين، فقد هبطت اليوم إلى ما بين 2 و3 ملايين ليرة.
وأضافت المصادر أن أسعار العجول انكمشت أيضاً من نحو 8 ملايين إلى أقل من 3 ملايين، في حين يباع كيلوغرام اللحم حالياً بين 50 و70 ألف ليرة فقط.
معادلة الأعلاف والحليب الخاسرة
وعن الأسباب التي أدت للانخفاض، ذكرت المصادر أن المربين في دير الزور يواجهون معضلة الأعلاف التي تبتلع كامل دخلهم اليومي، إذ وصل سعر شلّة التبن (30 كغ) إلى نحو 80 ألف ليرة، في حين تحتاج البقرة الواحدة إلى 20 كغ يومياً.
بينما تراجعت أسعار الحليب إلى ما بين 2000 و3000 ليرة للكيلوغرام الواحد، ولا يتجاوز إنتاج البقرة 10 كغ يومياً بسبب ضعف التغذية، ما يجعل الدخل اليومي للحليب أقل من تكلفة العلف.
المربي “أبو دلال” قال لموقع تلفزيون سوريا: “التبن الذي نشتريه اليوم سيئ النوعية، والبقرة لا يغطي حليبها ثمن ما تأكله”.
أما المربية فطيم فأكدت أن ضعف الأعلاف انعكس حتى على مخلفات الأبقار بقولها: “زمان كانت الأبقار تأكل جيد ونستفيد حتى من جلتها، اليوم صارت ضعيفة”.
وتابعت المصادر أن معاناة المربين لا تقف عند حدود غلاء الأعلاف الصناعية، بل تفاقمت مع موجات الجفاف المتكررة وعمليات المكافحة الكيميائية التي أجهزت على الحشائش الطبيعية، ما حرم الأبقار من مورد غذائي أساسي كان يخفف عبء النفقات. إضافة إلى أنّ أسعار محاصيل العلف كالذرة والفصّة والدخن ارتفعت إلى مستويات وُصفت بـ”الفلكية”، إذ تراوحت بين 600 ألف ومليون ليرة للدونم الواحد، ولمرة حصاد واحدة فقط.
المربية خشفة شرحت جانباً من الأزمة بقولها: “أي شخص من عائلتي يريد السفر، أبيع بقرة حتى أرتاح من مصروف علفها، بينما سابقاً لم أكن أفرط بها بسهولة”.
ويرى مربون استطلع موقع تلفزيون سوريا آرائهم أن غياب الرقابة الحكومية جعل المربين مكشوفين تماماً أمام تقلبات السوق واحتكار التجار، إذ لا يوجد تسعير رسمي للأعلاف، ولا دعم مباشر للشعير أو النخالة، ولا حتى سياسة تخزين استراتيجي تحميهم من الانهيارات.
المربي بلال أوضح في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أنه: “حتى المنظمات التي تدعم المربين لا توزع بعدالة”، مضيفا أنّ “أصحاب النفوذ يأخذون الدعم ويبيعونه، ونحن المربين الحقيقيين لا يصلنا إلا الفتات”، وفقا لقوله.
أما المربية خاتون فاختصرت واقع يومها بقولها: “من الصبح للبقر حشيش وتنظيف وعلف، ومو محصّلين غير التعب، والعشاء خباز”.
هكذا تحوّلت الأبقار في دير الزور من مصدر رزق وادخار للأسر الريفية إلى عبء ثقيل يرهق كاهل المربين. فالعائلة التي كانت قبل أعوام تحتفظ بقطيع صغير وتعيش على فوائضه، بالكاد تستطيع اليوم تربية بقرة واحدة من دون أن تغرق في الخسائر. ومع فائض العرض وانهيار الطلب وغياب أي ضابط رسمي أو دعم فعلي، يتواصل انحدار السوق، ليبقى المربي الخاسر الأكبر في معادلة مفتوحة على مزيد من الانهيار.
شارك هذا المقال
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية