جدول المحتويات
«نبض الخليج»
يعاني عدد كبير من مرضى الكلية في سوريا من صعوبات عديدة خلال رحلة علاجهم المضنية، فإلى جانب الألم الجسدي يعجز كثير منهم عن امتلاك أجور النقل اللازمة للوصول إلى المشفى أو مركز الغسيل، فكيف الحال مع ارتفاع أجور الجلسة الواحدة إلى نحو 800 ألف ليرة سورية في المشافي والمراكز الخاصة؟
غالبية المرضى يلجؤون إلى المشافي والمراكز الصحية العامة والخيرية، فهي تؤمّن لهم جلسات الغسيل ومستلزماتها بأجور مخفّضة، بالرغم من الصعوبات التي تعانيها هذه المشافي والمراكز في تأمين الأدوية والمستلزمات والتجهيزات الطبية، كما هو حال القطاع الصحي الذي يعاني منذ سنوات طويلة من ضعف الإمكانات.
معاناة مع الغسيل منذ 27 عاماً
تحدث المريض غسان هواري أبو خليل (67 عاماً) لموقع تلفزيون سوريا عن معاناته مع المرض والصعوبات التي يواجهها خلال مسيرة العلاج، لافتاً إلى أن مرضى الكلية يعانون كثيراً بسبب الظروف الصحية والمعيشية التي يعيشونها، إضافة إلى عناء التنقّل وصعوبة تأمين الأدوية والمستلزمات الخاصة بغسيل الكلية.
وقال أبو خليل: “منذ عام 2000 أخضع لجلسات غسيل كلية، وللحقيقة المعاملة ممتازة في مشفى الكلية الجراحي، وهو يقدم كثيراً من الخدمات التي لا تقدمها مراكز غسيل الكلية الخاصة، لكن المرضى يعانون من صعوبة تأمين ثمن الأدوية وقد لا يملكون أجور النقل اللازمة للوصول إلى المشفى أو مركز غسيل الكلية”.
وأضاف: “هناك مراكز خاصة لا تقدم للمريض سوى جهاز الغسيل، وهو يتكفل ببقية المستلزمات الطبية والأدوية. وهنا أنوّه إلى أن مديرة مشفى الكلية الجراحي تساعد المرضى في كثير من القضايا العلاجية والدوائية وتأمين ما يلزمهم. فأغلبهم يأتون من الأرياف إلى دمشق عبر وسائط النقل، وهو أمر صعب عليهم، كما يعانون في كثير من الأحيان من احتكار بعض الأدوية والمستلزمات الضرورية لحالاتهم، وهم في أمسّ الحاجة إلى عناية طبية خاصة ومستمرة”.
وتابع: “وضعي يختلف عن كثير من المرضى في سوريا، فمنذ 27 سنة وأنا أقوم بجلسات غسيل كلية. كان وزني عندما دخلت المشفى لأول مرة 116 كيلوغراماً، لكنه انخفض إلى 33 كيلوغراماً، ثم ازداد ووصل إلى 60 كيلوغراماً، وحالياً هو بحدود 49 كيلوغراماً. أنا بحاجة إلى أكثر من جلستي غسيل في الأسبوع، فأقوم بجلسات غسيل في مركز خيري بإحالة من صندوق العافية وأتكفل بالمواد اللازمة للجلسة (دارة، أنبوب، حمض، كربونات، سيروم)، وهناك استغلال من ناحية أسعار هذه المواد”.
غالبية المرضى يلجؤون إلى مشفى الكلية بدمشق
بدورها قالت المريضة نوال عبود لموقع تلفزيون سوريا: “بدأت بجلسات غسيل الكلية منذ عام 2015، وعانيت الكثير من صعوبات التنقّل بين درعا ودمشق ومن ارتفاع فواتير التحاليل الطبية. في ذلك الوقت لم تكن جلسات الغسيل متاحة في عدد من المشافي التي راجعتها، وفي مشفى الكلية الجراحي بدمشق بدأت جلسات الغسيل لأول مرة وفق نظام الدور. بعد جلستي غسيل أدركت أن المعاناة مع المرض مزمنة، فكنت أمام أمرين: إما البحث عن متبرع لإجراء عملية زرع كلية، أو متابعة جلسات الغسيل، ولم يكن لدي القدرة المادية على إجراء عملية الزرع”.
وتابعت قائلةً: “هنا بدأت العمل في مشفى الكلية نفسه في مجال التنظيف والتعقيم، وكانت إقامتي داخل المشفى. وللأمانة لم يسيء إلينا أحد من الإدارة أو كادر التمريض، وفي الوقت نفسه كنت أتلقى العلاج من خلال هذه الجلسات، ولم أكن بحاجة إلى شراء الأدوية من خارج المشفى، وهذه حال جميع المرضى. فحينها لم أستطع العودة إلى درعا بعد وفاة والدي ووالدتي”.
وأضافت عبود: “أجور جلسة الغسيل كانت ألف ليرة سورية، ثم ارتفعت إلى 15 ألف منذ بداية عام 2024، وبقرار من وزارة الصحة ارتفعت إلى 75 ألف ليرة سورية. بعد اعتراض الكثير من المرضى تم تخفيض المبلغ مجدداً إلى 15 ألف ليرة. وبصدق هناك مرضى لا يملكون هذا المبلغ وليس لديهم إمكانية لتأمين مواد الغسيل. أما في بعض المشافي الخاصة فتبلغ تكلفة الجلسة 350 ألف ليرة، وهناك مراكز تصل فيها أجور الجلسة إلى 700 ألف ليرة سورية، وهي مبالغ خارج نطاق قدرة الكثير من المرضى. وهناك جمعيات خيرية تساهم في تقديم الدعم للمشافي والمراكز الصحية من خلال تحمّل نفقات وأجور جلسات الغسيل”.
وأوضحت: “هناك ضغط كبير جداً على مشفى الكلية بسبب عدد المرضى المراجعين، لكنه أفضل بكثير من باقي المشافي ومراكز غسيل الكلية من ناحية الخدمات المقدمة. وهو المشفى الوحيد الذي استقبلنا، فالتحاليل ومواد الغسيل متوفرة، ودفع 15 ألف ليرة بالنسبة لإمكانياتنا المادية أفضل من 350 ألفاً أو 500 ألف أو حتى 750 ألف ليرة”.
أكثر من 2000 مريض ومريضة يجرون جلسات تنقية دموية شهرياً
بدورها، أشارت مديرة مشفى الكلية الجراحي بدمشق، الدكتورة رانية الديراني، في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا، إلى أن “مشفى الكلية الجراحي يحوي 80 جهازاً للكلية الصناعية، وتتجاوز ساعات العمل لكل جهاز 50 ألف ساعة بسبب ضغط العمل الكبير، فيما يُستبدل الجهاز عالمياً بعد 20 ألف ساعة عمل. هناك أعطال كثيرة بسبب عدم وجود عقد صيانة للأجهزة من وزارة الصحة خلال عام 2024”.
وأضافت: “الأجهزة تعمل في ثلاث ورديات يومياً، ويصل عدد المرضى الذين يجرون جلسات التنقية الدموية في المشفى بمعدل جلستين أسبوعياً إلى 350 مريضاً، عدا الجلسات الإسعافية للمرضى المراجعين، بمعدل 15 –20 جلسة يومياً”.
وأوضحت الدكتورة الديراني أن “65% من الخدمات المقدمة للمرضى مجانية، و35% مأجورة في مشافي الهيئات العامة، فمريض الكلية يدفع 15 ألف ليرة فقط، وتقدّم له إبر الإريثروبيوتين والحديد الوريدي مجاناً”.
ولفتت إلى أن وزارة الصحة زوّدت المشفى بـ45 جهازاً جديداً لاستبدال الأجهزة القديمة، كما سيتم استبدال باقي الأجهزة لتصبح كافة الأجهزة في المشفى جديدة وحديثة. وهناك مشروع لترميم وتوسعة شعبة الكلية الصناعية في المشفى مع إمكانية زيادة عدد الأجهزة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من المرضى المراجعين.
وأكملت الدكتورة الديراني: “وصل عدد المرضى في لائحة الانتظار إلى 100 مريض، والخدمة في المشفى مستمرة على مدار 24 ساعة للحالات الإسعافية وكامل أيام الأسبوع، ويتم تزويد المريض بإبر الحديد الوريدي والإريثروبيوتين مجاناً من قبل وزارة الصحة، فيما تصل تكلفة الجلسة في القطاع الخاص إلى 800 ألف ليرة سورية”.
معاون وزير الصحة: تحسن ملحوظ في خدمات غسيل الكلى على المستوى الوطني
وفي هذا الصدد، أوضح معاون وزير الصحة، الدكتور حسين الخطيب، في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا، أن “لا يمكن الحديث في الوقت الراهن عن أزمة حادة في خدمات غسيل الكلى على المستوى الوطني، حيث شهدت الفترة الأخيرة تحسناً ملحوظاً في مستوى الاستجابة، نتيجة تزويد عدد كبير من مراكز غسيل الكلية بأجهزة حديثة ومتطورة، مما أسهم في تخفيف الضغط عن المرضى ورفع جودة الخدمة المقدّمة”.
وأضاف: “تواصل وزارة الصحة، بالتنسيق مع المنظمات المحلية والدولية الشريكة، العمل على تعزيز البنية التحتية لوحدات معالجة الفشل الكلوي، ورفع كفاءة الكوادر الطبية والتمريضية العاملة فيها، وتأمين مستلزمات الجلسات من محاليل ومستهلكات ومرشحات دموية (Dialyzers) وفق المعايير العالمية، بما يضمن استمرارية الخدمة وتلبيتها لكافة احتياجات المرضى في مختلف المحافظات”.
تحديات التمويل والقدرة على تأمين الجلسات
لا بد في الختام من الإشارة إلى أن بعض المرضى يكتفون بجلسة غسيل دم واحدة أو جلستين رغم حاجتهم إلى ثلاثة أو أكثر في الأسبوع، لأنهم لا يملكون القدرة على تغطية الأجور والتكاليف اللازمة. القضية ليست فقط في توفر جهاز تنقية دموية، بل في ثمن الأدوية والأدوات اللازمة لكل جلسة، والتي يدفعها المريض من جيبه. وقد يخسر المريض حياته نتيجة لتقنين الجلسات، وهو ما يجب أخذه في الحسبان للتخفيف من معاناة عدد كبير من المرضى وعائلاتهم.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية