جدول المحتويات
«نبض الخليج»
مع بداية العام الدراسي الجديد، تتكشف ملامح أزمة خدمية خانقة يعيشها أهالي منطقة الحولة في ريف حمص الشمالي، حيث يرافق الطلاب شغف العودة إلى مقاعد الدراسة، لكنهم يصطدمون بواقع مدرسي متردٍ يفتقر إلى أبسط مقومات التعليم.
عدد من المدارس تفتح أبوابها صباحاً، لكن بعض الصفوف تبقى بلا معلمين، فيجلس الطلاب لساعات ثم يعودون إلى منازلهم من دون أن يتلقوا أي درس، ما يثير غضب الأهالي ومخاوفهم على مستقبل أبنائهم.
الأزمة لا تقتصر على التعليم فقط، فالطرقات في المنطقة تزداد سوءاً مع اقتراب فصل الشتاء، إذ تتحول الحفر والانهيارات إلى عائق أمام تنقل السكان وطلاب المدارس، فضلاً عن مخاطرها على سلامتهم.
كما يعاني الأهالي من واقع مزمن في خدمات المياه والكهرباء، حيث الانقطاعات المتكررة وضعف التزويد يزيدان من معاناتهم اليومية، رغم جهود المؤسسات المحلية وعملها ضمن الإمكانيات المتاحة لتلبية احتياجات السكان.
أزمة مياه متفاقمة في الحولة
تتزايد شكاوى سكان منطقة الحولة في ريف حمص الشمالي مع تفاقم أزمة المياه، حيث يعيش الأهالي معاناة يومية في ظل انقطاع متكرر وطويل عن أحيائهم، وارتفاع أسعار الصهاريج الخاصة التي أصبحت الخيار الوحيد لتأمين حاجتهم الأساسية.
في مدينة تلدو، يشتكي سكان الحي الشمالي من انقطاع المياه منذ أكثر من شهرين متواصلين، ويؤكد الأهالي أنهم طرقوا جميع الأبواب من دون جدوى؛ فقد حاولوا التواصل مع مدير مؤسسة المياه عبر تطبيق “واتساب” من دون تلقي أي رد، كما قدموا شكاوى رسمية للبلدية التي نفت مسؤوليتها، محيلة الملف إلى مؤسسة المياه.
ومع غياب أي توضيح رسمي، يضطر السكان إلى شراء صهاريج المياه بأسعار تصل إلى 60 ألف ليرة سورية، ما يشكّل عبئاً كبيراً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
ويتهم الأهالي المؤسسة بعدم العدالة في توزيع الضخ، وتجاهل التعديات على الشبكة الرئيسية، إلى جانب السماح بري المزروعات بمياه الشرب.
ورشة عمل بخصوص كفرلاها ووعود بحلول قريبة
وفي محاولة لمعالجة الأزمة، عُقدت ورشة عمل بخصوص واقع المياه في مدينة كفرلاها بمشاركة مؤسسة المياه ومجلس المدينة وعدد من الفعاليات الشعبية.
وناقشت الورشة واقع المياه في الأحياء السكنية، وخرجت بوعود بإصلاح الأعطال القائمة، ومنها إعادة تركيب غواطس معطلة، وتركيب “سكرين” لتوزيع المياه بشكل عادل بين الأحياء، كما تم الاتفاق على متابعة ملف تشغيل الآبار المتوقفة، وتكليف مراقبين لضبط الشبكة وتحسين وصول المياه.
ورغم هذه الوعود، تبقى التحديات قائمة، إذ يبلغ عدد الآبار في كفرلاها عشرة، ستة منها فقط قيد الخدمة، في حين توقفت أربعة عن العمل بسبب أعطال أو تلوث، وتعتمد بعض الآبار على الطاقة الشمسية، بينما يرتبط تشغيل الأخرى بالتيار الكهربائي غير المستقر، ما يجعل الحلول الجزئية عاجزة عن ضمان ضخ مستمر وفعّال.
خطر الحفر العشوائي
في موازاة ذلك، تواجه المنطقة خطراً آخر يتمثل في الانتشار العشوائي لحفر الآبار الجوفية، من دون تراخيص أو رقابة، الأمر الذي يهدد المخزون المائي الجوفي ويزيد من احتمالات الجفاف.
وأصدر مجلس مدينة كفرلاها بياناً يحذر فيه من هذه الظاهرة، داعياً إلى التوقف الفوري عنها، ومتوعداً المخالفين بالملاحقة القانونية ومصادرة الحفارات.
ورحب السكان بالخطوة، لكنهم شددوا على ضرورة أن يكون التنفيذ جدياً وواسع النطاق، بحيث يشمل جميع بلدات الحولة، إلى جانب تأمين بدائل عملية لأزمة المياه التي تدفع بعض الأهالي إلى حفر الآبار كخيار أخير.
أولوية التعليم ومخاوف الأهالي
يقول أبو خالد، وهو أحد سكان مدينة الحولة، إن العام الدراسي الجديد بدأ بخيبة أمل كبيرة للأهالي، فبعض المدارس تفتح أبوابها من دون وجود معلمين، ما يجعل الأطفال يقضون ساعات داخل الصفوف ثم يعودون إلى بيوتهم بلا أي فائدة، الأمر الذي يهدد مستقبل جيل كامل بالضياع.
ويضيف أن الأهالي يعيشون يومياً قلقاً متزايداً على أولادهم، ليس فقط بسبب غياب التعليم، بل بسبب الظروف القاسية التي تحيط بالمدارس، من نقص المقاعد والتجهيزات، إلى انعدام البيئة المناسبة للتعلم، ما يترك الأطفال في مواجهة مصير مجهول.
من جهته، قال مدير المجمع التربوي في الحولة، عصام حميدان، إن عدد المدارس التابعة للمجمع يبلغ 39 مدرسة، يدرس فيها نحو 19 ألفاً و482 طالباً وطالبة.
وأوضح حميدان، في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن مدرسة “عبد الرافع رسو” مع ملحقين جرى ترميمها بالفعل، في حين ما تزال خمس مدارس أخرى بحاجة ماسة إلى الترميم لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب.
ما خطط المجمع التربوي؟
وأشار المدير إلى أن المجمع وضع مجموعة من الخطط لتأمين العملية التعليمية هذا العام، على رأسها توفير الكوادر الإدارية والتعليمية من مختلف الاختصاصات ضمن الملاك، وإقامة دورات تدريبية لرفع كفاءة المعلمين بما ينعكس إيجاباً على مستوى الطلاب.
كما تم العمل على إعادة تصنيع الهياكل المعدنية المتوافرة لتأمين المقاعد المدرسية، إلى جانب ترميم بعض المدارس المتضررة من الحرب، واعتماد نظام الفترتين في المدارس التي تشهد ازدحاماً لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب.
وأضاف أن هناك خططاً خاصة بدعم الطلاب، مثل تنظيم دورات تقوية بأسعار رمزية للمستويات الضعيفة، وتقديم حصص تعليمية موجهة للطلاب المنقطعين أو العائدين من بلدان غير عربية، فضلاً عن العمل على تأمين الكتب المدرسية وتوزيعها مع بدء العام الدراسي، والتأكيد على التزام الكوادر التعليمية بالدوام الكامل بما يضمن استقرار العملية التعليمية.
وبشأن التعاون مع المنظمات، أوضح مدير المجمع أن هناك شراكات مع بعض المنظمات المحلية والدولية، من بينها منظمة “تيكا” ومنظمة “شام”، حيث جرى إعداد دراسات حول واقع بعض المدارس المتضررة بهدف ترميمها، إضافة إلى قيام منظمة “اليونيسف” بترميم مدرسة “عبد الرافع رسو”.
ولفت إلى أن أبرز الصعوبات التي تواجه المجمع في بداية العام الدراسي تتجسد في نقص الكوادر التعليمية، خصوصاً في الحلقة الأولى، حيث يتم الاعتماد على الوكلاء الذين يفتقدون إلى الخبرة الكافية، إلى جانب النقص في أعداد الكتب الجديدة، ما يدفع إلى الاعتماد على الكتب المدَوَّلة بنسبة كبيرة، فضلاً عن نقص المقاعد المريحة، وضعف التمويل سواء من المنظمات أو المجتمع المحلي.
وأكد أن الخطط الموضوعة تتوزع بين تعليمية ولوجستية ودعم نفسي، تشمل إعادة تأهيل المدارس، وتوفير تجهيزات أساسية وطاقة بديلة لضمان استمرار العملية التعليمية، إلى جانب برامج للدعم النفسي وتوزيع الحقائب والقرطاسية للطلاب الأكثر حاجة.
وعلى مستوى محافظة حمص بشكل عام، حصل موقع تلفزيون سوريا على الإحصائية الآتية بخصوص واقع المدارس:
-
317 مدرسة خارج الخدمة
-
21 مدرسة مدمرة بالكامل
-
أكثر من 31 مدرسة مدمرة بنسبة تزيد على 50%
-
131 مدرسة بحاجة إلى إكساء وتجهيز أثاث مدرسي
-
40 مدرسة حالياً قيد الترميم
-
13 مدرسة تم إنهاء ترميمها بالكامل
واقع الخدمات
قال رئيس مجلس مدينة كفرلاها في الحولة، هاني الأحمد، إن أغلب طرقات المدينة غير مؤهلة، فبعضها بحاجة إلى صيانة ومدّ قميص إسفلتي، وبعضها الآخر بحاجة إلى تعبيد وتزفيت كامل، موضحاً أن ضعف الإمكانيات المادية وارتفاع أسعار مادة الإسفلت يحولان دون إنجاز هذه المشاريع بالشكل المطلوب.
وأشار الأحمد، في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، إلى أن المجلس خصص من الموازنة المستقلة لمحافظة حمص مبلغاً محدوداً لتزفيت نحو 150 متراً فقط من شارع العرباض بن سارية (طريق طلف)، ضمن المرحلة الثالثة من المشروع، في حين يبلغ طول الطريق الذي يحتاج إلى تعبيد 1125 متراً، وقد جرى تزفيت مرحلتين منه بطول 250 متراً.
وبحسب الأحمد، ما يزال 875 متراً بحاجة إلى تعبيد وتزفيت بتكلفة تقدَّر بمليار و700 مليون ليرة سورية، ووصف الطريق بأنه “سيئ فنياً”، إذ تكثر فيه الحفر التي تتحول شتاءً إلى مستنقعات تعيق وصول الطلاب إلى مدارسهم، في حين يعاني السكان صيفاً من الغبار المتصاعد، خصوصاً مرضى الربو.
مشكلات المياه والكهرباء
وفيما يتعلق بملف المياه، أوضح رئيس المجلس أن المدينة تضم ثمانية آبار عاملة، لكنها لا تغطي الحاجة الفعلية بعد عودة أعداد كبيرة من المهجّرين إلى منازلهم.
وأضاف: “نحن بحاجة إلى حفر آبار جديدة، خاصة في الحي الشمالي والجنوبي، وقد وضعنا خطة لحفر بئرين في الحي الجنوبي قرب البئر رقم 5، وبئـر في الحي الشمالي، لكننا نواجه صعوبة في تأمين الأرض اللازمة لهذا المشروع”.
أما بخصوص الكهرباء، فقال الأحمد إن الشبكة قديمة وتعاني من مشكلات كبيرة نتيجة لسرقة كابلات النحاس في السابق واستبدالها بأخرى من الألمنيوم لا تتحمل الأحمال الكهربائية.
وأكد أن هذا الخلل يحرم الأهالي من الاستفادة من ساعات الوصل في تعبئة المياه وتأمين احتياجاتهم اليومية، لافتاً إلى حاجة المدينة إلى تركيب محولات إضافية لتخفيف الأحمال.
وتطرّق الأحمد إلى واقع النظافة والمجاري المائية، موضحاً أن كفرلاها تضم ثلاثة مجارٍ تحتاج إلى تعزيل بشكل عاجل، غير أن المجلس يفتقر إلى الآليات والمحروقات اللازمة.
وأشار إلى أن حملة سابقة للتنظيف عام 2023 لم تحقق النتائج المرجوة بسبب عدم التزام بعض الأهالي، إذ عادوا إلى رمي النفايات في الأنهار. وبيّن أن المجلس طلب 200 حاوية نفايات من مديرية الخدمات الفنية، لكنه حصل فقط على 20 حاوية لا تكفي لتغطية الأحياء.
وفيما يخص آليات النظافة، أوضح الأحمد أن المجلس يعمل بجرارين فقط، كل منهما ينفذ نقلتين يومياً، رغم أن الخطة الحكومية تقتصر على نقلة واحدة، حيث يتم تأمين المحروقات الإضافية من المجتمع المحلي.
وأكد أن عدد السكان تجاوز 40 ألف نسمة، ما يفرض ضغوطاً كبيرة، ومع ذلك فإن مجلس المدينة يعمل بكامل طاقته، كما تم إصلاح السيارة الضاغطة وتجهيزها بجهاز GPS للحصول على مخصصات المحروقات، إلا أن الطلب لم يُلبَّ حتى الآن.
وختم بالقول إن المجلس يعتزم إطلاق حملة نظافة جديدة بالتعاون مع الدفاع المدني والمجتمع المحلي للتخفيف من تراكم النفايات.
3 طرق رئيسية بحاجة إلى الترميم
قال مصدر محلي في الحولة لموقع تلفزيون سوريا، إن معظم طرق المنطقة متهالكة، لكن الطرقات التي تحتاج إلى إصلاح عاجل تتمثل في (طريق كفرلاها – طلف)، وطريق (تلدو – برج قاعي)، وطريق (الحولة – مصياف “التحويلة”).
وأوضح المصدر أن استمرار الوضع الراهن لهذه الطرق من دون إصلاح يلحق أضراراً مباشرة بمركبات الأهالي والمارين، حيث تتعرض السيارات والآليات لأعطال متكررة نتيجة للحفر والتشققات، مما يزيد من تكاليف الصيانة ويثقل كاهل أصحابها مالياً.
ولا يقف الضرر عند المركبات، بل يمتد إلى حياة السكان اليومية، إذ يتسبب الغبار المتصاعد جراء سوء الطريق في تلويث الهواء، ويتسلل إلى البيوت والمحلات، مسبباً مشكلات صحية، خاصة لدى الأطفال وكبار السن، كما يعكّر صفو الحياة اليومية داخل المنازل.
من جهته، قال مصدر في إدارة منطقة الحولة لموقع تلفزيون سوريا، إن الإدارة أعدت تقريراً موسعاً مرفقاً بالصور، يشرح واقع الطرق في المنطقة، بهدف تقديمه وعرضه على محافظ حمص عبد الرحمن الأعمى خلال وقت قريب.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية