«نبض الخليج»
أكدت وزارة الدفاع الأميركية في الأول من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الحالي أنها شرعت بالفعل بتقليص قواتها في العراق، وتحويل التركيز في جهود مكافحة الإرهاب إلى سوريا، ليبدو هذا الإعلان بمثابة تغيير لخطة إدارة ترامب المعلنة سابقاً، والمتمثلة بالانسحاب التدريجي من سوريا، كما أكدت الوزارة أن تقليص القوات في سوريا مرتبط بالظروف.
ظروف طارئة
وفقاً للاتفاق المبرم سابقاً بين إدارة ترامب والحكومة العراقية، كان من المفترض أن يتم الانسحاب الأميركي من العراق على مراحل، على أن يستكمل مع نهاية عام 2026، إلا أن مصدر أمني عراقي أكد لموقع تلفزيون سوريا أن واشنطن أخطرت بغداد بشكل مفاجئ الانسحاب الكامل خلال نهاية عام 2025 حتى من قاعدة عين الأسد الاستراتيجية التي تقع على الحدود السورية العراقية، مع الاحتفاظ بمستشارين في إقليم كردستان.
المصادر أشارت إلى حالة من القلق تسود في العراق من احتمالية أن تكون إدارة ترامب قررت إنهاء شكل النظام السياسي الحالي في العراق نظراً لعدم قدرته على حسم مسألة نفوذ إيران، وتفكيك الفصائل المسلحة العراقية المدعومة من طهران، وبناء عليه قد تتم إتاحة المجال لإسرائيل لتوجيه ضربات للفصائل العراقية بالتوازي مع حملة تصعيد جديدة ضد طهران ذاتها، وقد توعد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالفعل الفصائل المسلحة العراقية خلال كلمته التي ألقاها في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، ولذا فإن واشنطن لا تريد أن تترك قواتها عرضة لأعمال انتقامية لإيران وحلفائها في العراق، فقررت إعادة الانتشار بشكل مفاجئ.
وبحسب مصادر عراقية على اتصال مع قوات التحالف الدولي في العراق، فإن القوات الأميركية التي تغادر الأراضي العراقية تنسحب بالغالب باتجاه بعض دول الخليج العربي، ومن المحتمل أن تحتفظ واشنطن بقواتها تحت غطاء التحالف الدولي، أو حتى حلف شمال الأطلسي، بالتالي لا يمكن الجزم بأنه سيحصل انسحاب كامل، وإنهاء العلاقات بين بغداد وواشنطن، وإنما قد تفكر إدارة ترامب حالياً بإعلان الانسحاب بهذه الطريقة قبيل الانتخابات النيابية المرتقبة في العراق من أجل دعم موقف رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني في مواجهة الفصائل المسلحة التي قد تؤجج قضية الوجود الأجنبي في العراق قبيل الانتخابات للتأثير على نتائجها وحرمان السوداني الذي يحاول اتخاذ نهجاً متوازناً وعدم الارتهان بشكل كامل لإيران من الفوز.
أولويات الولايات المتحدة في سوريا
تركز إدارة ترامب على منع عودة ظهور تنظيم داعش، وعلى منع عودة إيران إلى سوريا، وتجنب ترك الفرصة أمام روسيا لتملأ الفراغ شمال شرق سوريا، بالإضافة إلى إعطاء تطمينات لإسرائيل.
وعلم موقع تلفزيون سوريا من مصادر أمنية أن الزيارة التي أجراها قائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر إلى دمشق في 12 أيلول/ سبتمبر الماضي ركزت على التنسيق بين دمشق والتحالف الدولي بخصوص منع ظهور تنظيم داعش في سوريا مجدداً، وفي هذا السياق تم التأكيد على إدماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن الجيش.
وفي أعقاب الزيارة، أعلنت القيادة المركزية تشكيل لجنة من أجل تفكيك مخيم الهول الذي يضم عوائل مقاتلين سابقين في تنظيم داعش، لتسهيل عودتهم إلى بلدانهم الأصلية.
ووفقاً للمصادر، فإن التحالف الدولي لديه تقدير موقف يشير لإمكانية تسريب المزيد من معتقلين داعش المحتجزين في سجون تسيطر عليها قسد، ولذا نقل في أب/ أغسطس الماضي المئات منهم من حملة الجنسية العراقية إلى بلدهم.
وتحاول واشنطن من خلال الإبقاء على قواتها منع الاتصال بين إيران وسوريا ولبنان، خاصة مع إخلاء قواعد مهمة في العراق، كما أنها لا تريد لروسيا أن تملأ الفراغ بعدها، وكان لافتاً أن زيارة كوبر إلى دمشق أتت بعد يوم واحد فقد من قدوم وفد سياسي وعسكري روسي رفيع، والتباحث مع سوريا حول مستقبل العلاقة والوجود العسكري الروسي.
من جهة أخرى، بقاء القوات الأميركية سيعطي ضمانة لإسرائيل المتخوفة من تبعات الانسحاب الأمريكي، وصعود النفوذ التركي.
إن إعلان الولايات المتحدة استمرار بقاء قواتها في سوريا لا يعني بالضرورة الهدف هو استمرار دعم قسد، بل غالبا الرغبة على مراقبة الأوضاع في سوريا عن قرب، وضمان المساهمة الفاعلة في عملية الانتقال السياسي وتأسيس المؤسسة العسكرية الجديدة بالشكل الذي تبقى فيه سوريا خارج نفوذ إيران وروسيا، ولا تهدد إسرائيل.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية