منذ نعومة أظافري، كان عمي صالح قدوتي وهادياً لخطواتي. لم أستطع يومًا أن أخفي ذلك، فقد كان حضوره مهيبًا، وشخصيته آسرة، ووقاره يفرض احترامه على كل من حوله. كنتُ أستشعر في قربه الأمان والسكينة، وكأنني ألوذ بركنٍ ثابت لا يهتز.
لقد انتزعت من هيبته شيئًا لازال يسكنني، وأخذت من وقاره ما صار جزءًا من ملامحي وشخصيتي. كنت أراه الأب الروحي، والظل الذي يظللني بالنصيحة والحزم والحنان معًا. ورغم مرور الأيام، فإن صدى صوته ونظراته الحانية الصارمة لا يغيب عن وجداني.
رحل عمّي، لكن شخصيته لم ترحل. ما زال يرافقني في كل خطوة، كأنني أسمع صوته في داخلي يذكّرني أن أكون على الطريق المستقيم. أخجل أن أخطئ وكأنه حاضر يراقبني، أخجل أن أضعف وكأنه يشدّ من عزيمتي.
يا عمي الحبيب: الفقد موجع، والرحيل مرّ، ولكن عزائي أن بصمتك لم ولن تُمحى. ستبقى حيًا في ضميري، وفي سلوكي، وفي كل مبدأ راسخ علّمتني إياه.
سلامٌ عليك في مثواك الطاهر، وجزاك الله عني وعن أهلك وأحبابك خير الجزاء.