جدول المحتويات
«نبض الخليج»
تتواصل عمليات الاغتيال التي تستهدف مسؤولين وضباطاً وعناصر سابقين في الميليشيات الموالية للنظام المخلوع، إلى جانب شخصيات بارزة عرفت بولائها له، في مختلف المدن السورية، إلا أن مدينة حلب تبدو الأكثر تأثراً بهذه الظاهرة، حيث تتكرر فيها حوادث الاغتيال بوتيرة شبه يومية منذ سقوط النظام قبل نحو عشرة أشهر.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، شهدت المدينة سلسلة من عمليات الاغتيال استهدفت قادة وعناصر سابقين في ميليشيات مختلفة قاتلت إلى جانب قوات النظام المخلوع، من أبرزها “قوات النمر”، و”فاطميون”، و”النجباء”، و”الفيلق الخامس”، و”لواء دوشكا”، و”الدفاع الوطني”، و”لواء القدس”، و”لواء زين العابدين”، وغيرها، وتوزعت هذه العمليات على عدد من أحياء المدينة، من بينها الفرقان، وحلب الجديدة، والسكري، والفردوس، والصاخور، والأحياء القديمة، ومساكن هنانو والأعظمية، وفي الغالب تسجل الاغتيالات ضد مجهول، وعادة ما يستخدم المهاجمون البنادق الألية والمسدسات المزودة بكواتم الصوت والدراجات النارية لتنفيذ عملياتهم بسرعة خلال النهار أو الليل.
الاغتيالات ضد مجهول
تستمر في مدينة حلب سلسلة الاغتيالات الغامضة، إذ شهد حي السكري مؤخراً مقتل أحد الأشخاص المتهمين بالقتال في صفوف “الفرقة 25” التي كان يقودها الضابط في جيش النظام المخلوع سهيل الحسن، إلى جانب اتهامات أخرى وُجهت إليه تتعلق بارتكاب انتهاكات والتمثيل بجثث المقاتلين خلال معارك السيطرة على كامل أحياء حلب نهاية عام 2016، الاغتيالات بدت أكثر تصعيداً خلال شهر أيلول الماضي، وفي النصف الأول من شهر تشرين الأول، وطاولت عناصر سابقين في الميليشيات وأشخاص متهمين بأنهم “شبيحة”.
وقال مصدر محلي في حلب لموقع تلفزيون سوريا إن “عمليات الاغتيال الأخيرة استهدفت شخصيات كانت تعرف بولائها المطلق للنظام المخلوع، وبعضها متهم بارتكاب مجازر والمشاركة في أبرز العمليات العسكرية إلى جانب قوات النظام، وبينهم عناصر سابقون في مجموعات تابعة لسهيل الحسن، الذي قاد الحملة العسكرية على حلب، وعناصر وشخصيات كانت مجندة لصالح الفروع الأمنية كالأمن العسكرية والسياسي والمخابرات الجوية، بالإضافة لعناصر كانوا يتبعون لمليشيات إيرانية في حلب سابقاً”.
وأضاف المصدر أن “الاغتيالات طالت أيضاً عناصر سابقين في ميليشيا الدفاع الوطني، ومجموعات عشائرية وعائلية كانت تقاتل إلى جانب قوات النظام أو شكّلت ميليشيات صغيرة دعمت عملياته العسكرية لسنوات”، مشيراً إلى أن “معظم الذين تمت تصفيتهم كانوا قد أجروا تسويات أمنية في وقت سابق، أو أنهم كانوا متخفين طيلة الأشهر الماضية خوفاً من عمليات الاستهداف”.
فوضى الاغتيالات
لا يعرف بعد من هم الأفراد أو المجموعات التي تقوم بعمليات الاغتيال التي تطال “شبيحة” وعناصر وقادة سابقين في صفوف قوات النظام المخلوع بحلب، وتروج هذه المجموعات المجهولة لأعمالها في مواقع التواصل الاجتماعي، وتطلب من الأهالي في حلب الإبلاغ عن أماكن سكن عناصر النظام و”الشبيحة” السابقين ليتم استهدافهم، وتتداول عبر حسابات مجهول بعد كل عملية اغتيال صوراً للشخص المستهدف توضح فيه مشاركته في أعمال قتالية سابقة أو ما تصفها بالانتهاكات ضد الشعب السوري.
ويخشى الأهالي في حلب من أن يتم اتخاذ تهم “التشبيح” أو القتال في صفوف قوات النظام المخلوع كذريعة وغطاء يتم من خلاله استهداف مدنيين أبرياء، وتصفية حسابات ثأر وحسابات شخصية، وكان حي مساكن هنانو في مدينة حلب قد شهد مؤخراً محاولة اغتيال شخص يدعى محمد زعرور، يعمل في بيع الأثاث المستعمل، حيث هاجمه شخصان ملثمان يستقلان دراجة نارية، حاول المهاجمون إطلاق النار باستخدام بندقية، إلا أنها تعطلت، ليقوم أحدهما على استخدام مسدس مزود بكاتم صوت، أطلق منه عدة طلقات أصابت زعرور في خاصرته، ومن ثم لاذا بالفرار.
قال مصدر محلي في حي مساكن هنانو لموقع تلفزيون سوريا، إن الشخص المستهدف مدني لا علاقة له بما يشاع عن ارتباطه بالنظام المخلوع أو “الشبيحة”، وكان معروفاً في الحي بعلاقاته الطيبة مع الجيران وأهالي المنطقة.
وأضاف المصدر “الجهات الأمنية باشرت التحقيق في الحادثة، ودعت الشهود والمواطنين إلى تقديم أي معلومات قد تساعد في كشف هوية الجناة وتتبع مسارهم”، مشيراً إلى أن المؤسسة الأمنية بحلب حذرت خلال لقاء مسؤولين فيها مع عدد من الأهالي من انتشار الشائعات، بعد أن رصدت حسابات وصفحات وهمية تتداول اتهامات غير موثوقة وتربط الضحية بأعمال وتهم غير حقيقة، وهو ما يعرض حياة المدنيين الأبرياء للخطر.
غياب العدالة
تبدو موجة الاغتيالات التي تستهدف مسؤولين سابقين في النظام المخلوع وعناصر و”شبيحة” بمثابة ردود فعل انتقامية فردية ناجمة عن غياب العدالة الانتقالية، وفق ما يؤكده عدد من المختصين القانونيين والحقوقيين، ويرى المحامي عثمان الخضر بأن السلطة الحالية تتحمل المسؤولية المباشرة عن هذا الواقع، موضحاً في تصريح لموقع تلفزيون سوريا أن “استمرار عمليات الاغتيال يعود إلى جملة من الأسباب، أبرزها أن المؤسسة القضائية القائمة حالياً هي ذاتها التي كانت في عهد النظام المخلوع، ما يجعل الثقة معدومة بالقضاء، ويدفع بعض الأفراد إلى أخذ ما يرونه حقوقاً بأيديهم”.
ويضيف الخضر أن السبب الثاني يتمثل في تأخر الدولة في تطبيق العدالة الانتقالية، بينما يكمن السبب الثالث في ما وصفه بـ”الوقاحة والظهور المستفز للمتهمين بالقتال إلى جانب النظام المخلوع وتشبيحهم ضد الأهالي”، في إشارة إلى بعض الشخصيات التي عادت إلى الواجهة بعد أن كانت متورطة بانتهاكات جسيمة.
ويشير الخضر إلى أن “تفاخر هؤلاء الأشخاص بكونهم طلقاء ومن دون محاسبة، رغم ما ارتكبوه من جرائم بحق المدنيين، يثير غضب الأهالي الذين فقدوا أقاربهم أو عانوا من الاعتقال والتعذيب على أيديهم”، مضيفاً أن السلطة السورية اليوم تقف بين خيارين صعبين، فإما أن ترضي جمهورها الثوري المطالب بالمحاسبة والعدالة، أو تستمر في انتهاج سياسة التوازنات والشروط الدولية التي تحول دون انزلاق الأوضاع في البلاد نحو دوامة انتقام جديدة.
شارك هذا المقال
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية