جدول المحتويات
«نبض الخليج»
نظّمت مديرية الشؤون السياسية اليوم الخميس في المركز الثقافي بحمص بالتعاون مع مركز الحوار السوري محاضرة تفاعلية بعنوان “إدارة التنوع السوري: كيف نحوله إلى عامل قوة واستقرار في المرحلة الانتقالية”، ناقشت سبل تعزيز التعايش المشترك وإدارة التنوع بوصفه ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية في المرحلة المقبلة.
وتخلل اللقاء حوار مفتوح مع الحضور ركز على أهمية بناء رؤية وطنية جامعة تسهم في ترسيخ ثقافة الحوار والتفاهم بين مختلف مكونات المجتمع السوري.
كشف الحقيقة طريق التئام الجراح وبناء الثقة الوطنية
قال مستشار الرئيس السوري للشؤون الإعلامية الدكتور أحمد موفق زيدان إن الجلسة تسعى لتسليط الضوء على “الاختلاف بوصفه تنوعاً لا تضاداً”، مشيراً إلى أن التنوع يمكن أن يكون عامل إثراء وقوة للدولة والمجتمع السوري، كما هو الحال في العديد من الدول الغربية التي حولت تعدديتها إلى مصدر قوة وطنية.
وأضاف زيدان لموقع تلفزيون سوريا أن للإعلام دوراً محورياً في فهم هموم كل مكون سوري ونقلها إلى السطح بشفافية، قائلاً: “علينا ألا نخفي الأوجاع تحت السجاد، بل أن ننظف بيتنا باستمرار. دور الإعلام أن يكشف الحقيقة لصالح الضحية والجاني معاً، لأن كشف الحقيقة هو بداية التئام الجراح”.
وأكد زيدان أن معالجة آثار العقود الماضية تتطلب شجاعة أخلاقية من مختلف المكونات، مضيفاً: “من المهم أن يبادر العقلاء والشرفاء من المكونات التي ارتكبت الجرائم بحق السوريين إلى الاعتذار، فذلك جزء أساسي من العدالة الانتقالية ومن شعور الضحايا بأن قلوبهم بردت”.
حمص نموذج للتعددية السورية وفرصة لبناء دولة وطنية جامعة
أوضح مدير مركز الحوار السوري الدكتور أحمد القربي أن ملف التنوع في سوريا حساس وبشكل خاص في مدينة حمص لما تحمله من تعددية ديموغرافية وطائفية، مؤكداً أن المرحلة الانتقالية تستدعي تأسيس رؤية جديدة لإدارة هذا التنوع.
وقال القربي لموقع تلفزيون سوريا إن النظام السوري المخلوع استخدم التعددية لزرع الانقسام بين السوريين، مشيراً إلى أن الندوة ناقشت أسباب فشل إدارة التنوع سابقاً، وطرحت نماذج ناجحة من دول مثل ماليزيا وكندا، وكيف استطاعت تحويل تنوعها إلى مصدر قوة وطنية.
وأضاف القربي: “قبل سقوط النظام لم يكن ممكناً الحديث عن التنوع أو مناقشته بحرية، اليوم لدينا فرصة لبناء دولة وطنية تحافظ على هذا التنوع وتستفيد منه في بناء المستقبل”.
كما شدد على أهمية المنصات الحوارية في المرحلة الراهنة قائلاً: “كل تفاعل بين المكونات السورية يساهم في كسر الصور النمطية التي غذّاها النظام المخلوع لعقود، هدفنا أن يسمع السوريون بعضهم بعيداً عن الحواجز والخوف”.
محاولة رسم ملامح إدارة التنوع في سوريا الجديدة
ميسر الجلسة ومدير مكتب التنمية السياسية حسين المحمد، أوضح أن الندوة تتضمن أربعة محاور رئيسية:
- مفهوم إدارة التنوع.
- إدارة التنوع في المرحلة الانتقالية.
- تجارب الدول الأخرى بعد الحروب أو مراحل عدم الاستقرار.
- الحلول المستقبلية الممكنة في السياق السوري.
وأشار المحمد لموقع تلفزيون سوريا إلى أن “اختيار الموضوع جاء لعمقه وحساسيته في الحالة السورية، مؤكداً أن الوقت بات مناسباً لفتح الملفات الجوهرية بعد التحرير”، وأن “التنوع يجب أن يُنظر إليه كمصدر قوة لا ضعف”.
الحوار ركيزة للعدالة الانتقالية والسلم الأهلي
وشاركت في الندوة شخصيات من المجتمع المدني، من بينها العاملة في المجال الإنساني حسناء خرفان، التي أكدت أن إدارة التنوع ضرورة أساسية بعد عقود من العزلة السياسية، مضيفة أن الفعالية تسهم في تعزيز الثقة ونقل المفاهيم الصحيحة حول التعايش بين المكونات السورية.
أما الدكتور عبد السلام البيطار فاعتبر بحديثه لموقع تلفزيون سوريا أن اللقاء يشكل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة الانتقالية والسلم الأهلي، لافتاً إلى أن الاعتذار من المكونات المتضررة يمكن أن يخفف الاحتقان ويساعد على التفاهم المتبادل، لكنه تساءل عن مدى استعداد الأطراف الفاعلة لتحمل هذه المسؤولية بشجاعة.
وختم بالقول إن إدارة التنوع في سوريا يجب أن تمتد إلى مختلف المجالات من الاقتصاد والتعليم إلى الثقافة، مستغربا عدم حضور جميع المكونات بقوة رغم أن الدعوة عامة، داعيا لحضورهم في النقاشات القادمة لأهمية ذلك في تعزيز مفهوم الدولة الوطنية الجامعة.
مداخلات الحضور: مطالب بالعدالة الانتقالية وإحياء الهوية الوطنية الجامعة
تخللت المحاضرة مجموعة من الأسئلة والمداخلات التي عبّر من خلالها الحضور عن رؤى متباينة حول سبل إدارة التنوع وتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا.
وطالب عدد من المشاركين بضرورة حماية التنوع السوري وإدارته بشكل واعٍ وعادل، مؤكدين على أهمية الإسراع في تطبيق العدالة الانتقالية. وتباينت الآراء بين من يرى أن الاعتذار خطوة كافية في حال تم بصدق، وبين من شدد على ضرورة محاكمة المسؤولين عن الانتهاكات والجرائم بحق الشعب السوري.
كما دعا بعض الحضور إلى التركيز على التعليم كركيزة أساسية لبناء المجتمع الجديد، فيما أشار آخرون إلى أن السوريين تعرفوا إلى بعضهم عبر “صور قيصر” التي كشفت جانباً من المأساة، مؤكدين ضرورة وضع آليات واضحة للعدالة الانتقالية.
وفي ملف العمل السياسي، طالب مشاركون بتفعيل الحياة الحزبية والنقابية، بينما رأى آخرون أن التعددية الحزبية في الماضي أسهمت في ظهور حزب البعث الذي احتكر السلطة وأنتج نظام الأسد المخلوع، معتبرين أن الشعب السوري بطبيعته سياسي لكنه حُرم من ممارسة السياسة الحقيقية لعقود.
وتطرق بعض المتحدثين إلى ثقافة الاعتذار، معتبرين أنها تحتاج إلى تصحيح في الشكل والمضمون، وأنها يجب أن تعبّر عن اعتراف صريح بالرهان الخاطئ على الجانب غير العادل من التاريخ، مع ضرورة تسليم المجرمين للعدالة.
كما شدد المشاركون على أهمية توثيق الحكاية السورية بكل تفاصيلها، إذ “في كل منزل قصة تستحق أن تُروى”، ودعوا الإعلام إلى أخذ دوره في تسليط الضوء على هذه القصص لتكون جزءاً من سردية وطنية جامعة، وإعطاء مساحة للإعلام لتسليط الضوء على قضايا المفقودين والمغيبين قسراً والأيتام والعائدين من المخيمات.
ورأى بعض الحضور أن المطلوب اليوم سردية موحدة للوطن السوري تعترف بالخلافات دون أن تقسّم المجتمع، مؤكدين أنه “لا يوجد طرف مجرم بالكامل ولا آخر ثائر بالكامل”.
وانتقد متحدثون الفكرة الغربية التي صوّرت التنوع في سوريا كمصدر خلاف، مشيرين إلى أن الهوية السورية تحمل قواسم مشتركة واسعة في اللغة والثقافة والانتماء، وأن ما جرى خلال العقود الماضية هو صراع سياسي على السلطة والثروة استغل العصبيات الطائفية وحوّلها إلى أدوات سياسية.
وتحدث آخرون عن غياب العدالة في توزيع الدخل القومي على مدى ستة عقود، معتبرين أن الفساد والاستئثار بالثروة والسلطة عمّق الفوارق الاجتماعية وأنتج جماعات تدافع عن مصالحها بالقوة.
وأشارت بعض المداخلات+ إلى أن المشروع الوطني للحكومة الحالية يجب أن يركز على التنمية والعدالة الاجتماعية لضمان بناء هوية وطنية جامعة، داعين النخب الفكرية والسياسية إلى دعم هذا التوجه وإرساء مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع السوريين.
كما شدد عدد من الحضور على أهمية بقاء السوريين في وطنهم ورفض تكرار أخطاء النظام المخلوع عبر تفريغ البلاد من أبنائها، مطالبين بتعزيز الحوار، مؤكدين أن التواصل والتعاطف بين السوريين هو الخطوة الأولى نحو المصالحة الحقيقية.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية

