«نبض الخليج»
أبوظبي في 10 نوفمبر /وام/ يعمل معهد الابتكار التكنولوجي وأسباير، التابعان لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، بالتعاون مع الهيئة العامة للطيران المدني، على ترسيخ مكانة دولة الإمارات بين الدول الرائدة عالمياً في تطوير الأطر التنظيمية الخاصة بالتنقل الجوي المتقدم.
وسيتولّى معهد الابتكار التكنولوجي تقديم توصياتٍ مستندة إلى الأدلة لدعم تطوير واجهات وحلول هذا المجال.
و يُشرف مجلس الأنظمة الذكية ذاتية الحركة على هذا العمل، إذ يضطلع بدورٍ محوري في توجيه الجهود الوطنية في مجالات الأنظمة المستقلة والتنقل.
وفي وقت يتزايد فيه الاهتمام العالمي بمفهوم التنقل الجوي المتقدم، لم تتمكن سوى قلة من الدول من وضع لوائح تشغيلية أو أدوات محاكاة مخصصة للطائرات الجوية المأهولة (التاكسي الجوي). ومن خلال إطلاق تجارب محاكاة ميدانية عبر إمارة أبوظبي، تسهم دولة الإمارات في رسم ملامح المعايير التقنية والتنظيمية لعصر جديد من التنقل الجوي في المدن.
و يقود معهد الابتكار التكنولوجي تطوير أول نماذج تنظيمية قائمة على المحاكاة في الدولة لمسارات الحركة الجوية، مع تركيز خاص على ديناميكيات الرياح وحدود السلامة أثناء الطيران.
وتشكل هذه النماذج ركيزة أساسية في بناء تشريعات قائمة على البيانات تشمل الطائرات المسيرة وغير المأهولة على حد سواء، بما يضمن إدارة منظمة للمجال الجوي وتقليل المخاطر على الأرض.
أما أسباير، فقد ساهمت بدور محوري في تمكين التعاون بين الشركاء المعنيين ودعم المنظومة لضمان نشر آمن وقابل للتوسع لتقنيات التنقل الجوي الذاتي.
وعلى خلاف القواعد التنظيمية التقليدية لقطاع الطيران، يتطلب الجيل الجديد من أنظمة الملاحة الجوية المتقدمة أساليب تفكير جديدة في تصميم المجال الجوي واستخدامه، لا سيما في البيئات الحضرية المكتظة.
وفي هذا الإطار، يعمل معهد الابتكار التكنولوجي والهيئة العامة للطيران المدني على معالجة هذه المتطلبات من خلال أربعة مسارات عمل متكاملة تشمل تصميم ممرات جوية آمنة ووضع معايير للفصل بين المركبات الجوية وتنسيق إدارة الحركة الجوية التقليدية وغير المأهولة، وتقديم الاستشارات المتعلقة بالتحديثات التنظيمية بما يضمن التكامل الآمن والقابل للتوسع في كل مرحلة من مراحل تطور هذا القطاع.
وتعد ثلاثة مواقع تجريبية في أبوظبي، وهي جزيرة ياس وميناء زايد ومطار أبوظبي الدولي، منصات اختبار رئيسية للتحقق من فعالية تصاميم المجال الجوي التي يطورها معهد الابتكار التكنولوجي.
وتم اختيار هذه المواقع لما تملكه من مقومات لتكون مراكز مستقبلية لمهابط الطائرات الرأسية والعمودية، مما يوفر ظروفاً واقعية لاختبار وتأكيد سلامة التكوينات الجوية المقترحة.
وتستند هذه التجارب إلى قدرات محاكاة متقدمة تم تطويرها بالشراكة مع معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتيك)، بما يعزز ريادة دولة الإمارات العلمية في ابتكار حلول التنقل الجوي المتطور.
وفي هذا الصدد، قال المهندس عقيل أحمد الزرعوني، المدير العام المساعد لقطاع شؤون سلامة الطيران بالهيئة العامة للطيران المدني إنه مع استمرار تطوّر قطاع الطيران، ينبغي لأطرنا التنظيمية أن تتطوّر معه ، ومن خلال هذا التعاون مع معهد الابتكار التكنولوجي و”أسباير”، نُرسِي الأسس لدمجٍ آمنٍ وقابلٍ للتوسّع للتنقّل الجوي من الجيل التالي، وتمثّل هذه التجارب خطوةً حاسمة لضمان عمل أنظمة إدارة الحركة الجوية وأنظمة إدارة حركة الطائرات غير المأهولة بتناغم داخل أجواء دولة الإمارات، دعماً لرؤيتنا بعيدة المدى لمدنٍ ذكية ومتصلة.
ومن جانبها قالت الدكتورة نجوى الأعرج، الرئيس التنفيذي لمعهد الابتكار التكنولوجي إن التكنولوجيا وحدها لا تكفي لتحقيق نقلة حقيقية في مجال التنقل الجوي داخل المدن، إذ لا بد أن تواكبها تشريعات استباقية تستوعب تعقيدات الطيران الذاتي، ومن خلال تعاوننا مع الهيئة العامة للطيران المدني وأسباير، نعمل على وضع معايير عالمية لأنظمة مجالات جوية ذكية وآمنة تدعم الطائرات المأهولة وذاتية القيادة على حد سواء.
ولدعم منع التداخل بين المسارات الجوية، يُجرى استكشاف تهيئةٍ عموديةٍ متعدّدةِ الطبقات للمجال الجوي تمهيداً لتطبيقها مستقبلاً على النحو التالي:”من 0 إلى 500 قدم: منطقة تشغيل الطائرات المسيرة، تُدار من خلال أنظمة إدارة الحركة الجوية المسيرة، ومخصصة لعمليات الطائرات المسيرة الصغيرة مثل طائرات التوصيل والفحص والمراقبة..ومن 500 إلى 1000 قدم: منطقة الأمان الاحتياطية، تُترك خالية لاستخدامها في الاستجابة للحالات الطارئة أو إعادة توجيه المسارات الجوية.. ومن 1000 إلى 3000 قدم: منطقة تحليق التاكسي الجوي، مخصصة لعمليات التنقل الجوي المتقدم وتشمل الطائرات الأكبر حجماً سواء كانت مأهولة أو ذاتية القيادة التي تعمل على مسارات حضرية محددة مسبقاً.. وفوق 3000 قدم: منطقة الطيران التجاري، تدار من خلال أنظمة إدارة الحركة الجوية، وتُستخدم من قبل الطائرات التجارية والخاصة وغيرها من وسائط الطيران التقليدية”.
ويجري اختبار هذا الهيكل العمودي وتطويره من خلال محاكاة متقدمة تحلل تدفقات الرياح ثلاثية الأبعاد حول المباني والتضاريس، وهي خطوة محورية في تحديد مناطق الحظر الجوي ومناطق الأمان ومسارات الطيران التشغيلية.
ويُنفذ المشروع ضمن إطار زمني يمتد على عامين، يتيح تحليلاً معمقاً وتطبيقاً تدريجياً للمعايير التنظيمية.
وقال أندرو ستريفورد، المدير التنفيذي في أسباير إن التنقل الجوي الحضري لا يتمحور حول التكنولوجيا الجديدة فحسب، بل يرتكز أيضاً على الثقة والسلامة، ولهذا فإن السياسات والتشريعات عنصر أساسي في تبنيه ، وما نعمل على ترسيخه في أبوظبي هو أساس للثقة العالمية بكيفية تواصل المدن المستقبلية وتشغيل مجالاتها الجوية الحضرية والضاحية، بما يفتح آفاقاً اقتصادية جديدة في قطاعات التنقل والخدمات اللوجستية ، فعندما تتكامل منظومة البحث والحوكمة والطموح، تصبح التكنولوجيا محركاً للتقدم والازدهار”.
وتدعم هذه المبادرة بشكل مباشر الهيئة العامة للطيران المدني في إعداد الأطر التنظيمية للطائرات الجوية المأهولة (التاكسي الجوي)، ضمن منظور مستقبلي قابل للتوسع لاحقاً ليشمل رحلات الركاب والشحن الذاتية بالكامل عبر أجواء المدن.
في حين قال الدكتور إنريكو ناتاليتسيو، كبير الباحثين في مركز بحوث الروبوتات المستقلة بمعهد الابتكار التكنولوجي إن محاكاة الظروف الواقعية قبل التطبيق الفعلي تتيح لنا اختبار قواعد المجال الجوي وسيناريوهات التنقل الجوي الحضري بدقة وعلى نطاق واسع ويضمن هذا النهج الشامل أن تكون أطرنا آمنة ومواكبة للمستقبل وقابلة للتكيف مع المتطلبات المتغيرة للمدن الذكية.
وترسي الأسس التنظيمية التي تطورها دولة الإمارات، بالاعتماد على نماذج المحاكاة المتقدمة التي ابتكرها معهد الابتكار التكنولوجي وبدعم من منظومة التعاون التي تقودها أسباير، قاعدة متينة لتنقل جوي آمن وقابل للتوسع ومستدام. وتعزز هذه المبادرة مكانة أبوظبي منصة عالمية للتشريعات المستقبلية في مجال النقل، ونموذجاً يُحتذى للمدن الذكية حول العالم.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية