«نبض الخليج»
قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخير برفع العقوبات المفروضة على سوريا أعاد الأمل إلى عدد من السوريين في المهجر، حيث بدأ بعضهم يفكر جدياً بالعودة،لكن المجلة تشير إلى أن الغالبية تدرك أن العودة لا تزال صعبة بعد نحو 14 عاماً من الحرب، بسبب تردي البنية التحتية، ودمار المدارس والمشافي، وغياب الخدمات الأساسية، فضلاً عن انعدام فرص العمل، وتزايد المخاوف الأمنية من انتشار العصابات وعمليات السطو، لا سيما في حلب.
وترى المجلة أن العودة بالنسبة للسوريين المقيمين في الخارج، وخصوصاً الحاصلين على صفة لاجئ في دول مثل بريطانيا، تشكل “قراراً مصيرياً”، نظراً لاحتمال فقدانهم لحق اللجوء إن غادروا طوعاً.
وفيما يلي ترجمة موقع تلفزيون سوريا لمادة الإيكونوميست:
“سأبيع كل هذا الذهب وأعود إلى سوريا في الربيع”، هذا ما قاله أسامة الصباغ بكل حماسة من داخل محل المجوهرات الذي يملكه والذي يقع في حي معظم قاطنيه سوريون، وذلك في مدينة بورصة التركية الواقعة جنوبي إسطنبول، كان ذلك قبل خمسة أشهر من الآن، لأن متجره اليوم يبدو مختلفاً بعض الشيء عما كان عليه في السابق، بعد أن قرر أسامة أن يرحل في أيلول القادم، فقد فرح بخبر تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب برفع العقوبات الأميركية عن سوريا منذ أيام، إذ جدد هذا القرار أمل السوريين في الخارج، بحسب ما ذكره الدكتور هيثم الحموي من المجلس السوري البريطاني وهو عبارة عن مجموعة للضغط، أما رجال الأعمال وأصحاب المشاريع في المهجر فيرون بأن تخفيف العقوبات والمساعدات الدولية أمر ضروري من أجل إعادة بناء البلد وتحويله إلى بلد آمن.
العودة ليست سهلة
كان أكثر من ستة ملايين سوري يعيشون في الخارج عند سقوط بشار الأسد في كانون الأول الماضي، ومنذ ذلك الحين، عاد أكثر من نصف مليون منهم، بحسب ما أعلنته هيئة الأمم المتحدة، في حين ذكرت أربعة أخماس من تبقوا بأنهم يرغبون في العودة إلى سوريا في يوم من الأيام، بيد أن الغالبية تدرك بأنه بعد مرور 14 عام تقريباً على الحرب المدمرة في سوريا، لم تعد مسألة العودة إلى الوطن سهلة.
ومن أهم الأسباب التي تحول دون ذلك مسألة الأساسيات وتوفرها مثل السكن والمياه النظيفة والكهرباء، بما أن كل هذه الأمور ما تزال عشوائية في البلد، وذلك بحسب ما ذكره اللاجئون في المنافي الذين شاركوا في استطلاع للرأي أطلقته الأمم المتحدة، إذ ذكر 81% من أصحاب المنازل الذين فروا إلى الخارج بأن بيوتهم لم تعد صالحة للسكن في سوريا، كما أن معظم المدارس والمشافي تدمرت، وهذا يمنع الأسر التي لديها أطفال أو فرد عجوز من التفكير بالعودة إلى سوريا.
لا قانون موجود ولا بيئة استثمارية
وهنالك سبب آخر يحول دون تلك العودة، وهو قلة فرص العمل، إذ إن ما لا يقل عن ربع السوريين العائدين إلى وطنهم لم يجدوا أي عمل يزاولونه، كما يشك الأطباء والمعلمون والأكاديميون في إمكانية عثورهم على وظيفة حال عودتهم، صحيح أن التصريحات التي صدرت حول تخفيف العقوبات مشجعة، لكن البيئة المشجعة على الاستثمار ماتزال بعيدة كل البعد عن التحقق.
وفي الوقت عينه، أصبح الخوف يلازم السوريين في الشتات ويمنعهم من العودة وذلك بسبب الأخبار التي تتحدث عن السرقة والسطو التي تمارسها عصابات مسلحة، لاسيما في حلب التي كانت في السابق المركز التجاري لسوريا، كما أن الأقليات غير السنية، وخاصة العلويين الذين تمتعوا بمحاباة عائلة الأسد أيام حكمها، باتوا يخشون من الانتقام والنقمة حال عودتهم، ولهذا أجلوا المشروع إلى أن يفرض الحد الأدنى من القوانين وإلى أن يتم إرساء العدالة في البلد.
في حين أن الموسرين الذين يحملون جوازات سفر صادرة عن دول أخرى زاروا البلد مرات عدة وذلك ليعيدوا بناء بيوتهم أو ليؤسسوا مشاريع تجارية لهم هناك، كما أن رفع العقوبات قد يؤدي إلى تدفق أكبر للحوالات النقدية على البلد، ولكن على الرغم من أن بعض الشركات الخليجية أضحت على استعداد لدخول السوق السورية، مايزال قرار عودة بعض السوريين المقيمين في الخارج قراراً مصيرياً لا يمكن التراجع عنه بعد اتخاذه أو إلغاء مفاعيله، لأنهم في حال عودتهم لسوريا قد يخاطرون بخسارتهم لحقهم في اللجوء في دول مثل بريطانيا.
المصدر: The Economist
شارك هذا المقال
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية