«نبض الخليج»
تظهر التصريحات التي تصدر عن قيادات في حزب “الاتحاد الديمقراطي”، الذي قاد جهود تأسيس “الإدارة الذاتية” شمال شرق سوريا، والتصريحات التي تصدر عن قائد “قسد”، مظلوم عبدي، وجود تباين واضح يخفي خلفه صراعاً على القرار فيما يتعلق بمصير شمال شرق سوريا والمفاوضات مع الحكومة.
في 22 أيار، هاجم ألدار خليل، الذي يوصف بأنه أحد أبرز صناع مشروع “الإدارة الذاتية” المركزية التي تحاول فرضها، دمشق، محذراً من تقسيم سوريا واندلاع حرب أهلية فيما لو استمرت هذه السياسية، كما رفض ما وصفه بـ”الإملاءات التركية”.
كما أشار خليل إلى أن الوفد الذي سيفاوض دمشق سيكون ممثلاً عن “الإدارة الذاتية”، وهو من سيتولى نقاش مصير قوات “قسد”.
بالمقابل، أكد قائد “قسد” مظلوم عبدي، في مقابلة تلفزيونية أجراها في 30 أيار، على استمرار الالتزام بالاتفاق الذي وقعه مع الرئيس السوري أحمد الشرع، في شهر آذار من العام الجاري، وتم تشكيل لجان مشتركة من الجانبين لبحث آليات التنفيذ. كما اعتبر أن البلاد أمام فرصة لبناء دولة جديدة لا مركزية قائمة على العدالة.
وبدى لافتاً الإيجابية التي تحدث بها عبدي عن تركيا، وإشارته إلى حساسيتها الأمنية، وحرصها على دمج “قسد” ضمن الجيش السوري، مؤكداً وجود اتصالات مباشرة مع أنقرة، وانفتاحه على تطوير العلاقات مع تركيا، في نبرة مختلفة تماماً عن تلك التي تحدث بها خليل.
تباين بالتموضع
الخلاف في المواقف بين قائد “قسد” وقيادات “الاتحاد الديمقراطي” ومؤسسي “الإدارة الذاتية” يعكس تموضعاً سياسياً متبايناً، حيث يعتبر عبدي أقرب إلى الجانب الأميركي بحكم العمل المشترك لسنوات طويلة.
تصريحات عبدي الأخيرة أتت بعد يوم واحد من اتصال أجراه المبعوث الأميركي الجديد إلى سوريا، توماس باراك، حيث تفيد المعلومات أن الأخير حث عبدي على الالتزام باتفاقه مع دمشق، وهو النهج ذاته الذي يدعمه الحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه مسعود بارزاني، الذي يتولى السلطة التنفيذية في إقليم كردستان، والذي كثف اتصالاته مع قائد “قسد” خلال الأشهر الماضية، ويرعى وساطة بينه وبين الحكومة السورية بدعم من أميركا.
بالمقابل، فإن قيادات “الاتحاد الديمقراطي” أقرب إلى رؤية كوادر حزب “العمال الكردستاني”، التي تنشط في سوريا، ولديها ذراع مسلح يدعى “شبيبة الثورة”، التي بدورها أقرب للتنسيق مع إيران، التي تحرص على إبقاء صلات قوية مع أفرع “العمال الكردستاني” في العراق وسوريا، في إطار عدم فقدانها المزيد من النفوذ في المنطقة لصالح تركيا.
وساهمت قيادات في الجيش الأميركي بتسهيل وصول عبدي إلى دمشق لتوقيع الاتفاق، في شهر آذار الماضي، الذي تضمن الالتزام بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
الظروف الإقليمية والدولية تصب في صالح عبدي
تصب مجمل الظروف الإقليمية والدولية في صالح قائد “قسد”، وعلى رأسها الضغوطات التي تمارسها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل تفكيك نفوذ إيران في المنطقة، والذي ترتبط به بعض تشكيلات حزب “العمال الكردستاني” النشطة في العراق وسوريا، حيث ترتبط هذه التشكيلات مع الفصائل العراقية المدعومة من إيران، وكان لديها تنسيق وثيق مع الفرقة الرابعة لدى نظام الأسد، التي كانت تحظى بدعم إيراني.
ومنذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، يعمل على إعادة تشكيل المشهد الكردي في المنطقة بالتنسيق مع تركيا، بالطريقة التي تقلص من تأثير إيران ومن قدرتها على استثمار القضية الكردية لحساباتها الخاصة.
ولذا، تدعم واشنطن موقف أربيل، التي يتزعمها الحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث تركز واشنطن ثقلاً عسكرياً كبيراً فيها حالياً، لتقويض محاولات إيران السابقة، والمتحالفين معها، ومن ضمنهم السليمانية، محاصرة أربيل المتحالفة مع تركيا.
ويبدو أن عبدي يفهم التغيير الحاصل في موازين القوى، وتصريحاته تعكس رغبة بالتموضع بعيداً عن “العمال الكردستاني” وإيران، لكن نجاح مسعاه يعترضه عقبات كثيرة، من ضمنها تدفق المزيد من مقاتلي “العمال الكردستاني” وقياداته إلى سوريا بعد إعلان حل الحزب.
شارك هذا المقال
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية