جدول المحتويات
«نبض الخليج»
“الحاجة أم الاختراع”، عبارة تعكس ما فعله أحمد النيربي، كغيره من السوريين العائدين من تركيا إلى بلدهم؛ ففي ظل غلاء وسائل تأمين التدفئة والماء الساخن، قرر سوريون نقل تجربة “الكومبي” إلى بلدهم، مع إدخال بعض التعديلات على جهاز التسخين ليعمل على أسطوانة الغاز، بسبب عدم توفر أنابيب الغاز الواصلة إلى المنازل كما هو الحال في تركيا.
اعتاد معظم السوريين في تركيا على استخدام “الكومبي”، وهو جهاز لتسخين المياه للاستحمام والتدفئة، إذ يعمل عبر أنابيب الغاز الواصلة إلى المنازل، حيث يُغني “الكومبي” عن استخدام مدافئ الحطب أو المازوت أو الكهرباء أو الغاز، التي تعتبر باهظة الثمن وأكثر ضرراً وخطورة.
وسائل تدفئة باهظة وخطرة
رغم سقوط نظام الأسد وبدء بوادر التحسن في الأوضاع، لا يزال السوريون يترقبون شتاءً قاسياً، في ظل صعوبة تأمين وسائل التدفئة بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات.
وأعرب أحمد النيربي، الذي عاد مع عائلته من إسطنبول إلى حلب قبل شهرين، عن خشيته من مواجهة شتاء صعب بسبب انقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن العائلة تحتاج يومياً إلى 5 ليترات من المازوت (دابو)، بتكلفة تصل إلى 50 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل نحو مليون ونصف ليرة شهرياً.
كان بعض السوريين يعتمدون على وسائل أخرى للتدفئة، كمدافئ الحطب، وقشور الفستق، والبيرين. ويبلغ سعر طن الحطب حالياً 200 دولار، وقشور الفستق 150 دولاراً، والبيرين 110 دولارات.
وفي حديثه لموقع “تلفزيون سوريا”، قال النيربي إن استخدام الحطب أو قشور الفستق أو البيرين يحتاج إلى مدافئ خاصة، يصل سعرها إلى 250 دولاراً، كما أن تلك الطرق غير صحية وخطيرة، “حيث سمعنا عن حوادث حرائق أو حالات اختناق كثيرة حصلت بسبب استخدام تلك المدافئ”.
ما كلفة تركيب “الكومبي” في سوريا؟
صُدم كثير من السوريين العائدين إلى بلدهم بارتفاع كلفة وسائل التدفئة المتوفرة، والتي لا تخلو من الأذى أو الخطورة، ما دفع بعضهم للتعبير عن حنينهم لأيام “الكومبي” في تركيا.
يقول أحمد النيربي إنه “تمنيت لو كان الكومبي متاحاً في سوريا”، ليضيف أنه تفاجأ حين شاهد فيديو لشركة تعلن عن إمكانية تركيب “الكومبي” في سوريا عن طريق أسطوانة الغاز.
ويتراوح سعر “الكومبي” في سوريا بين 850 و900 دولار، بينما يبلغ سعر كل “صوفاج” (بطول متر) نحو 90 دولاراً، وفي حال تركيب ثلاثة “صوفاجات”، تصل تكلفتها إلى 270 دولاراً، لتبلغ الكلفة الإجمالية نحو 1150 دولاراً شاملة أجرة التركيب
وبعد تركيب “الكومبي” و”الصوفاجات”، تبقى تكلفة تشغيل الجهاز محصورة في سعر أسطوانة الغاز فقط؛ ففي حال تشغيله لمدة ست ساعات يومياً خلال الفترة المسائية، تكفي الأسطوانة لنحو عشرين يوماً، أما في حال تشغيل التدفئة على مدار 24 ساعة، فإن الاستهلاك يرتفع إلى أسطوانة واحدة أسبوعياً.
ويبلغ سعر أسطوانة الغاز 150 ألف ليرة سورية، وبالتالي من يريد تشغيل “الكومبي” بشكل متوسط (ست ساعات يومياً)، فإنه يحتاج إلى أسطوانة ونصف شهرياً، أي حوالي 225 ألف ليرة، بينما تصل تكلفة تشغيل مدفأة المازوت إلى مليون ونصف ليرة شهرياً.
وفي حال أرادت العائلة تشغيل “الكومبي” 24 ساعة يومياً، فإنها تحتاج إلى إسطوانة غاز أسبوعياً، وبالتالي تصل التكلفة الشهرية إلى 600 ألف ليرة فقط.
تعديل برمجي للتشغيل على أسطوانات الغاز
وعن تشغيل “الكومبي” في سوريا، قال صبحي الخطيب، صاحب ورشة لتركيب “الكومبي” في دمشق، إن “الكومبي” الذي كان يعمل في تركيا على أنابيب الغاز، يجب تعديله عبر جهاز خاص على الكمبيوتر، ليصبح صالحاً للعمل على أسطوانة الغاز بأمان وبتكلفة أقل.
وفي حديثه لموقع “تلفزيون سوريا”، أوضح الخطيب أنه في حال عدم تعديل برنامج “الكومبي”، فإن الأسطوانة ستنفد خلال ساعة فقط.
ولفت الخطيب إلى أن “الكومبي” يمكن أن يعمل عن طريق الطاقة الشمسية، حيث لا يستهلك سوى نصف أمبير من الكهرباء، مضيفاً أن “الصوفاجات” يمكن أن تستخدم نفس المياه لثلاث أو أربع سنوات دون أي مشاكل، وبالتالي لا يوجد مصروف مستمر للمياه.
شراء مستعمل لتقليل التكاليف
أيمن عبادي، الذي يخطط للعودة إلى سوريا قريباً، وجد في فكرة تركيب “الكومبي” حلاً عملياً، فاشترى جهازاً مستعملاً من إسطنبول مقابل 300 دولار فقط، موفراً بذلك مبلغاً كبيراً مقارنة بسعر الجهاز الجديد في سوريا، الذي يصل إلى 900 دولار.
وأضاف عبادي لموقع “تلفزيون سوريا” أن المختصين في “الكومبي” نصحوه بعدم شراء “صوفاجات” مستعملة، وشراء نوع جديد من سوريا، لأن الصوفاج المستعمل غالباً ما يحتوي على كميات كبيرة من الصدأ في الداخل، بسبب تفريغه من المياه لفترة طويلة، مما يؤدي إلى ضعف في كفاءة تسخين المياه.
آمنة وغير مكلفة
ولا تخلو وسائل التدفئة التقليدية من الخطورة، حيث تحدث كل شتاء حالات وفاة، نتيجة حرائق بسبب مدافئ المازوت أو الحطب، أو حالات اختناق أثناء النوم نتيجة الدخان المنبعث من المدافئ.
وقال صبحي الخطيب إن “الكومبي” مزود بأجهزة أمان خاصة، حيث يتم تركيب جهاز حساس يستشعر أي تسريب للغاز من الأسطوانة، وعندها يُصدر الجهاز إنذاراً صوتياً، ويُرسل في الوقت ذاته أمراً للأسطوانة لقطع الغاز مباشرة عن “الكومبي”.
كما نصح بتركيب منظم للتيار الكهربائي، لا تتجاوز تكلفته 15 دولاراً، لتجنّب تعرض الجهاز للأعطال الناجمة عن انقطاع التيار المتكرر في سوريا.
حلول لتصفية الغاز والتحكم عن بُعد
يشتكي المواطنون في سوريا من أن أغلب أسطوانات الغاز تحتوي على أوساخ داخلها، لكن الخطيب أوضح أنه يتم تركيب “فلتر” بجانب الأسطوانة لتنقية الغاز من الشوائب قبل دخوله إلى “الكومبي”، مما يضمن حماية الجهاز من الأعطال أو المخاطر.
وأضاف أن “الكومبي” مزود بجهاز تحكم، يتيح تشغيله من غرفة أخرى، مشيراً إلى أن شركتهم تعمل حالياً على تصميم تطبيق للهاتف المحمول، يمكّن المستخدم من تشغيل الجهاز أو إيقافه عن بُعد، في حال نسي تشغيله أو إطفاءه عند مغادرة المنزل.
نصائح لتدفئة أكثر ومصروف أقل
لضمان أن يوفر “الكومبي” تدفئة جيدة وبمصروف أقل لأسطوانة الغاز دون حدوث أي أعطال أو مخاطر، قدّم صبحي الخطيب، صاحب ورشة لتركيب “الكومبي” في دمشق، مجموعة من النصائح، وهي:
- يجب تشغيل “صوفاجين” على الأقل ضمن المنزل، لأن تشغيل “صوفاج” واحد يؤثر على عمر “الكومبي”. كما يُفضَّل تشغيله في الشتاء طوال الوقت، لأن ذلك يحافظ على درجة حرارة الغرفة، ويمنح “الكومبي” وقت راحة أطول طالما أن حرارة الغرفة ضمن الحد المطلوب.
- الانتباه إلى ضغط “الكومبي” الذي يجب أن يكون بين 1.5 و2 درجة. وفي حال كان أعلى أو أقل من هذا الرقم، فيجب تنفيس “الكومبي” قليلاً من المياه لجعل ضغطه متوازناً.
- عند تركيب “الصوفاجات” في المنزل، يُفضّل أن تكون صنابيرها من الأسفل بدلاً من الأعلى، لأن ذلك يساهم في توزيع الحرارة على كامل الصوفاج، ما يمنح دفئاً أكبر للمنزل. كما يُفضّل تركيب “صوفاجات” صغيرة الحجم (قياس متر) لتخفيف تكلفة استهلاك الغاز.
- يُفضّل تخفيض درجة التدفئة خلال ساعات النهار، ولا سيما في غرف النوم أو الغرف التي لا تستخدمها العائلة عادةً نهاراً، لإطالة عمر أسطوانة الغاز.
- حاول الابتعاد عن تغطية “الصوفاجات” بقطع الأثاث أو الستائر، لأن ذلك يحد من وصول الحرارة إلى كامل الغرفة. واحرص على فحص خرطوم أسطوانة الغاز بشكل دوري لتجنب وجود أي أجزاء تالفة تؤدي إلى تسرب الغاز.
- يُفضّل كل عامين أو ثلاثة تغيير مياه “الصوفاجات” عبر شركة مختصة، لأن عدم تنظيفها يؤدي إلى أعطال في المضخة ودارة التسخين في “الكومبي”، إضافة إلى انخفاض الحرارة في الصوفاجات وعدم الحصول على تدفئة مناسبة.
- من الأفضل تركيب أسطوانتي غاز؛ وبالتالي في حال نفاد الغاز من إحدى الأسطوانات ليلاً، يمكن وصل الأسطوانة الاحتياطية لضمان عدم انقطاع التدفئة، خاصة في الشتاء.
إقبال جيد على “الكومبي”
رغم أن فكرة “الكومبي” في سوريا غير مألوفة، إلا أن كثيراً من الناس بدأوا الإقبال عليه، كونه يريحهم من مشقة تأمين المازوت أو الحطب، ويجنبهم الحرائق التي تسببها تلك المدافئ.
وقال محمد دسوقي، صاحب ورشة تركيب “كومبي” في حلب، لموقع “تلفزيون سوريا”، إن هناك إقبالاً جيداً على تركيب “الكومبي” خلال الفترة الماضية، مضيفاً أنه قام خلال الشهر الماضي بتركيب 30 “كومبي” في مدينة إعزاز فقط.
وتوقّع دسوقي أن يزداد الإقبال بشكل أكبر على تركيب “الكومبي” قبيل قدوم الشتاء القادم، ولا سيما مع وجود أنباء كثيرة تتحدث عن اقتراب تمديد غاز مباشر إلى المنازل عبر شركات تركية، ما يجعل استخدام “الكومبي” أكثر سهولة من الاعتماد على أسطوانات الغاز.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية
