«نبض الخليج»
طرح وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، رؤية الوزارة لمستقبل الإعلام في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، مشدداً على أهمية بناء مشهد إعلامي حر ومستقل، يتجاوز عقوداً من التوظيف الدعائي الذي مارسه النظام المخلوع.
وقال المصطفى في مقال بصحيفة “ليفانت 24” إن سوريا تشهد، بعد انهيار النظام السابق، فرصة تاريخية نادرة لإحداث تحوّل عميق في بنية الإعلام، خاصة بعد أن استُخدمت وسائل الإعلام الرسمية لعقود كأداة مركزية للتضليل والدعاية.
ورغم هذه الفرصة المتاحة، أكد المصطفى أن التحديات الأساسية لا تزال ماثلة أمام المشهد الإعلامي، نتيجة “الإرث العميق من تشويه وسائل الإعلام والانحلال المؤسسي الموروث من النظام المخلوع”.
وأوضح الوزير أن المؤسسات الإعلامية الحالية تعاني نقصاً حاداً في المهنية، وضعفاً في ثقافة حرية الصحافة واستقلالية التحرير، وتفشياً للخطاب الشعبوي الذي يُستخدم كأداة للتأثير السلبي على الرأي العام، بدلاً من تعزيز القيم الأساسية للحوار والتعددية والمساءلة.
وأكد أن النظام المخلوع رسّخ، خلال أربعة عشر عاماً، خطاباً طائفياً منهجياً، وشوّه صورة سكان المناطق الخارجة عن سيطرته، ما أدى إلى انقسامات مجتمعية عميقة. وأشار إلى أن آثار هذه السياسة تظهر اليوم في انتشار خطاب الكراهية والإقصاء والطائفية على منصات التواصل، مما يصعّب بناء إعلام وطني شامل ومهني يحظى بثقة الجمهور.
استراتيجية جديدة لإصلاح الإعلام الرسمي في سوريا
وأشار إلى أن وزارة الإعلام بادرت إلى تطوير رؤى واستراتيجيات شاملة تهدف إلى إعادة هيكلة الإعلام الرسمي على أسس موضوعية، تشمل إطاراً قانونياً وأخلاقياً يتضمن “مدوّنة أخلاقيات” تنظم العمل الإعلامي دون المساس بحرية التعبير.
وبيّن أن الوزارة تعمل بالتعاون مع المجتمع المدني والنقابات، وعلى رأسها اتحاد الصحفيين السوريين الذي أُعيدت هيكلته، وأُطلق إطار تنظيمي جديد يشترط الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية للعضوية.
وأفاد بأن الوزارة تسعى إلى منع استغلال الإعلام كأداة للاستقطاب أو تأجيج الانقسامات المجتمعية، وتركّز على ترسيخ ثقافة إعلامية توظف النقد بشكل بنّاء لتعزيز التماسك الاجتماعي.
ونوّه بأن الوزارة عقدت اجتماعات مع صحفيين وناشطين مخضرمين لتحديد معايير تحريرية واضحة، لا سيما في القضايا الحساسة مثل المصالحة، والمقابر الجماعية، وتوثيق مراكز الاحتجاز السابقة، مشيراً إلى أن هذه المواضيع أدّت إلى تعرض بعض الصحفيين لانتقادات بسبب تقاريرهم الضعيفة أو غير الأخلاقية.
انفتاح حكومي على النقد وشراكات لتطوير مهارات الصحفيين
أكد المصطفى أن حرية التعبير في سوريا لا تزال مقيدة مقارنة بالدول الديمقراطية، لكن البلاد تتخذ خطوات أولى نحو الإصلاح، ويجب فهم الإعلام كجزء من عملية تطور تدريجية ضمن مسار سياسي أوسع.
كما أشار إلى أن الحكومة أظهرت انفتاحاً على النقد الإعلامي، وأبدت استعداداً لتوسيع مساحة حرية التعبير، رغم وجود تحيّزات هيكلية ناجمة عن الارتباط المؤسسي لوسائل الإعلام بالحكومة.
وأوضح أن وزارة الإعلام تسعى إلى تعزيز التعددية والشفافية عبر التعاون مع مؤسسات دولية، والعمل على برامج تدريبية مع جهات مثل “مراسلون بلا حدود” و”الاتحاد العربي للصحافة”، بهدف اعتماد بطاقة صحفية موحدة للصحفيين السوريين في الخارج.
وأضاف أن الوزارة تبني شراكات مع وسائل إعلام مستقلة وأجنبية، وتُهيئ بيئة إعلامية منفتحة على وجهات نظر متعددة، بما يساهم في إنتاج خطاب وطني أكثر شمولاً وتوازناً.
وذكّر بأن سوريا كانت، في عهد الأسد، من أخطر دول العالم على الصحفيين، حيث قُتل أكثر من 700 إعلامي، في حين يُنظر اليوم إلى الصحافة الحرة كمرتكز رئيسي للانتقال الديمقراطي.
وأشار إلى أن بعض الصحفيين المحليين ما زالوا يعانون من مضايقات ورقابة ذاتية، خصوصاً عند تغطية أحداث سياسية حساسة، مضيفاً أن ذلك يدل على بقاء عادات هيكلية راسخة يجب كسرها بشكل حاسم لتجذير حرية الصحافة.
وختم بالإشارة إلى أن أصوات الإعلام المستقبلية، وخاصة الإعلاميين المستقلين ممن عملوا سابقاً من المنفى أو بسرية، يؤدون الآن دوراً محورياً في تغطية التطورات الشعبية، ويساهمون في تشكيل ثقافة الإعلام السوري الجديدة، رغم العقبات السياسية والمهنية التي تواجههم ضمن بيئة انتقالية تتسم بالفرص وعدم اليقين.
وتابع: “رغم أن الطريق أمامنا لا يزال طويلاً ومليئاً بالتحديات المعقدة، فإننا لا نزال واثقين من قدرتنا على بناء نموذج مختلف تلعب فيه وسائل الإعلام دوراً نشطاً في بناء الدولة وتعزيز السلام المستدام”.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية