«نبض الخليج»
يسعى فرع الهجرة والجوازات في حلب لإيجاد حلول للازدحام والانتظار الطويل وتذليل الصعوبات أمام المواطنين، واستيعاب الضغط الكبير الناجم عن غياب فروع مماثلة في الرقة وإدلب، في حين تتركز مطالب المواطنين على خفض الرسوم وتسريع عملية استخراج جواز السفر، إذ تمتد معاناة المتقدمين لأشهر حتى يحين موعد تقديم الطلب، ثم لساعات طويلة بانتظار الاستلام، ما يثقل كاهل الموظفين والعمال وأصحاب المهن الذين يضطرون إلى ترك أعمالهم.
وتتضاعف المعاناة لدى المراجعين القادمين من الأرياف النائية عبر وسائل النقل العامة، بمن فيهم مرضى وكبار سن وذوو احتياجات خاصة وأطفال، وفي ظل هذه الظروف، تُطرح تساؤلات مشروعة: كيف يمكن إنصاف هؤلاء حسب حالاتهم وظروفهم؟ وهل يمكن تبسيط الإجراءات لتخفيف أعباء الانتظار القسري؟ وكيف يتعامل فرع الهجرة والجوازات مع مشهد الاكتظاظ اليومي الذي يتكرر كل صباح؟
300 دولار للبطيء و800 دولار للمستعجل
في استطلاع لآراء عدد من المراجعين الذين ينتظرون دورهم أمام فرع الهجرة والجوازات في حلب، عبّر محمد الأحمد، أحد الآباء، في حديث لموقع تلفزيون سوريا عن استيائه من المبالغ الباهظة التي يتعين عليه دفعها لتجديد جواز سفر ولده المقيم في ألمانيا.
وأوضح أن كلفة تجديد جواز السفر غير المستعجل تصل إلى 300 دولار أميركي، في حين تبلغ كلفة الجواز المستعجل 800 دولار، مؤكداً أن هذا المبلغ يشكل عبئاً مالياً كبيراً على العائلات ذات الدخل المحدود.
وأشار الأحمد إلى أنه اضطر إلى جمع هذا المبلغ بصعوبة من معارفه وأقاربه، حيث إن راتبه الشهري بالكاد يغطي احتياجات أسرته الأساسية، متسائلاً بغضب عن المعايير التي تُحدد هذه الرسوم المرتفعة، لافتاً إلى أن ابنه الذي يدرس في ألمانيا بحاجة إلى جواز السفر لتسيير أموره القانونية هناك، ومع ذلك يجد نفسه عالقاً بين إجراءات معقدة ورسوم مرهقة.
الأتمتة عقدت الأمور ولم تبسطها
من جهته، أكّد شاب يرغب بالسفر لغاية العمل ويُدعى “منصور سليمان” أن هناك سوء تنظيم وعشوائية من قبل الهجرة والجوازات في معالجة هذه المشكلة التي تتفاقم يوماً بعد يوم، فرغم استلام رسالة الدور لا يزال الانتظار الطويل على الطابور سيد الموقف، رغم توفر التقنيات واعتماد الأتمتة في تسيير العمل، والتي من المفترض أنها ستزيل كل العقبات البيروقراطية وتبسط الإجراءات، لكن العكس هو ما يحصل على أرض الواقع.
عبّرت سيدة موظفة – فضلت عدم الكشف عن اسمها – عن استيائها من طول انتظار الدور لتقديم الأوراق والثبوتيات في المرة الأولى، ومن ثم الانتظار مجدداً لاستلام جواز السفر، وذلك خلال محاولتها استكمال إجراءات السفر لأداء مناسك العمرة.
وأبدت دهشتها من التعامل السلبي مع أوقات المراجعين، معتبرة أن من حقهم الحصول على جوازات سفرهم بسهولة وسرعة، وبكلفة معقولة تتناسب مع قدراتهم المادية، من دون أن يضطروا إلى تضييع ساعات طويلة من أوقات عملهم أو تعطيل التزاماتهم وارتباطاتهم الاجتماعية.
سويد: غياب مكاتب في إدلب والرقة زاد الأعباء بنسبة تفوق 40%
وردّاً على ما سبق، قال رئيس فرع الهجرة والجوازات في حلب العميد فؤاد سويد إن الازدحام يعود لغياب مكاتب مماثلة في إدلب والرقة، الأمر الذي تسبب في زيادة العبء بنسبة تفوق 40% من الحصة الوطنية.
وأكّد في حديثه لتلفزيون سوريا على أن العمل مستمر بطاقات قصوى، في حين تشمل الإجراءات تمديد الدوام اليومي حتى الخامسة أو السادسة مساءً، والعمل يومي الجمعة والسبت لتخفيف الازدحام على الأهالي الراغبين باستخراج جوازات السفر اللازمة وخاصّة للراغبين بأداء مناسك الحج.
وأضاف قائلا: “طلبات الجوازات العادية والبطيئة تُقدم حصراً عبر المنصة الإلكترونية، باستثناء الجواز الفوري, وإصدار الجوازات يتم بعد تقديم الطلب إلكترونياً، واستلام موعد برسالة نصية، ثم تقديم الأوراق وسداد الرسوم إلكترونياً أيضاً”.
وأوضح سويد أن “المدة الزمنية اللازمة لإصدار الجواز البطيء تتراوح بين شهر ونصف إلى ثلاثة أشهر، والفوري خلال 24 إلى 48 ساعة، أمّا رسوم الجوازات فتبلغ 300 ألف ليرة سورية للجواز العادي، و 400 ألف للجواز البطيء، ومليونا ليرة للفوري، مع مراعاة الحالات الإنسانية بمنح فوري عند الحاجة”.
ولفت سويد إلى أن “جوازات سفر موسم الحج تُستخرج مباشرة من الفرع دون استخدام المنصة، خلال 24 ساعة فقط، برسوم 100 دولار للمقيمين داخل سوريا و400 دولار للمغتربين، فيما يحق لأقارب الحجاج المقيمين خارج سوريا التقدم بطلب الجواز بشرط إحضار الهوية وإثبات القبول”.
ووعد مدير فرع الهجرة والجوازات “استمرار الجهود لتسريع الإجراءات رغم الضغط الكبير، ضمن خطة شاملة لتحسين الخدمات”.
وأعلنت إدارة الهجرة والجوازات منتصف نيسان الماضي عن افتتاح فروع جديدة في محافظات دمشق وحمص وحلب، في خطوة تهدف إلى تسهيل إجراءات حجاج بيت الله الحرام، غير أن الواقع في حلب، وربما في محافظات أخرى، كشف عن استمرار الصعوبات التي تواجه المواطنين في الحصول على جوازات السفر بالسرعة المطلوبة.
وتتركز مطالب المواطنين في ضرورة اتخاذ مزيد من التدابير الفنية والتقنية والإجرائية لتبسيط المعاملات وتقليل الكلفة والجهد، بما يحقق مصلحة المواطن ويضمن تسهيل حصوله على الوثائق الرسمية من دون معاناة.
وخلال السنوات الماضية، أثارت قضية الحصول على جواز السفر جدلاً واسعاً في الشارع السوري، حيث حول نظام الأسد البائد الجوازات إلى أداة ابتزاز لكثير من المواطنين، وأصبح امتلاك جواز السفر بمنزلة حلم بعيد المنال لمن يرغب في السفر خارج البلاد، سواء بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة أو للهروب من الخدمة الإلزامية والاحتياطية التي دفعت العديد من الشباب إلى الهجرة غير الشرعية، مما زاد من صعوبة حصولهم على الوثائق الرسمية نتيجة للإجراءات المعقدة التي فرضها النظام.
وفي ظل تلك التعقيدات حينذاك، برزت ظاهرة السماسرة الذين باتوا يديرون مكاتب خاصة، ويتقاضون مبالغ كبيرة لقاء تسهيل استخراج جوازات السفر، لاسيما بعد إطلاق المنصة الإلكترونية الخاصة بحجز الدور للحصول على الجواز، كما زاد الأمر تعقيداً مع إصدار ما يسمى بـ”الجواز الإلكتروني” بعد إجراء تعديل على الطبعة القديمة، حيث رفع النظام رسومه بحجة ارتفاع تكاليف إصداره، ما أثار استياء واسعاً بين السوريين.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية