يمرّ في حياتنا أشخاص كُثر، وكل واحد منهم يترك أثرًا مختلفًا في القلب والذاكرة.
فمنهم من رسخ في القلب بصفاء مودّته وصدق عطائه، فصار جزءًا من نبضنا لا يغيب مع الأيام.
ومنهم من بقي طيفه في الذاكرة، كلّما مرّ ذكره ابتسمت له الروح كأنّه حاضر بيننا.
ومنهم من مرّ عابرًا، لا ترك أثرًا ولا جرحًا، وكأنّه لم يكن.
ومنهم من مرّ وترك فينا ضررًا أو جرحًا، ليعلّمنا أن الألم قد يكون درسًا قاسيًا لكنه نافع.
ومنهم من كان معلّمًا، فتح لنا دروب الحكمة بنصيحة في وقتها.
ومنهم من كان مرآةً صافية، عكس لنا عيوبنا لنتأملها ونصلحها.
ومنهم من كان عاصفةً، أحدثت ضجيجًا ورحلت، ولم تترك سوى العبرة.
بل إنّ بعضهم، رغم أنّهم كانوا عقبةً في طريقنا، صاروا سببًا في تقدّمنا؛ فقد دفعتنا مواقفهم الصعبة إلى أن نكون أقوى، ومحاولاتهم لإعاقتنا جعلتنا أكثر إصرارًا على الوصول.
إنّ الذاكرة ليست خزانة صور فحسب، بل هي سجلّ للمواقف والدروس. تحفظ من يستحق أن يسكن أعماقنا، وتقصي من كان مجرد عابر سبيل، وتُذكّرنا دائمًا أن حتى العثرة قد تكون… عبرة.