«نبض الخليج»
ألقى أحد شيوخ عقل طائفة الدروز في محافظة السويداء، حكمت الهجري، كلمة خلال مؤتمر “وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا”، أكد فيها أن هذا اللقاء ليس مجرد اجتماع سياسي، بل هو “نداء للضمير الوطني واستجابة لصرخة شعب أنهكته الحروب والتهميش”.
وأشار الهجري إلى وقوف أبناء الطائفة الموحدين الدروز إلى جانب “إخوتهم من الكرد والعرب والسريان والأيزيديين والتركمان والشركس وباقي المكونات”، مؤكداً أن التنوع في سوريا ليس تهديداً، بل هو كنز يعزز وحدة المجتمع تحت شعار “معاً من أجل تنوع يعزز وحدتنا وشراكة تبني مستقبلنا”.
ودعا إلى أن يكون هذا المؤتمر “بداية لمسار جديد ومنارة تضيء دروب الكرامة وترسخ حرية الإنسان في وطن لا يُقاس فيه المرء بانتمائه، بل بإنسانيته ومساهمته في البناء”.
البيان الختامي
وبحسب البيان الختامي للمؤتمر، لفت المشاركون إلى “العمق التاريخي والثراء الثقافي للمكونات في شمال وشرق سوريا؛ إلى جانب حالة التهميش والإقصاء التي تعرضت لها من قبل الأنظمة المركزية المتعاقبة خلال عقود طويلة من الزمن، لا سيما في ظل حكم النظام البائد، الذي اتَّبع سياسات ممنهجة لقمع الهويات، وإضعاف البنى الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة، وفرض مشاريع تغيير ديمغرافي، وحرمان السكان من حقوقهم الأساسية في التمثيل والمشاركة، والتنمية العادلة”.
وجاء في البيان: “إن ما يجري اليوم في هذه المرحلة التاريخية المفصلية من سلوكيات وممارسات يومية بحق أبناء الشعب السوري؛ لاسيما ما جرى بحق أبنائنا في الساحل والسويداء والمسيحيين، يرتقي إلى مصاف جرائم ضد الإنسانية تحتاج إلى تحقيق حيادي يعمل بشفافية ونزاهة لتحديد الجناة الفاعلين كائناً من كان، والتي نعدها جريمة بحق النسيج الوطني برمته”.
وأضاف: “أكد الكونفرانس على أن التعدد القومي والديني والثقافي في شمال وشرق سوريا هو مصدر غنى وقوة، وشدد على ضرورة ترسيخ هذا التعدد في البنى السياسية والإدارية، وعلى ضمان تمثيل كافة المكونات بما يعزز من وحدة المجتمع، وأن نموذج الإدارة الذاتية هو تجربة تشاركية قابلة للتطوير والارتقاء، ومثال حي على الحوكمة المجتمعية الديمقراطية”.
وطبقاً للبيان، فقد عبّر المشاركون “عن تقديرهم العالي للتضحيات التي قدمتها قوات سوريا الديمقراطية في الدفاع عن المنطقة وكرامة شعوبها، واعتبارها نواة ضرورية لبناء جيش وطني سوري جديد، مهني تطوعي، بما يمثل حقيقة المجتمع السوري، ويحمي حدود البلاد وسلامة أراضيه”، حسب وصفه.
وورد في البيان: “إيماناً منا بوحدة سوريا وسيادتها، فإننا نرى أن الحل المستدام يمر عبر دستور ديمقراطي يكرس ويعزز التنوع القومي والثقافي والديني، ويؤسس لدولة لا مركزية تضمن المشاركة الحقيقية لكافة المكونات في العملية السياسية والإدارية، بما ينسجم مع حرية المعتقد، والعدالة الاجتماعية، والحوكمة الرشيدة”.
ويرى “المشاركون أن الإعلان الدستوري الراهن لا يلبي تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة الإنسانية، مما يستدعي إعادة النظر فيه بما يضمن تشاركية أوسع وتمثيلاً عادلاً في المرحلة الانتقالية”.
ولفتوا إلى أن “تحقيق المصالحة الوطنية يتطلب إطلاق مسار فعلي للعدالة الانتقالية، يقوم على كشف الحقيقة، والمساءلة، وجبر الضرر، دون تمييز، وضمان عدم التكرار، بما يهيئ البيئة الملائمة لعودة آمنة وكريمة وطوعية للمهجرين، ورفض كافة أشكال التغيير الديمغرافي”.
وفي الوقت نفسه، شدد البيان على “أهمية الدور الفعال للمرأة والشباب والمجتمع المدني في قيادة عملية إعادة البناء، وترسيخ قيم السلم الأهلي، والحوار، ونبذ الكراهية، بما يعزز المشاركة الحقيقية في إدارة الدولة والمجتمع”، مشدداً على “أهمية إعادة النظر في التقسيمات الإدارية الحالية، بما ينسجم مع الواقع الديمغرافي والتنموي لسوريا، ويعكس الخصوصيات الجغرافية والتاريخية والثقافية للمجتمعات المحلية”.
ووفق البيان، فقد تطرق المؤتمر إلى اتفاقية (عبدي–الشرع) ومخرجات كونفرانس (وحدة الموقف الكردي)، مؤكداً على “الالتزام بها كخطوات بناءة نحو توافق وطني شامل، يعيد للسوريين ثقتهم بوطنهم ومستقبلهم المشترك، وفي سبيل التأسيس لمشروع وطني جامع، ينتشل سوريا من أزمتها الراهنة، يدعو الكونفرانس إلى عقد مؤتمر وطني سوري جامع وشامل، تشارك فيه مختلف القوى الوطنية والديمقراطية، بما يساهم في رسم الهوية الوطنية الحقيقية الجامعة لكل السوريات والسوريين”.
وختم: “تعبّر الوثيقة المنبثقة عن كونفرانس وحدة موقف مكونات إقليم شمال وشرق سوريا ومضامينها عن إرادة حرة، ووعي جماعي مشترك، وإصرار على بناء سوريا حرة وموحدة ديمقراطية، تعددية، لا مركزية، يسودها القانون، وتُصان فيها الكرامة الإنسانية، ويعيش فيها الجميع أحراراً ومتساوين”.
ترويج لمشروع الحكم اللامركزي
ويوم أمس، قال مصدر مطّلع لموقع تلفزيون سوريا إن “قسد” كثّفت خلال الأسابيع الماضية تحضيراتها لعقد المؤتمر، من خلال تنظيم سلسلة لقاءات جمعت مسؤوليها مع فعاليات مجتمعية وشيوخ ووجهاء العشائر الكردية والعربية، ولا سيما في محافظتي دير الزور والرقة، حيث ركّزت اللقاءات على توسيع قاعدة التأييد الشعبي لمطالب اللامركزية وربطها بكافة مكونات المنطقة.
وأوضح المصدر أن المؤتمر يندرج في إطار مساعٍ أوسع لـ”قسد” لطرح مشروع الإدارة الذاتية بوصفه “خياراً يعكس إرادة سكان شمال شرقي سوريا، ويعبّر عن تطلعات مختلف المكونات العرقية والدينية في المنطقة، سواء كانت كردية أو عربية أو سريانية وغيرها”، مشيراً إلى أن المؤتمر يهدف إلى “تحويل هذه المطالب إلى موقف موحّد يتم تقديمه على طاولة الحوار مع دمشق باسم كافة الأطياف المحلية”.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية