جدول المحتويات
«نبض الخليج»
تشهد مدينة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي أزمة حادة في مياه الشرب، حيث يواجه السكان انقطاعاً شبه تام للمياه الواردة من الشبكات العامة، ما اضطرهم إلى الاعتماد على صهاريج المياه بأسعار مرتفعة أثقلت كاهلهم.
وتفاقمت الأزمة بشكل كبير مع تراجع منسوب الآبار وتهالك شبكات التوزيع، وسط غياب حلول فاعلة من الجهات المعنية، الأمر الذي ينذر بتداعيات إنسانية ومعيشية أوسع مع زيادة الطلب على المياه، خصوصاً أن المدينة كانت إحدى وجهات النازحين من السويداء خلال الفترة الأخيرة.
ما أسباب الأزمة؟
أوضح رئيس المجلس البلدي في مدينة بصرى الشام، المهندس عبد الله المقداد، في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن المدينة تعاني أزمة مياه خانقة بعد جفاف أحد الآبار المغذية لمحطة ضخ المياه في بلدة صماد شرقي المدينة، والتي تغذي قسماً كبيراً من أحيائها.
وأضاف المقداد أن الآبار المتبقية داخل المدينة لا تكفي لتلبية الطلب المتزايد، خاصة بعد استقبال نحو 500 عائلة نازحة من محافظة السويداء مؤخراً، مشيراً إلى أن بعض الأحياء تحصل على كميات محدودة من المياه من الآبار المحلية، بينما أحياء أخرى لا يصلها سوى نحو متر مكعب واحد كل 20 يوماً، وهي كمية لا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات.
ولفت إلى تفاقم الأزمة نتيجة الانقطاعات الطويلة والمتكررة للتيار الكهربائي على خط المضخات الذي يغذي محطتي معربة وكحيل بالطاقة اللازمة لضخ المياه من المحطة الأخيرة إلى شبكة المياه العامة في بصرى الشام.
كما شدد على الحاجة الملحة لحفر بئرين جديدين على الأقل وربطهما بالشبكة العامة لمياه الشرب في المدينة، مبيناً أن تكلفة حفر البئر الواحد تبلغ نحو 600 مليون ليرة سورية.
التعديات عامل يفاقم المشكلة
فاقمت التعديات على طول خط جر المياه من محطة بلدة كحيل شرقي درعا إلى بصرى الشام، وعلى الخطوط الكهربائية التي تزود مضخات المياه بالتيار من قبل أصحاب الآبار الخاصة والمشاريع، من حدة الأزمة في المدينة، وذلك بحسب المقداد.
وبدوره، قال الناشط الإعلامي نضر الدوس في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، إن المخالفات تتضمن سرقة أجزاء من أنابيب المياه لتركيبها في مشاريع خاصة، إضافة إلى توصيلات غير قانونية تُجهد الشبكة وتتسبب في تسرب مستمر للمياه، فضلاً عن العبث بالخطوط الكهربائية التي تغذي المضخات، مما يؤدي إلى توقفها المتكرر ويزيد من تعقيد أزمة المياه في المدينة.
وتابع قائلاً: “يجب على الجهات المعنية التدخل بشكل عاجل لإزالة كافة التعديات عن خط إرواء كحيل، ومخالفة المتجاوزين بأقصى العقوبات، وفرض غرامات مالية كبيرة لتكون رادعاً لكل المخالفين”.
كما أوضح أن استمرار هذه التعديات لا يهدد فقط استقرار شبكة المياه، بل يعرض حياة آلاف السكان لخطر الانقطاع الكامل للمياه، خاصة في ظل الأوضاع المناخية الصعبة وارتفاع درجات الحرارة، مشدداً على ضرورة تنسيق الجهود بين الجهات الأمنية والخدمية لضمان حماية خطوط المياه وتأمين إيصالها بشكل مستدام إلى جميع أحياء المدينة والقرى المجاورة.
حلول بديلة باهظة الثمن
يلجأ أهالي المدينة إلى شراء صهاريج المياه من الآبار الخاصة بمبلغ يتراوح بين 150 و200 ألف ليرة سورية، ما يعادل تقريباً 15 – 20 دولاراً أميركياً، وهو مبلغ كبير مقارنة بمتوسط دخل العمال اليومي، ما يجعل الحصول على المياه عبئاً مالياً ثقيلاً يرهق ميزانيات الأسر.
وأفاد الدوس بأن الصهريج الواحد، الذي يبلغ حجمه 20 برميلاً، لا يكفي العائلة المؤلفة من خمسة أفراد سوى عشرة أيام، مما يضطرها إلى شراء صهريجين آخرين قبل نهاية الشهر، وهو ما يضاعف النفقات المخصصة للمياه ويجعلها تستحوذ على جزء كبير من ميزانية الأسرة على حساب احتياجات أساسية أخرى كالغذاء والدواء.
ومن جانبه، قال عماد الفارس، وهو أحد سكان المدينة، إن اشتراكه الأسبوعي للحصول على مياه الشرب في البناء الذي يسكنه ارتفع خلال اليومين الماضيين نتيجة تفاقم أزمة المياه وارتفاع أسعار صهاريج المياه الخاصة، إذ كان يدفع 60 ألف ليرة سورية ليصبح المبلغ 75 ألف ليرة.
ويعمل الفارس في الأعمال الحرة، ولا يتجاوز دخله الشهري مليون ليرة سورية لإعالة أسرة تتألف من ستة أفراد، في وقت تستهلك تكلفة إيجار المنزل نحو ثلث دخله الشهري، ما يزيد من الأعباء التي تثقل كاهله في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه العمال.
ويأمل أن تتحرك الجهات المعنية لاتخاذ خطوات جادة وسريعة لإصلاح شبكة المياه في المدينة وتحسين كفاءتها، ووضع آلية لضبط أسعار صهاريج المياه الخاصة وضمان وصول مياه الشرب بأسعار مناسبة لكافة الأهالي.
وفي ظل تفاقم الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار، يعلق الأهالي آمالهم على تحرك سريع من الجهات المعنية، مدعوماً بتعاون المجتمع المحلي، لضمان حقهم في الحصول على مياه شرب آمنة وبأسعار معقولة، قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة مستمرة ترهق حياة عشرات الآلاف من السكان.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية