جدول المحتويات
«نبض الخليج»
في بادرة جديدة على الساحة السورية المحررة، أطلق عدد من النشطاء مبادرة “أربعاء حمص” أمس الأربعاء، لتسليط الضوء على الموظفين المخلصين الذين يؤدون واجبهم رغم الصعوبات المعيشية، ولإحياء الهوية البصرية والثقافية لمدينة حمص.
واختُتمت مبادرة مؤتمر “أربعاء حمص” التي أطلقها “فريق ملهم التطوعي” في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء، بجمع أكثر من 13 مليون دولار، بهدف إعادة إعمار حمص، ودعم التعليم والصحة والبنى التحتية في المدينة، وفق ما أعلن منظمو الحملة.
وأُقيمت الفعالية في قصر جوليا دومنا بحمص القديمة، وخُصصت المبالغ التي تم جمعها من متبرعين داخل سوريا وخارجها، لإعادة إعمار المدارس وبناء مدارس جديدة، وإصلاح الآبار الجافة والمشافي. وقد شهدت حضوراً شعبياً واسعاً شاركت فيه شخصيات سياسية وعسكرية ووزراء وإعلاميون ومنظمات مجتمع مدني.
مدير المبادرة، رجل الأعمال محمد نور الأتاسي، قال في تصريحات خاصة لموقع “تلفزيون سوريا” إن الفكرة وُلدت بعد عودة فريق العمل إلى سوريا عقب التحرير.
وأوضح الأتاسي: “كنا قد نزحنا خلال سنوات الثورة وأغلقنا شركتنا في سوريا عام 2012 بعد أن تمت سرقتها من قبل نظام الأسد، وأسسنا نشاطنا في إسطنبول، لكن بعد التحرير شعرنا بضرورة إطلاق مشروع يعبّر عن هوية المدينة ويسلط الضوء على قيمها”.
أهداف المبادرة وفعالياتها
وعن أهداف مبادرة “أربعاء حمص”، أشار الأتاسي إلى أن المبادرة ليست مجرد فعالية محلية، بل خطوة أولى ستتكرر في بقية المحافظات، مضيفاً أن المبادرة “تسعى لإثبات الهوية الوطنية السورية الجديدة، وإبراز الموظف الكفء الذي بقي يخدم وطنه رغم تدني الرواتب التي قد لا تتجاوز 100 دولار، وظروف الحياة القاسية”.
وذكر أن اختيار المتطوعين كان على أساس الرغبة في العمل المجاني، حيث وصل عددهم إلى نحو 100 شخص من رجال أعمال وفنانين ومخرجين ومصممين وصحفيين ولوجستيين من مختلف المدن والطوائف السورية.
ولا تقتصر المبادرة على جمع التبرعات، بل تشمل تكريم 12 موظفاً يمثلون نموذج “الموظف الكفء” من مختلف القطاعات، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي واللوحات الطرقية، إضافة إلى تكريم مباشر خلال المؤتمر.
لماذا الأربعاء؟
ووفق الأتاسي، تولي المبادرة أهمية خاصة لإبراز الهوية الحمصية التي طُمست بفعل التهجير والدمار، موضحاً أن سبب اختيار الأربعاء كرمز للمبادرة يعود إلى دلالته التاريخية لدى الحماصنة، حيث هزموا المغول في معركتين.
كما ارتبطت المدينة تاريخياً بـ”جوليا دومنا” التي نقلت عبادة الإله الواحد إلى روما، فضلاً عن أن الأربعاء كان يوماً احتفالياً في تقاليد أعياد الربيع.
وأكد الأتاسي أن حمص كانت، حتى ما قبل الثورة، مدينة خالية من المتسولين بفضل ثقافة التكافل الاجتماعي، معبّراً عن أمله في استعادة هذه القيم عبر المبادرة.
وسيُعلن خلال المؤتمر عن تشكيل “مجلس أمناء” مكوّن من خمس شخصيات من وجهاء حمص، بينهم رجل علم وتاجر ووجيه من المحافظة ومندوب من المحافظة ومن فريق “ملهم التطوعي”، للإشراف على جمع التبرعات وصرفها في مشاريع تنموية للمدينة.
وأكد الأتاسي أن “حمص هي ميزان سوريا، مدينة التنوع، وإذا كانت بخير فسوريا بخير. هي عاصمة الثورة السورية وأكثر المدن التي دفعت ثمناً من أجل الحرية”.
صُنّاع “أربعاء حمص”.. من الرؤية إلى الصورة
في مبادرة “أربعاء حمص”، يعمل فريق متكامل على تعزيز هوية المدينة وتراثها الثقافي عبر التواصل الفعّال والإنتاج الفني المتنوع. يجمع الفريق بين إدارة العلاقات العامة وصناعة المحتوى المبدع لتسليط الضوء على حمص وتاريخها، مع التركيز على بناء انتماء وطني يعكس خصوصية المدينة.
كما يُشجّع الفريق المشاركة التطوعية ويوظف طاقات الشباب لإطلاق فعاليات توعوية وثقافية تساهم في إعادة إحياء روح حمص وتجديدها.
عبد الله الأقرع، الذي يتولى مهمة الإشراف وإدارة العمليات في المبادرة، يصف فكرة المؤتمر بأنها منصة تسلط الضوء على مدينة حمص عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال محتوى يعرّف بتاريخها وثقافتها وفولكلورها ومعالمها، مع تصحيح المعلومات المغلوطة عنها.
وأضاف الأقرع: “أردنا أن نبرز شخصيات حمصية بارزة مثل أم الشهيد عبد الباسط الساروت، وفدوى سليمان، وجوليا دومنا، وزنوبيا”، موضحاً أن “كل مادة نقدمها نصممها انطلاقاً من مصادر موثوقة مثل الجرائد، ونتعاون مع شخصيات معروفة لإنتاج فيديوهات ومحتوى متنوع يقدم نفس الفكرة بأكثر من صيغة”.
واعتبر الأقرع أن مشروع المبادرة “بُني كهويّة وطنية فرعية”، مؤكداً: “نريد أن نصدر صورة متألقة وبراقة لدرجة أن الناس تنتمي لها وتدافع عنها إذا حاول أحد تشويهها. هذه الهوية تبدأ من منتجات القهوة إلى الرقصة الحمصية والعراضة والفولكلور والأغنية، وتنتهي بالعلم السوري الذي يوحّد الجميع”.
من جانبها، قالت المتطوعة في المبادرة، بانة الخضراء، التي تتولى الإشراف على قسم الإنتاج والتصوير، إنها تطوعت بدافع حبها لمدينة حمص ورغبتها في ترك أثر ملموس في مدينتها، رغم صعوبة البدايات.
وفي حديثها لموقع “تلفزيون سوريا”، تؤكد الخضراء أن “الفريق، رغم كونه من المتطوعين، جمعته رؤية واحدة وهدف مشترك، فاستقطب أصحاب المواهب والخبرات من مجالات مختلفة، وفتح المجال أمام الجميع للمشاركة بالأفكار والعمل على أكثر من صعيد”.
وأشارت الخضراء إلى أن “أربعاء حمص ليس مجرد حدث أو فعالية، بل فرصة لإبراز المواهب المدفونة التي كانت تفتقر إلى بيئة حاضنة، ولخلق جسر بين الخبرات المختلفة من أجل توظيفها لصالح المدينة”، مؤكدة: “أحب حمص حتى في خرابها، وبعد التحرير اكتشفت أنني أحبها في كل الظروف. هي تشبهني وأنا أشبهها”.
مسرح حمص وُجد قبل القباني
وأشاد الفنان والممثل السوري نوار بلبل بجهود الشباب في مبادرة “أربعاء حمص”، معرباً عن أمله في أن تشهد حمص في المستقبل إنتاجاً مسرحياً ومهرجاناً دولياً.
وفي حديثه لموقع “تلفزيون سوريا”، أكد بلبل أن “هذه الأهداف ليست بعيدة المنال، وأن مسؤوليتها تقع على عاتق رؤوس الأموال الوطنية، وليس الدولة وحدها”.
وأشار بلبل إلى أن “المسرح في حمص وُجد قبل أبو خليل القباني، ويمكن أن يكون جزءاً من هوية المدينة، تماماً كالموسيقى والفنون والفعاليات الثقافية التي تعكس صورتها الحقيقية قبل أن تطمسها عقود من حكم البعث”.
“الموظف الكفء”
وضمن المكرّمين في فئة “الموظف الكفء” في مبادرة “أربعاء حمص”، برز اسم المهندسة المعمارية داليا عبد الصمد، التي تعمل في مديرية الأشغال بمدينة حمص منذ 15 عاماً.
وكانت صفحة المبادرة على وسائل التواصل الاجتماعي قد نشرت صورة لها مرفقة بتصميم يحمل عبارة: “انعرض عليّ كتير مناصب إدارية، بس فضّلت أبقى مع فريقي على الأرض”.
وعن تمسكها بالعمل الميداني، قالت عبد الصمد: “أشعر أنني أقدّم شيئاً حقيقياً يخدم بلدي”، مؤكدة أن “ليست كل المكافآت مادية، فالكلمة الطيبة من الناس في الشارع – مثل: يعطيكم العافية – تعني لنا الكثير”.
وفي حديثها لموقع “تلفزيون سوريا”، قالت عبد الصمد: “قطاع الأشغال في حمص بحاجة ماسة إلى دعم مالي”، موضحة: “حتى الآن، نعمل على المشاريع عبر التبرعات. نحن بحاجة إلى مضاعفة الجهود وتوسيع نطاق العمل”.
وفي رسالة إلى زملائها والجيل الجديد، أكدت المهندسة داليا عبد الصمد: “اعملوا حتى لو كان المردود معنوياً، فالأثر النفسي والاجتماعي لا يقل أهمية عن المادي”.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية