في كل مرحلة من حياتنا، يطلّ علينا من يتوهّمون أن وجودهم هو الذي يحرك عقارب الزمن، وأن الوطن ما كان لينهض خطوة واحدة لولا أصواتهم وضجيجهم. هؤلاء يشبهون “الديكة” التي تظن أن الشمس تشرق بفضل صياحها، متناسين أن الفجر يولد بقرارٍ إلهي لا علاقة له بحناجر جوفاء.
إن أخطر ما يواجه المجتمع اليوم هو أولئك الذين يعتاشون على الوهم، فيحسبون أن المناصب قد صنعت منهم قادة، وأن الميكروفونات منحتهم سلطة فوق العقول. يصدّقون كذبتهم فيسوقونها للناس، حتى يخيّل للبعض أن لا شروق إلا بهم، وأن لا مستقبل إلا تحت جناحهم.
لكن الحقيقة التي يجب أن تقال بوضوح: لا أنتم من تصنعون النهار، ولا أصواتكم تفتح أبواب الغد. الوطن لا يُبنى بالتصفيق ولا بالجعجعة، بل بالعمل الصادق الذي يقدّمه رجال لا يعرفون المساومة ولا يتسابقون على عدسات الكاميرات.
لتعلموا أن الشمس ستشرق كل صباح رغماً عنكم، وأن مسيرة هذا البلد ستستمر دون إذنٍ من أفواهكم. سيبقى الأردن أكبر من كل المتشدقين، وأقوى من كل من يحاول أن يختصره في شخصه أو يربطه بمصلحته.
فاصمتوا قليلاً، دعوا الناس تعمل، واتركوا التاريخ يكتب بمداد الإنجاز لا بضجيج الادعاء.