في كل مرحلة تمرّ بها الأوطان، يظهر المتربصون بوجوهٍ براقة وكلماتٍ منمّقة، يرفعون الشعارات ويُقسمون أن ولاءهم للوطن، لكن الحقيقة أنهم لا يرون فيه إلا نقطة انقضاض، وفرصةً للانزلاق نحو تحقيق مصالحهم الشخصية.
يتحدثون عن السيادة، بينما يقصدون بها سيادتهم هم، لا سيادة الوطن. يضعون مصالحهم في الواجهة، ويجعلون من حب الوطن ستارًا يخدعون به البسطاء، فإذا ما تمكّنوا، تكشّفت وجوههم الحقيقية، وأطلّت أنياب أطماعهم.
الوطن ليس سلّمًا يصعدون عليه، ولا غنيمةً يتقاسمونها. الوطن أمانة، والولاء له يعني أن نُقدّم مصلحته على مصالحنا، وأن نحفظه بعقولنا وسواعدنا، لا أن نحفر في جسده لنقتات من جراحه.
إنهم يظنون أن ذكاءهم يُمكّنهم من تمرير مخططاتهم، لكنّ التاريخ لا يرحم، والوعي الشعبي لا يُخدع طويلًا. فالمواقف كاشفة، والأزمات تمتحن الرجال، وهنا يُفاضَل بين من يخدم وطنه بصدق، ومن يتربص به طمعًا في مكانة أو مكسب.
فليعلم المتربصون أن الوطن باقٍ، وأن الزبد سيذهب جفاءً، وما ينفع الناس يمكث في الأرض.