جدول المحتويات
«نبض الخليج»
تشهد مدينة اللاذقية في الأشهر الأخيرة ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار إيجارات المساكن، وذلك مع زيادة عودة النازحين والمهجرين ليصبح تأمين منزل لائق أحد أكبر التحديات التي تواجه القادمين الجدد، وحتى القاطنين الأصليين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن متابعة موجة الأسعار المتصاعدة.
وقبل أشهر قليلة، كان متوسط الإيجارات في اللاذقية لا يتجاوز مليون ليرة سورية، مع توفر الكثير من العروض، لكن هذا الحال تغير مع بدء عودة المهجرين والنازحين إلى اللاذقية ووصل متوسط إيجار الشقة إلى ثلاثة وأربعة ملايين ليرة مع صعوبة تأمينها.
بقي زياد الأحمدي وهو من سكان المدينة لأكثر من شهرين يبحث عن شقة لعائلته بعد عودته من تركيا، وقال في حديث لموقع “تلفزيون سوريا”: “صدمت بأسعار الإيجارات هنا فكلما اقتربت من وسط المدينة ارتفعت الأسعار بشكل جنوني رغم أن هذه الأسعار لا تتناسب مع الخدمات وحالة المنازل التي نراها مقارنة بتركيا”.
وأضاف:” اضطررت أخيرا للتوجه إلى ضواحي المدينة واستأجرت منزلا بمبلغ مليون ونصف المليون ليرة مع دفعة أولية لمدة ستة أشهر رغم ضيق الأحوال. وختم قائلا:”هذه الأسعار لا تناسب الدخل هنا, يظنون أننا عائدون من الهجرة القسرية بأكياس من الأموال بينما الحال أننا عدنا لنبدأ حياتنا من جديد من الصفر”.
لماذا ارتفعت الأسعار؟
ويعزو محمد شاهين وهو صاحب مكتب عقاري في اللاذقية أزمة الإيجارات وارتفاع أسعارها إلى الطلب المتصاعد مع محدودية الرقعة الجغرافية للمدينة، وقلة المشاريع خلال السنوات الماضية ما خلق ضغطاً هائلاً على قطاع الإسكان، حيث فاق الطلب المعروض بدرجة كبيرة.
وأضاف أن هذا الأمر أدى إلى تحويل القطاع العقاري إلى سوق مضاربة حيث يستفيد ملاك العقارات من حالة الطلب المرتفع لرفع الأسعار بشكل عشوائي، دون وجود رقابة فعالة على الأسعار أو آلية تنظيم تعاقدية تحمي حقوق المستأجر.
وأشار شاهين إلى أن وجود عدد كبير من المغتربين السوريين في دول الخليج وأوروبا، والذين يمتلكون قدرة مالية أعلى، ساهم أيضا في رفع سقف التوقعات للملاك بحيث أصبح الكثيرون يطلبون إيجارات منازلهم بالدولار أو ما يعادله بالليرة السورية، مما جعل المنافسة على الشقق الفاخرة أو حتى المتوسطة مستحيلة على من يعتمدون على دخل بالليرة السورية.
يضاف إلى ذلك بحسب شاهين ندرة المواد الإنشائية وارتفاع كلفة البناء والوقود خلال السنوات الأخيرة ما أدى إلى شبه توقف مشاريع البناء السكني الجديدة التي من شأنها زيادة المعروض وتخفيف الضغط، مما عمق الأزمة.
شهادات من متضررين
يروي أحمد غندور وهو مدرس في اللاذقية لموقع “تلفزيون سوريا” معاناته مع رحلة البحث عن منزل للإيجار. وقال أحمد:”أبحث مع زوجتي عن شقة منذ أكثر من 6 أشهر. كل ما نعثر عليه إما غرفة وصالة بأسعار خيالية، أو يطلب المالك سداد عدة أشهر مقدمة. راتبي كاملاً لا يكفي لتأمين إيجار شقة متوسطة، ناهيك عن مصاريف الحياة. الأمر الذي دفعنا للعيش مع عائلتي في منزل واحد مكتظ.
هذا الواقع دفع آخرين مثل عبد الله استامبولي العائد من تركيا للتوجه إلى ريف المدينة واستئجار منزل بسعر مناسب لدخله. وقال عبد الله لموقع “تلفزيون سوريا”:”أعمل موظفا في المرفأ ودخلي لا يتجاوز 100 دولار، اضطر يوميا للتنقل بين الحفة واللاذقية فأجور المواصلات تبقى أقل من الأسعار التي يطلبونها في اللاذقية.
الآثار الاجتماعية والاقتصادية
ويرى الخبير الاقتصادي أحمد الغريب في حديث لموقع “تلفزيون سوريا” أن أزمة الإيجارات في المدن السورية الرئيسية بشكل عام ليست مجرد أزمة اقتصادية عابرة، بل هي مؤشر على خلل عميق في سياسات الإسكان وإعادة الإعمار.
وتدفع هذه الأزمة برأيه إلى تفاقم عدد من الظواهر الاجتماعية الخطيرة، أبرزها الاكتظاظ السكني وعودة ظاهرة العائلات الممتدة للعيش في منزل واحد.
وأكد أن حل هذه الأزمة يحتاج إلى تدخل عاجل ومنظم من قبل الحكومة السورية يشمل وضع سقوف للأسعار، وتشجيع استثمارات سكنية اجتماعية، وتنظيم السوق العقاري لحماية المستأجر من ناحية والملاك من ناحية أخرى في إطار عادل.
شارك هذا المقال
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية