جدول المحتويات
«نبض الخليج»
نفذ سائقو شاحنات في محافظات حمص وحماة وحلب إضراباً، اليوم الأحد 14 أيلول، احتجاجاً على قرارات وزارة النقل بإلغاء مكاتب الدور واستبدالها بشركات خاصة لتنظيم عمليات الشحن.
وطالب سائقون التقاهم موقع تلفزيون سوريا بإعادة تفعيل مكاتب الدور وساحات التبادل في جميع المعابر السورية باستثناء معابر الترانزيت، محذرين من أن القرارات الجديدة ستؤدي إلى احتكار النقل لصالح شركات كبرى وتهميش السائقين المستقلين.
وتجمع السائقون عند جسر المصفاة على الأوتوستراد الدولي حمص–طرطوس، إضافة إلى طريق حمص–السلمية، حيث رفعوا شعارات تطالب بإقالة وزير النقل ورئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية.
وتحدث عدد من السائقين المعتصمين للموقع عن تعرضهم لتهديد مباشر من عناصر أمنية في محاولة لثنيهم عن الاستمرار بالحراك، بينما دعا المنظمون زملائهم في باقي المحافظات للانضمام إلى الإضراب حتى الاستجابة لمطالبهم.
ما هو القرار؟
وبدأت وزارة النقل السورية بتاريخ 11 أيلول تطبيق تعميم جديد يُلزم جميع مالكي الشاحنات العامة، المسجلين على الدور المتسلسل أو الراغبين بالعمل عبر مكاتب نقل البضائع في حمص، بالانضمام إلى شركات متضامنة تضم خمسة شاحنات على الأقل.
وفرض التعميم على الشركاء تسمية الشركة وتعيين مدير لها، وإنشاء ختم رسمي خاص بها، وضمان أن تكون جميع رخص سير الشاحنات نظامية وسارية المفعول، كما أكدت الوزارة أن أي شاحنة لا تنضوي ضمن هذه الشركات لن يتم تسجيلها على الدور المتسلسل ولن تُمنح أي حمولة.
المكاتب وسيلة بيد السماسرة والوسطاء
ونقل موقع تلفزيون سوريا عن عدد من سائقي الشاحنات استياءهم الشديد من القرار الجديد، معتبرين أنه يُفاقم الأوضاع المتدهورة أصلاً في قطاع النقل ويزيد من معاناة العاملين فيه.
وقال أحد السائقين للموقع: “منذ صدور القرار عزمنا تنفيذ إضراب شامل في 14 أيلول والذي صادف اليوم الأحد، وقررنا قطع الطرقات في مناطق متعددة من البلاد، بدءاً من تحويلة حمص وصولاً إلى معبر نصيب، وكذلك في حلب والمرافئ، إذ لا يمكن القبول في هذا القرار، ولذلك فإن جميع السائقين شاركوا في التحرك”.
سائق آخر أوضح أن مشكلتهم الأساسية كانت مع ما يُعرف بـ مكاتب الدور، والتي كانت تنظّم توزيع الأحمال بين السائقين، لكنه قال إن هذه المكاتب تحولت إلى وسيلة بيد السماسرة والوسطاء.
وطالب السائق الذي رفض الكشف عن اسمه بإبقاء مكتب الدور على ما هو عليه، لأنه هو المخول الوحيد في تسجيل أسماء السائقين وتوزع الأدوار وضمان العدالة في توزيع الأحمال، فالدولة تضع التسعيرة الرسمية، ونحن نعمل ضمنها، لكن اليوم أصبحت الأمور مختلفة، فقد ظهرت شبكات من السماسرة في المرافئ”.
وقال: اضطررت مؤخراً لدفع ثلاثين دولاراً للحصول على حمولة من المرفأ، مع أن سعر التذكرة في مكتب الدور خمسة وخمسون ألف ليرة، أي ما يعادل خمسين إلى ستين دولاراً؛ ولذلك هذا فساد صريح.
القرار أجبر السائقين على تأسيس شركات
من جهة أخرى اعتبر أحد السائقين أن المشكلة اليوم ليست فقط بوجود السماسرة، بل إن وزارة النقل ألغت مكاتب الدور بشكل كامل، ثم أصدرت قراراً يُجبرنا على تأسيس شركات لا يقل عدد الشاحنات فيها عن خمس، هذا الشرط غير عادل على الإطلاق، لأنه يُقصي أصحاب الشاحنات الصغيرة الذين يملكون شاحنة واحدة أو اثنتين فقط. هؤلاء لن يستطيعوا الانضمام إلى شركات كبيرة، وبالتالي سيُحرمون من مصدر رزقهم”.
سائق آخر شدّد على أن هذه القرارات تُتخذ “دون دراسة كافية ودون معرفة بعواقبها”، مضيفاً: “كل قرار جديد يصدر بهذه الطريقة يضاعف من معاناة الناس، ويجعل آلاف السائقين يجلسون في بيوتهم بلا عمل، فنحن لا نرفض التنظيم، لكننا نرفض القرارات التي تضرّ بنا وتفتح أبواب الفساد أكثر مما تغلقها”.
وأجمع السائقون الذي تحدثوا لموقع تلفزيون سوريا على ضرورة إيصال صوتهم إلى وزارة النقل مباشرة، مطالبين بعدم العودة إلى السياسات القديمة التي أرهقت السائقين وأغرقت السوق بالفوضى، والإبقاء على مكاتب الدور مع إصلاحها وضبطها، والقضاء على السماسرة والفساد، لا أن يتم استبدالها بقرارات جديدة تضرّ أكثر مما تنفع.
وزير النقل يطلب اجتماعا طارئا
ورداً على المطالبات، تواصل موقع تلفزيون سوريا مع مدير الاتصال الحكومي في وزارة النقل، حسين العبد الله، الذي أكد على أن الوزارة تتابع قضية تنظيم عمل الشاحنات عن قرب.
وقال العبدالله: نعمل حالياً على وضع آلية متكاملة من خلال إطلاق منصة رقمية لتسجيل السائقين رسمياً ومنحهم التراخيص اللازمة، والهدف هو إدخال جميع العاملين في هذا القطاع ضمن إطار قانوني منظم، يوفّر لهم الحماية ويضمن شفافية العمل، ويمنع الفوضى والاحتكار.
وأوضح أن وزير النقل بدر يعرب طلب اليوم الأحد، عقد اجتماع طارئ مع أصحاب المصلحة للاستماع عن قرب لمطالبهم، إثر التطورات الحاصلة حاليا.
وبنفس الوقت تعمل الوزارة وفقاً لـ العبد الله على التنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى لمعالجة هذه المشكلة بما يضمن حقوق أصحاب الشاحنات والعدالة للجميع.
وأوضح أنّ وزارة النقل تهدف من قرارها الجديد “تحقيق المصلحة العامة، وحماية سوق العمل، وتأمين دخول قطاع النقل في المنافسات وفق الأنظمة الحديثة”.
أزمة “مكاتب الدور” وتهميش سائقي الشاحنات
وقبل نحو خمسة أشهر، كانت معاناة سائقي الشاحنات في سوريا تتركز على ما يُعرف بـ مكاتب تنظيم نقل البضائع أو “مكاتب الدور”، وهي الجهة المسؤولة عن تنظيم توزيع الأحمال بين الشاحنات بشكل عادل. لكن السائقين كانوا يشتكون آنذاك من تجاوزات واسعة يقوم بها عدد من كبار التجار، الذين تمكّنوا من إدخال شاحناتهم مباشرة إلى المرافئ وتحميل البضائع من دون الالتزام بالدور الرسمي.
أحد السائقين المنتسبين لمكتب دور اللاذقية قال لموقع تلفزيون سوريا في نيسان الماضي: “نحن ننتظر أياماً وأسابيع حتى يأتي دورنا لنقل حمولة، ومع ذلك تمر أمامنا شاحنات لا علاقة لها بالمكتب، تنقل البضائع مباشرة من المرفأ من دون أي انتظار. مكاتب الدور أُنشئت لتنظيم النقل بالعدل، لكننا اليوم مهمَّشون”.
مصادر من داخل المكاتب أكدت أن هذه التجاوزات باتت يومية، خصوصاً مع دخول شاحنات من خارج الدور ليلاً محمّلة بأوزان ضخمة تصل إلى 80 طناً، مستفيدة من توقف نقاط الوزن (القبّانات) في ساعات الليل.
المخاوف من إلغاء مكاتب الدور كانت حاضرة منذ ذلك الوقت، إذ حذّر السائقون من أن هذه المخالفات قد تكون تمهيداً لإلغاء المكاتب نهائياً، وتسليم قطاع النقل إلى السماسرة والمتنفذين، ما يعني ـ بحسب بيان وقّعه عدد منهم ـ “تسليم لقمة عيش عشرات آلاف العائلات ليد قلة من التجار والنافذين، وتحويل كل مكتب دور إلى مكتب خاص بيد شخص واحد”.
ما هي مكاتب تنظيم نقل البضائع؟
تُعدّ مكاتب تنظيم نقل البضائع جزءاً من البنية القانونية للنقل في سوريا، حيث تم إنشاؤها عام 1965 بقرار رسمي، لضبط توزيع الحمولات على الشاحنات ضمن ما يُعرف بنظام “الدور المتسلسل”.
ونصت القوانين والأنظمة الداخلية لتلك المكاتب على أن النقل يجب أن يتم حصراً من خلال هذه المكاتب، وتحت إشراف مراكز المراقبة، لضمان العدالة بين السائقين ومنع الاحتكار.
لكن ما يجري على أرض الواقع، وفقًا للسائقين، يشير إلى تقويض تدريجي لهذا النظام. وقال أحدهم لموقع تلفزيون سوريا: “نحن لا نطالب بالمستحيل، فقط نريد تطبيق النظام الذي أنشئت لأجله هذه المكاتب، وعدم السماح لأحد بتجاوزه”.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية