جدول المحتويات
«نبض الخليج»
شهدت منطقة سراقب بريف إدلب الشرقي افتتاح خمس مدارس جديدة بعد استكمال أعمال الترميم والتأهيل، وهي خطوة مهمة على طريق دعم القطاع التعليمي المتضرر قبيل انطلاق العام الدراسي الجديد 2025/2026.
وينظر أهالي المدينة بعين الإيجابية إلى الخطوة التي من شأنها أن تشكل فسحة أمل للطلاب الذين عادوا إلى سراقب ـ بأعدادٍ قليلة ـ بعد رحلة تهجير استمرت أكثر من 5 سنوات، وسط واقع إنساني متدهور، إذ دمّرت الحملة العسكرية معظم مدارس الريفين الجنوبي والشرقي لمحافظة إدلب، ويشكّل غياب المدارس عائقاً أمام عودة باقي المهجرين إلى المنطقة.
ويرى السكان في منطقة سراقب أن افتتاح المدارس الجديدة يخفف جزءاً من معاناتهم ويشجع باقي الأهالي إلى العودة إلى المدينة، لكن في الوقت ذاته تثار التساؤلات حول جاهزية بقية مدارس المنطقة، وإمكانية استيعابها للأعداد المتزايدة من التلاميذ، فهل ستنجح الخطط المعلنة في إعادة النهوض بالتعليم في إدلب؟ أم تبقى الإنجازات الحالية محدودة أمام حجم الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التعليمية؟
تحضيرات العام الدراسي
قالت مصادر مطلعة لموقع تلفزيون سوريا أن “الافتتاح يأتي ضمن جهود مديرية التربية في إدلب لتأمين بيئة تعليمية مناسبة للطلاب في المناطق الأكثر تضرراً جنوب وشرق المحافظة، كما أن الخطوة تندرج كذلك في إطار التحضيرات الجارية لاستقبال العام الدراسي الجديد، وتلبية احتياجات آلاف الطلاب في المدينة وريفها”.
وبحسب المصادر، فإن مديرية التربية في سباق مع الزمن لإنهاء أعمال الترميم والتأهيل لأكبر عدد ممكن من المدارس قبيل انطلاق العام الدراسي بعد أسبوعين تقريباً (بداية دوام المدارس في سوريا في 21 أيلول الجاري).
وتعتبر المدارس في منطقة سراقب الأكثر تضرراً في ريف إدلب الشرقي، حيث وقعت عشرات القرى والبلدات في الفترة ما بين العامين 2019 و2024 في مناطق العمليات العسكرية بين الفصائل العسكرية وقوات النظام المخلوع، والأخيرة كانت سبباً في دمار القسم الأكبر من المرافق الخدمية، ومن ضمنها المدارس، ففي بلدات جوباس والنيرب والترنبة وغيرها من القرى شرق الطريق الدولي حلب ـ دمشق (m5) جرى تدمير معظم المدارس بشكل شبه كامل، وفي بعض البلدات هناك حاجة لإعادة بنائها من جديد ولا يمكن ترميمها بسبب الأضرار البالغة التي لحقت بها.
النقص كبير
تضع محافظة إدلب مسألة ترميم المدراس المدمرة في قائمة المشاريع الأكثر إلحاحاً، وقد أعلن محافظ إدلب محمد عبد الرحمن، عن إطلاق حملة “الوفاء لإدلب”، الهادفة إلى جمع التبرعات على مستوى المحافظة، وجاء ذلك خلال اجتماع مع الفعاليات الرسمية والشعبية في مقر المحافظة، وتستهدف الحملة إعادة المهجرين من الخيام وبناء المشافي والمراكز الصحية والمدارس المتضررة في ريف إدلب الشرقي والجنوبي.
وسبق أن أطلقت محافظة إدلب حملة موسعة تحت شعار “العودة تبدأ من المدرسة”، تهدف إلى ترميم 90 مدرسة في 80 بلدة موزعة على أرياف معرة النعمان وخان شيخون وجبل الزاوية، إضافة إلى سراقب، والحملة تجري بدعم مباشر من المحافظة وبالتعاون مع مديرية التربية، في محاولة لسد العجز الكبير الذي يواجه القطاع التعليمي، والعجز المفترض في عدد المدارس الجاهزة للعام الدراسي القادم أحد أهم العوامل التي تؤخر عودة النازحين الى بلداتهم.
الكثير من العائلات التي التقاها موقع تلفزيون سوريا في منطقة المخيمات شمال غربي سوريا يشتكون من غياب المدارس الجاهزة لاستقبال أبنائهم، وبعضهم أجل عودته بالفعل وفضل البقاء في المخيمات ومدن النزوح بسبب توفر المدارس.
خارطة التدمير في المدارس
وبحسب إحصائيات أولية صادرة عن وزارة التربية، يبلغ عدد المدارس المدمرة نحو 8 آلاف مبنى، وقد تم تصنيفها على ثلاثة أنواع، وحصة إدلب الأكبر.
النوع الأول: يحتاج إلى إعادة تأهيل شاملة ويشمل حوالي 500 مدرسة.
النوع الثاني: يتطلّب صيانة ثقيلة، وعددها نحو 2000 مدرسة.
النوع الثالث: يحتاج إلى صيانة متوسطة، ويبلغ عددها قرابة 5500 مدرسة.
هذه الأرقام تكشف أن الطريق أمام إعادة تأهيل القطاع التعليمي ما يزال طويلاً وشاقاً، وأن افتتاح خمس مدارس في سراقب – رغم أهميته – لا يغطي سوى جزء بسيط من الحاجة الفعلية، والنقص الحاد في المدارس الجاهزة سيجبر آلاف الطلاب في القرى والمزارع الصغيرة على قطع مسافات طويلة إلى مراكز النواحي أو البلدات لتلقي التعليم.
بين الأمل والتساؤلات
يرى رئيس دائرة الإحصاء في مديرية تربية إدلب، حسن الإبراهيم، أن ترميم المدارس ليس فقط استعادة مبانٍ، بل استعادة أمل مجتمع كامل، لأن المدرسة هي المساحة الآمنة للتعلّم، ولها دور محوري في إعادة الاستقرار النفسي والاجتماعي للأطفال والأسر وعودة الأهالي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتفعيل وترميم المدارس، وفي حال عدم تفعيل مدرسة في البلدة قد يؤدي إلى النزوح العكسي والعودة إلى المخيمات.
يضيف الإبراهيم لموقع تلفزيون سوريا: “تعمل مديرية التربية في إدلب على تأهيل المدارس المتضررة بالتنسيق مع الشركاء بأولوية المواقع الأكثر حاجة حسب البلدات التي عاد سكانها إليها”.
وأشار الإبراهيم أن الحرب التي شنها نظام الأسد المخلوع على الشعب السوري ومقدراته تسببت بخروج مئات المباني التعليمية عن الخدمة، وفي محافظة إدلب بشكل عام وخصوصاً في المناطق الأكثر احتياجاً، مثل سراقب، معرة النعمان، خان شيخون وأريحا وجسر الشغور وفيها أكثر من 600 مدرسة.
يضيف “هناك 22 مدرسة مدمرة بشكل كامل وتحتاج إعادة بناء، و276 مدرسة مدمرة بشكل جزئي والمدارس السليمة إنشائياً ولا يوجد فيها دمار تحتاج إلى نوافذ وأبواب وتأهيل للمرافق”.
وأوضح أنه يتم العمل على تنفيذ مشاريع ترميم للمدارس لكنها لا تكفي لأن مشاريع الترميم تحتاج وقت للانتهاء فلذلك تلجأ مديرية التربية إلى الحلول البديلة مثل الدوام النصفي في المدارس الجاهزة أو تأمين كرفانة أو خيمة تعليمية ريثما يتم الانتهاء من ترميم المدارس على الرغم من النقص في الأثاث المدرسي والمقعد الدراسي للطالب.
وحول تأخير عودة النازحين بسبب دمار المدارس، قال الإبراهيم، إن غياب مبنى مدرسي آمن يقلّص رغبة العائلات بالنزوح بالعودة لأن التعليم للأطفال من أهم عوامل الاستقرار، والأهل يفضلون البقاء في مواقع توفر تعليم أبنائهم، ويضيف “أما من الجانب النفسي والاجتماعي: “المدرسة توفر شبكة حماية اجتماعية ودعم نفسي للأطفال؛ وغيابها يطيل أزمنة النزوح ويؤثر على استعادة الحياة الطبيعية”.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية