«نبض الخليج»
يشكل اتفاق وقف إطلاق النار وخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب بغزة، وعلى أبواب الذكرى السنوية لسقوط نظام بشار الأسد مناسبة لنقاش سبب أو أسباب عدم انخراط النظام في عراضة جبهة الإسناد لغزة التي فتحتها إيران وحلفاؤها من لبنان لسوريا وفق حقائق الأمور وطبائع الأشياء كما قيل في التنظير للأكذوبة المسماة وحدة الساحات لسنوات طويلة.
عن انخراط كل الجبهات بدول الطوق تحديداً في أي حرب مع إسرائيل للقضاء عليها نهائياً وإزالتها من الوجود. وبالسياق طبعاً، الإجابة على السؤال المهم، هل كانت الحرب فعلاً سبباً مباشراً لسقوط نظام الأسد رغم عدم انخراطه ومشاركته الفعلية فيها كما يزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في سياق تضخيم إنجازاته وتزوير التاريخ، والترويج لسقوط النظام كأحد الإنجازات التي حققها لتغيير وجه الشرق الأوسط بحسب تصريحه المتفاخر والمتغطرس وغير الدقيق، بالطبع لكون هزيمة إيران وأذرعها لا تعني أبداً أن سوريا الجديدة ستكون حليفة أو حتى متصالحة مع الدولة العبرية، وهذه المرحلة لم نصلها بعد حيث لا نزال في مربع تحديث اتفاق 1974 الامني، ، كما لا تعني إزالة القضية الفلسطينية عن جدول الأعمال أو تجاهل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في هضبة الجولان ومزارع شبعا التي لن تتنازل عنها سوريا الجديدة مع الانتباه إلى حقيقة إن إيران طارئة على الصراع العربي الإسرائيلي واستغلته بشكل سيئ وانتهازي لفرض هيمنتها وتمرير سياستها التوسعية والطائفية بالدول العربية.
تم ترويج صورته كسنوات باعتباره عضواً أصيلاً في محور المقاومة ومساندته والدفاع عنه، ومنع سقوطه بمزاعم الدفاع عن المقاومة والقضية الفلسطينية بوجه مؤامرة أممية متخيلة لا ثورة شعب عارمة ضده ثم تبييض صفحته بعودة معتذرة لحماس لم تستفد الحركة منها شيئاً.
إذاً، كان مصطلح وحدة الساحات قد ظهر إلى العلن بشكل كبير قبل حرب غزة بخمس سنوات تقريباً، وارتبط مباشرة بعودة القيادة المتنفذة بحركة حماس معتذرة إلى نظام الأسد، وتبييض صفحته مع حلف المقاومة المزعوم الذي يضم إيران وأذرعها وميليشياتها الطائفية وبأثر رجعي من الجرائم التي ارتكبها الحلف بشكل منهجي وعن سابق إصرار وترصد في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وهي الدول التي تبجحت إيران باحتلالها ضمن سعيها الاستعماري الطائفي لإقامة ما تسميه الإمبراطورية الفارسية.
استندت خلفية المصطلح على مقابلة عودة حماس وتغطية وتبييض المحور الطائفي بإطاره المقاوم المزعوم لا الإجرامي الطائفي التوسعي، بعدم سماح هذا الأخير باستفراد إسرائيل بالحركة والجبهة الفلسطينية كما حصل بخمس جولات قتال سابقة خلال العقدين الماضيين ومع الاستقطاب الداخلي الحاد في إسرائيل حول خطة الانقلاب القضائي وتزايد دعوات رفض الخدمة العسكرية بقدس أقداس جيش الاحتلال – الاستخبارات وسلاح الجو – بدأ الحشد الشعبي الإعلامي الناطق باسم محور المقاومة المزعوم بالحديث عن انتظار الفرصة لخوض حرب حاسمة وهزيمة إسرائيل الضعيفة والمنقسمة وزوالها نهائياً من الوجود.
وقعت الحرب في 7 تشرين أول/ أكتوبر 2023، ورغم معرفة إيران وحزب الله بالخطة وإبلاغهما قبل شهور طويلة لكون الاستعداد لها قد بدأ إثر معركة سيف القدس التي تركت فيها حماس فيها وحيداً وغاب أمين عام حزب الله السابق عن السمع خلال المعركة بحجة اصابته نزلة برد – مايو/ أيار 2021 –وبالتالي فخطاب الإنكار من قبل إيران والحزب وعدم معرفتهما بالخطة والحرب ليس صحيحاً أبداً.
فتح حزب الله باليوم التالي 8 تشرين أول/ أكتوبر جبهة إسناد استعراضية بوتيرة منخفضة رغم أن الطريق إلى تل أبيب كانت سالكة بالأيام الأولى بل حتى الأسبوع الأول حيث كانت إسرائيل تحت وقع الصدمة والجبهة الدعائية لم تسمن ولم تغنِ من جوع ولم تمنع إسرائيل من الاستفراد بغزة وتدميرها وإيقاع نكبة موصوفة فيها، ولم تمنع تدمير الجنوب اللبناني، ونقضت كل خطابات وتهديدات نصر الله والمحور السابقة. وجاءت أساساً لحفظ ماء الوجه إثر التنظير ولسنوات طويلة عن وحدة الساحات وإسرائيل الضعيفة، وانتظار الفرصة لمواجهتها وهزيمتها وإزالتها من الوجود
إذاً، في قصة وحدة الساحات كان يتم الحديث عن تفعيل الجبهات السورية و اللبنانية المتاخمة لفلسطين، ودخول آلاف بل عشرات ومئات الآلاف المقاتلين القادمين من العراق وحتى اليمن إلى فلسطين، والذي حصل فعلاً كان تحييد الجبهات المركزية في لبنان وسوريا، وتفعيل الجبهات البعيدة والهامشية والمساندة فعلاً قبل أن يتم إغلاق الجبهة العراقية بعد تهديد إيران بدفع الثمن إثر عمليات استعراضية ودعائية ضد القواعد الأميركية لا ضد إسرائيل نفسها رغم وجود عشرات آلاف المقاتلين من الميليشيات الطائفية في سوريا والجبهة الجنوبية تحديداً بينما جاءت جبهة اليمن أقرب لطريق التفافي على تطبيق وحدة الساحات ونجدة غزة بشكل جدي وفعال.
وبالعودة إلى نظام الأسد الذي تم الترويج لصورته لسنوات باعتباره عضواً أصيلاً في محور المقاومة ومساندته والدفاع عنه، ومنع سقوطه بمزاعم الدفاع عن المقاومة والقضية الفلسطينية بوجه مؤامرة أممية متخيلة لا ثورة شعب عارمة ضده ثم تبييض صفحته بعودة معتذرة لحماس لم تستفد الحركة منها شيئاً، مع التذكير بالصورة المهينة والمحرجة لتلك العودة، ورفض الساقط بشار استقبال مبعوث حماس خليل الحية منفرداً بل ضمن وفد للفصائل ترأسه زياد نخالة وخلفه الحية في الصورة الشهيرة والمهينة.
ورغم ذلك، وعند اندلاع الحرب لم يفتح الأسد جبهة الجولان، ولم يطلق رصاصة ولا حتى كلمة واحدة ولم يسمح ولو بتظاهرة يتيمة داعمة لغزة وفلسطين رغم تشدق النظام لسنوات وتبريره الاستبداد والقهر والقمع بمعركة فلسطين التي لا يجب أن يعلو الصوت عليها.
لم يحرك الأسد ساكناً رغم توالي وتصعيد الضربات والغارات والاغتيالات الإسرائيلية ضد قواعد وشخصيات إيرانية بذريعة استغلال حرب غزة لزيادة التموضع الاستراتيجي.
القرار الصدمة، والذي عجزت أبواق الحشد الشعبي الإعلامي عن مقاربته أو الدفاع عنه وتبريره جاء على خلفية تحذير إسرائيلي صارم بإسقاط النظام إذا ما فتح أو سمح بفتح جبهة الجولان لإيران وميليشياتها المنتشرة هناك وخضع الأسد كما إيران وذراعها الإقليمي في لبنان للتحذير بعدما مثل النظام وسوريا المفيدة الخاصة به
العمود الفقري للإمبراطورية “الساقطة” الممتدة من طهران إلى عاصمتها الحقيقية بضاحية بيروت الجنوبية مروراً ببغداد ودمشق.
إلى ذلك لم يحرك الأسد ساكناً رغم توالي وتصعيد الضربات والغارات والاغتيالات الإسرائيلية ضد قواعد وشخصيات إيرانية بذريعة استغلال حرب غزة لزيادة التموضع الاستراتيجي لا الوجود بحد ذاته دفاعاً عن نظام الأسد وهو الأمر الذى لم تمانعه إسرائيل منذ اندلاع الثورة. وأضفت الطابع الرسمي عليه عبر التفاهم مع روسيا إثر تدخلها لحماية النظام “وتأخير سقوطه الحتمي” بعدما عجزت إيران وميليشياتها عن ذلك.
بالعموم جاءت جبهة الإسناد، أقرب إلى الرياء والنفاق وحفظ ماء الوجه وكانت أقرب إلى رواية الجريمة والعقاب الشهيرة لإيران وحلفائها لا الأسد نفسه، ومن الإجحاف وَلَيِّ عنقِ الحقيقة، وتزوير التاريخ القول إن جبهة الإسناد وحرب غزة هي من أسقطت الأسد التي لم يشارك فيها لا برصاصة ولا حتى بكلمة وتظاهرة.
ومنهجياً وتاريخياً، سقط النظام يوم كسر الشعب السوري حاجز الخوف وحطم جدار الصمت ولحظة خط أطفال درعا، بأناملهم الرقيقة “يسقط الديكتاتور” وحتى منذ إحراق محمد بو عزيزي جسده الطاهر مسقطاً منظومة الاستبداد والفساد بالعالم العربي وفكرياً منذ اغتصاب حزب البعث وآل الأسد السلطة ضد المنطق والواقع وتاريخ سوريا العظيمة وشعبها الثائر دوماً. ثم جاءت معركة ردع العدوان كمحصلة وتعبير عن المعطيات والوقائع والحقائق السابقة مجتمعة.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية