«نبض الخليج»
يقول المثل: “كل الطرق تؤدي إلى روما”، ولكن تبين بأن هذه الطرق أطول بكثير مما هو متعارف عليه في الماضي، وذلك بحسب ما كشفته سلسلة خرائط رقمية جديدة نشرت يوم الخميس الفائت.
“لعبة ربط النقاط”
نشر أحدث كتاب خرائط لشبكات الطرق الرومانية القديمة قبل 25 عاماً، ومنذ ذلك الحين، وسعت التطورات في مجال التقانة وغيرها من المصادر التي تمكن العلماء من الوصول إليها من قدرة الباحثين على تحديد مواضع الطرق الأثرية.
فعلى مدار خمس سنين، بحث فريق من علماء الآثار في سجلات تاريخية ووثائق عتيقة، بحثاً عن مواضع لمعالم مهمة وغيرها من المعلومات التوثيقية الأخرى. ثم بحث العلماء عن مفاتيح للصور التي التقطتها الأقمار الصناعية وتلك التي صورت من الجو، وشملت صوراً جرت رقمنتها منذ فترة قريبة بعد أن التقطت من طائرات خلال الحرب العالمية الثانية.
ألمحت السرديات القديمة لوجود طرق خفية في منطقة معينة، ولهذا حلل الباحثون التضاريس من الأعلى ليرصدوا الآثار الخفية لتلك الطرق، وشملت تلك الآثار الفروقات الطفيفة في الغطاء النباتي، وتنوع التربة، والتفاوت في الارتفاع، بالإضافة إلى آثار الهندسة الأثرية المتمثلة ببقايا التلال المرتفعة أو سفوح المرتفعات التي شهدت أعمال حفر، وهكذا اكتشفوا مسار الطرقات الرومانية القديمة.
يحدثنا عن ذلك توم بروغمانز وهو عالم آثار وأحد من ألفوا الدارسة التي نشرتها مجلة Scientific Data، فيقول: “تحولت المسألة إلى لعبة كبيرة لربط النقاط وذلك على مستوى القارات”.
تفاصيل جديدة لطرقات عتيقة
تتوفر البيانات مع خريطة رقمية تفاعلية عبر الإنترنت أمام الباحثين وأساتذة التاريخ وكل من يهمه البحث في التاريخ القديم للحضارة الرومانية، فقد ركزت الأبحاث السابقة على “الطرقات الرئيسية التي أنشأتها الإمبراطورية الرومانية”، والمقصود بذلك كما أخبرنا بروغمانز هو: “الطرق الرئيسية الكبيرة التي ورد ذكر معظمها في السرديات التاريخية المعروفة”.
بيد أن الخريطة الجديدة تقدم تفاصيل أوفى حول معلومات بقيت غامضة، وعن ذلك يقول بروغمانز من جامعة آرهوس في الدنمارك: “تشبه الطرقات الفرعية الأزقة في الريف التي تربط بين القصور والمزارع”.
في السابق، أعلن الباحثون بأن طول الطرق الرومانية يصل إلى 188.555 كيلومتراً، بيد أن هذا البحث الجديد أثبت بأن طولها يصل إلى 300 ألف كيلومتر، وبأنها تشمل كامل أنحاء الإمبراطورية الرومانية، بما كان يسمح بسفر المرء من إسبانيا إلى سوريا.
وأضافت هذه الدراسة كثيراً من معارف علماء الآثار المتعلقة بالطرق القديمة الموجودة في شمالي أفريقيا، وفي سهول فرنسا، وفي شبه جزيرة البيلوبونيز باليونان.
يعلق على ذلك عالم الآثار بنجامين دوكيه من المعهد الألماني لعلوم الآثار في برلين، بعد مشاركته في هذا المشروع، فيقول: “لابد لهذا العمل أن يتحول إلى حجر أساس بالنسبة لكثير من الأبحاث الأخرى”.
ولكن ثمة شيء وحيد يحذر منه هذا الباحث، وهو أنه لم يتضح حتى الآن إن كانت هذه الطرق جميعها مفتوحة ونشطة في آن واحد.
غير أن القدرة على تخيل الطرق القديمة التي كان الفلاحون والجنود والدبلوماسيون الرومان يسلكونها مع من سواهم من المسافرين لابد أن تقدم فهماً أعمق للتوجهات التاريخية الأساسية التي قامت على تحركات السكان خلال العصور الرومانية بحسب رأي بروغمانز، ويشمل ذلك ظهور الديانة المسيحية في تلك المنطقة وتفشي الأوبئة في العصور القديمة.
ومن جامعة برشلونة المستقلة، أطل علينا عالم الآثار آدم بازوت الذي شارك في كتابة هذه الدراسة، ليقول: “خلف الرومان أثراً كبيراً من خلال شبكة الطرق هذه” كونها تعتبر أساساً لكثير من الطرق التي ماتزال مستخدمة حتى يومنا هذا، وأضاف بأن الإنجازات الهندسية الرومانية في بناء الطرق وصيانتها، والتي تشمل الجسور الحجرية المقنطرة والأنفاق التي تمر عبر المرتفعات، ماتزال ترسم معالم الجغرافيا والاقتصاد في منطقة البحر المتوسط وما يجاورها.
المصدر: The Daily Sabah
شارك هذا المقال
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية